شهدت القاهرة، في الأيام الأخيرة، حراكاً موسعاً ونشطاً حول الملفات الفلسطينية، سواء تلك المتعلقة بالتفاهمات أو التهدئة، أو تلك التي تتناول المسائل المرتبطة بالمصالحة، وربما تناولت هذه الأنشطة والتحركات صفقة القرن .
هذه الأنشطة غير المعهودة كانت بحضور وفد من حركة «فتح» بقيادة عزام الأحمد، ومشاركة آخرين، كان يمكن لمشاركة رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج أن تمنح هذه الفعاليات أبعاداً مختلفة عن السياقات السابقة، ورغم أن بعض وسائل الإعلام، وتصريحات بعض المسؤولين، كانت قد تحدثت أن ماجد فرج كان في زيارة إلى واشنطن حول ملف «صفقة القرن»، إلا أن جملة المداولات اللاحقة، أكدت أن مشاركته تأتي في سياق ملفي المصالحة والتهدئة، خاصة أن الموقف الفلسطيني الرسمي إزاء تلك «الصفقة» لم يتغير، بل زاد تعزيزاً وثقة، كما أن مشاركة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حركة « حماس »، موسى أبو مرزوق واجتماعه مع قيادات جهاز المخابرات العامة المصرية ورئيسها الوزير عباس كامل ، من شأنه أن يضفي على النشاط المصري المزيد من الإصرار والفعالية نحو حلحلة الموقف الفلسطيني إزاء ملفي المصالحة والتهدئة، وبينما كان وفد المخابرات المصرية، أرجأ الحضور إلى قطاع غزة ، عدة مرات خلال الفترة الأخيرة، إلا أن وصوله إلى القطاع واجتماعه مع حركة «حماس» والفصائل، ثم عودته واجتماعه مع الرئيس عباس في رام الله ، تشير إلى أن «فترة الصمت» السابقة كانت أكثر سخونة وهي تعالج وتتناول من خلال مباحثات غير معلنة، إمكانية تجاوز الخلافات الفلسطينية الداخلية، والتطورات الأخيرة تعكس تقدماً ملحوظاً، إزاء نجاح المخابرات المصرية في «تدوير زوايا» المعيقات والعقبات، وما تسرب عن تفاهمات فلسطينية داخلية، برعاية مصرية حول جملة من القضايا الحساسة، مثل عودة وزراء الحكومة إلى قطاع غزة، مع دعوة الرئيس عباس الإطار القيادي المؤقت والذي يضم الأمناء العامّين للفصائل، لبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية، مع إصدار مرسوم رئاسي بإجراء انتخابات شاملة، الأمر الذي يوحي بأن القاهرة تضغط على الطرفين من أجل إزالة كل العقبات التي أدت إلى فشل التوصل إلى نهاية للانقسام الفلسطيني، وأن القاهرة، كانت أكثر حضوراً بينما كانت ترجئ زيارة وفد المخابرات إلى رام الله وغزة طوال الفترة الماضية.
ولعل وصول الوفد الأمني المصري إلى قطاع غزة إثر إقدام إسرائيل على اغتيال أحد المقاومين من حركة «حماس»، كان من شأنه أن يجعل هذه الزيارة في سياق منع التدحرج نحو تصعيد يؤدي إلى حرب واسعة، إلا أن ما نقله الجانب المصري إلى حركة «حماس» والفصائل عن التزام إسرائيل بالمرحلة الثانية من التفاهمات يشير إلى أن هناك تقدماً تم التوصل إليه أثناء مرحلة «الصمت المصري»، كإدخال الأدوية والمساعدات الطبية والشروع في إنجاز المستشفى الميداني، وإعادة المزيد من مراكب الصيد المحتجزة وإدخال مراكب جديدة، ورفع عدد تصاريح التجار والعمال، وإدخال المواد مزدوجة الاستخدام، مع زيادة عدد الشاحنات التي يتم إدخالها إلى القطاع، مع متابعة دخول الأموال القطرية ومتابعة ملف خط كهرباء 161، كل ذلك يشير إلى أن هناك تجاوزاً لإشكالات عديدة أحاطت بملف التهدئة. إلا أن ذلك سيبقى رهناً بوفاء الدولة العبرية بالالتزامات والاستحقاقات التي يتوجب الوفاء بها!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية