في السابع عشر من هذا الشهر سوف تُجرى الإنتخابات الصهيونية ، بعض من الفلسطينيين المخلصين و الأصدقاء ينتقد و يتخوف من مشاركة الوسط الفلسطيني في تلك الإنتخابات ، و منهم من شطح بتهكمه ، هل سيحرروا فلسطين بتلك المشاركة و دخولهم البرلمان الصهيوني ؟ ، و فريق آخر شبه وجودهم في الكنيست كأصبع الروج يجمل شفاتاه ( إسرائيل) ، بإعطائها القيمة الإنسانية و الديمقراطية و حرية الرأي و المساواة لمن يعيش على تلك الأرض ، و رفع الصبغة العنصرية و الإجرامية عند ذبح أخوتهم بشن حرب قادمة عليهم ،لا شك فيه أن دولة هذا الكيان دولة إجرامية و عنصرية بإمتياز ، خارجة عن القانون الدولي و الأعراف الأخلاقية و الدينية ، فكل الأحزاب الصهيونية بدون إستثناء سيئة ، يريدون رمينا في البحر اذا حانت الفرصة لهم ، و لكن السياسة فن ممكن ، فالسؤال هل الوصول للكنيست يعزز عامل الصمود للشعب الفلسطيني و خاصة لأهلنا في الثمانية و أربعون ؟؟؟ ، فالصمود هو الركيزة الوحيدة و الرئة التي نتنفس بها لتحرير فلسطين ، حيث التحرير يأتي من مجموعة تراكمات على كل الأصعدة في جميع تواجد الفلسطينين على كل بقعة من هذا العالم ، في الشتات في القدس و داخل الثمانية أربعون و الضفة و القطاع ، و كل تكتل فلسطيني على هذه الأرض له خصوصيته وظروفه ، و لا يجوز في أي حال من الأحوال إسقاط تجربة أي تكتل منهم على الآخر، لأن لكل منهم تجربته و هموم إجتماعية مختلفة ، فقط مفهومة عند من يعيشها بنفسه ، و لكن الإطار الجامع لكل التكتلات الفلسطينية في الداخل و الخارج على الفطرة ، هو تقوية عوامل الصمود كل منا على طريقته، حتى نصل إلى تحرير فلسطين المتعثر و المحافظة على الكينونة الفلسطينية ، فالرصاصة التي تخترق الجسد و تستقر بين الأعصاب ، ليست مثل الرصاصة التي تطلق في السماء ، و ليست لها أي تأثير سوى الطحن بالهواء ، لأن من هو بالميدان هو من يملك البصيرة في نزع الحقوق الإجتماعية و الإقتصادية قبل السياسية ، من أجل الإستمرار بالبقاء على هذه الأرض ، للتاريخ فقط .. من شطب منظمة التحرير من قوائم الإرهاب العالمي في تسعينات القرن الماضي ليست المنظمة أو الدول العربية أو الأمم المتحدة ، بل أعضاء الكنيست الستة في تلك الحقبة الزمنية ، حيث كان هناك مفاوضات بين الأخ توفيق زياد و رفاقه مع اسحق رابين ، أدت الى تفاهمات ، بأن لا يمانع النواب العرب إعطاء الثقة لتشكيل الحكومة الصهيونية برئاسة الأخير ، مقابل رفع الطابع الإرهابي عن المنظمة من طرف الكيان الصهيوني في المحافل الدولية ، فكان لهم هذا، فما بالكم لو كان عدد أعضاء الكنيست بعد الإنتخابات القادمة بين ١٥ الى ١٧ عضواً، سيكون لهم بغير شك تأثير قوي فعال ، في أسو الحالات إنتزاع مزيداً من الحقوق الإجتماعية و الأقتصادية ، من أجل حياة كريمة من بناء مستشفى هنا و هناك ، و تطوير للبنية التحتية من رصف للشوارع ، و بناء للمدارس و المعاهد و توسيع المدن الفلسطينية ، وإنتزاع حقوق ضمان التكافل الإجتماعي ، و حصول الفرد الفلسطيني على مزيد من تلك المخصصات الإجتماعية ، حتى تزداد وتيرة قوة النسل الديمغرافية في الوسط الفلسطيني أمام هذا التطرف العنصري الصهيوني ، و تطويق لكثير من القوانين العنصرية التي تُسن لتهجير أهلنا إلى خارج هذه الأرض ، و تعريتهم أمام القانون الدولي ، مما هَدَى (بإسرائيل ) التفكير ألف مرة في سّن مثل تلك القوانين ، لذلك ندعو المخلصين في الداخل الفلسطيني و على رأسهم الشيخ الجليل رائد صلاح ، بما له من قيمة معنوية و ثقة عند شريحة كبيرة من الفلسطينين ، بالتكاثف مع أخوته لحشد مزيداً من الأصوات الفلسطينية للإدلاء بأصواتهم في تلك الإنتخابات ، لنزع مزيداً من مقاعد الكنيست من الأحزاب العنصرية ، و كل مقعد تحصل عليه القائمة الفلسطينية ، سوف ينضب بالمقابل مقعد آخر من تلك الأحزاب المتطرفة ، حتى لا يتجاوزوا نسبة الحسم الإنتخابي ، التي تبلغ ٣،٥ ٪ ، و التي سوف توقع كثير من تلك الأحزاب الصهيونية لعدم القدرة لدخول الكنيسيت ، خاصة من أراد رفع نسبة الحسم مثل ليبرمان و رفاقه نكاوة بفلسطيني الداخل ، حيث تذهب أصوات تلك الأحزاب الراسبة مباشرة إلى القوائم التي تعدت نسبة الحسم ، و تقسم حسب عدد المقاعد التي حصلت عليها كل قائمة ، حيث ستضيف مزيداً من المقاعد للقائمة الفلسطينية ، إذ أحسنا الأداء و المكر في ذلك المضمار ، فعدد سكان فلسطيني الداخل ١،٧ مليون من سكان تلك الدولة المارقة الذي يبلغ عددها ٨،٣ مليون نسمة ، و من يملك حق التصويت من أهلنا في الداخل ٨٢٥ الف مواطن فلسطيني ، حيث شارك في الإنتخابات الماضية ٥٦٪ من تلك الكتلة التصوتية الفلسطينية ، و رغم تواضع تلك المشاركة إستطاعوا إيصال ١١ عضواً للكنيست ، فمبا بالكم إذ إقتربت تلك المشاركة للصوت العربي الى ٨٠ - ٨٥٪ ، فبالتأكيد سوف تكون زلزال لهذا الكيان الصهيوني منذ تأسيسه لهذه الدولة المزعومة ، حيث ستخفف عنا عند حرب قادمة من قوة الضغط على من يكبس على زر تلك الحرب ، من سقوط الالآف من الفلسطينين الى العشرات و هذا بحد ذاته إنجاز لنا ، و أضف الى ذلك انتزاع مزيداً من الحقوق الأساسية ، التي بالتأكيد ستُقوي صمودهم و صمودنا أيضاً ، لأننا كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تتداعت له سائر الأعضاء بالسهر و الحمى ، فتقوية صمودنا هذا يقربنا أكثر إلى تحرير فلسطين ، لأن صراعنا مع هذا العدو صراع وجود و إرادات ، قد يمتد عشرات السنين ، لذلك يجب أن تكون هناك إستراتيجية فلسطينية عملية و فعالة ، لتقوية هذا الصمود للخمسين عام القادمة ، حيث يجب أن تكون مشاركة أخوتنا في الإنتخابات الصهيونية ، و دخولهم الكنيسيت ركيزة أساسية ضمن هذه الإستراتيجية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية