تتبارى الأحزاب اليمينية الإسرائيلية، بإبراز مواقفها المتشددة في مرحلة ما قبل الانتخابات، ولا تتورع بعض الأحزاب عن تقديم مواقف أحزاب أخرى منافسة، على أنها مواقف مائعة، وغير محددة، والهدف من وراء ذلك، نيل المزيد من الأصوات في تلك الانتخابات، وتحقيق أكبر قدر من عدد مقاعد " الكنيست ".
لعلّ المتابع لشؤون الانتخابات الإسرائيلية الراهنة، ولمواقف الكتل والأحزاب الإسرائيلية، من شأنه أن يكتشف مدى مقدار جنوح المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين، بل ويمين اليمين، إرضاءً لمزاج الشارع السياسي الإسرائيلي، دون مبالاة تذكر، لتحالفات إسرائيل، الإقليمية والدولية، حتى مع الحليف الأساسي والمركزي، الولايات المتحدة الأميركية.
تباعدت المواقف الإسرائيلية، مع مواقف الدول الأوروبية، وقد تبدّى ذلك واضحاً من خلال مواقف الاتحاد الأوروبي من سياسات إسرائيل، خاصة الاستيطان ومخالفتها لأبسط قواعد القانون الدولي. ومن خلال تقاربات ظاهرة وواضحة ما بين فلسطين وأوروبا بشكل عام، خاصة فيما يتعلق بمحكمة لاهاي الدولية.
إسرائيل تتمكن، من خلال سياساتها اليمينية المتطرفة، من رص صفوفها الداخلية، وإحكام اليمين، قبضته على شؤون السياسة والحكم في إسرائيل، لكنه لا يتمكن، بالوقت ذاته، من الحفاظ على توازنه الإقليمي والدولي في آن.
لعله بات من الواضح، أن حظوظ نتنياهو، في الانتخابات القادمة، كبيرة، ولا نبالغ قولاً بأن فترة ما بعد الانتخابات القادمة، ستشهد تراصاً أقوى مما سبق، لقوى اليمين الإسرائيلي، داخل الحكومة، لكنه بالوقت ذاته، ستشهد تلك الفترة، عزلة لإسرائيل، أكثر مما سبق، كما ستشهد العلاقات الفلسطينية ـ الأوروبية خاصة، والدولية عامة، تقاربات أوسع وأوضع مما سبق.
ستحاول إسرائيل، فرض وقائع ميدانية على الأرض، وتقديمها على أنها وقائع وحقائق، لكنها، ومن خلال ما ستشهده من عزلة، وابتعاد عن أبسط قواعد القانون الدولي.
اليمين الإسرائيلي، ومن خلال اعتداده بالقوة العسكرية، وقدرته على استخدام العنف الأقصى، وتحت غطاء أميركي واضح، ومن خلال استناده إلى مقولات توراتية وأسطورية، لا تصلح في عالم السياسة، اليوم، بات يمارس ممارسات فظة وفظيعة، تعمق من عزلة إسرائيل، وتضعها أمام المزيد من التحديات والصعوبات، التي بات بعضها مصيرياً ووجودياً بالنسبة لإسرائيل.
لعلّ أفظع ما قامت به إسرائيل مؤخراً، وعلى هامش الانتخابات، وإبراز مواقف التشدد والعدوانية، إعطاء المزيد من عطاءات بناء المستوطنات، خاصة في القدس ، وممارسة المزيد من إجراءات منع الحريات الدينية في القدس، وحجب أموال الفلسطينيين، عن الفلسطينيين، الأمر الذي أدانه الجميع، ووجدوا فيه أمراً منافياً لأبسط قواعد القانون والأخلاق.
ستحاول حكومة نتنياهو، الإبقاء على إجراء حجب الأموال، ومضايقة السلطة، الأمر الذي سيكون له آثاره الواضحة على السلطة ومؤسساتها، ما سيستدعي إجراءات فلسطينية مقابلة، ولن يكون هناك ضمانات لإعادة تلك الأموال، في مرحلة ما بعد الانتخابات.
هنالك مسؤوليات سياسية وأخلاقية، على الولايات المتحدة الأميركية، أولاً، فيما يتعلق بممارسة الضغط اللازم على إسرائيل، للإفراج عن الأموال الفلسطينية، وإعادتها للفلسطينيين، وهو أمر لا يحتاج إلى اجتهادات خاصة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية