2014/09/18
29-TRIAL-
إثر النكسة المريرة عام 1967 على أمتنا العربية التي خطّطت لها الولايات المتحدة ونفذتها إسرائيل بالهجوم المباغت على الجمهورية العربية المتحدة بعد ان أمدّتها بأحدث الأسلحة وأقامت جسراً جوياً لتزويدها بها مع تعويضها ما تخسره، كما دعمتها لوجستياً واستخباراتياً من خلال سفنية التجسس “ليبرتي”، ممّا مكّن الجيش الإسرائيلي من شلّ فاعلية جيش مصر وسلاحه الجوي ومحاصرة فِرَقِه العسكرية في صحراء سيناء. انتقلت بعدها إلى الجبهتين السورية والأردنية وتمّ احتلال سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة .
سعت الولايات المتحدة من وراء ذلك لتحقيق جملة من الأهداف لتمكنها من فرض هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط، والحيلولة دون تدخل الاتحاد السوفيتي في المعركة لتقديم الدعم للجيش المصري:
1- شلّ قدرات وقوة جيش مصر الذي بدأ يشكّل تهديداً حقيقياً لإسرائيل.
2- إجبار مصر على الانسحاب والخروج من اليمن الذي تشكل ثورته خطراً داهماً على الدول المجاورة وتعزّز استقرار اليمن واستقلاله.
3- وقف المد القومي الذي يشكل خطراً على انظمة قائمة ويهدد بزوالها.
4- الحد من المخططات الاقتصادية التي تهدف إلى الإسراع في عمليات التنمية والتصنيع المدني والعسكري والتقدم التكنولوجي وذلك عن طريق الحصار وعدم التمويل أو تقديم القروض من قبل البنك الدولي.
5- الحد من النفوذ السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في حوض البحر المتوسط، الذي تعتبره الولايات المتحدة والغرب منطقة مغلقة لها، وأيضاً الحفاظ على المصالح الغربية في أفريقيا، حيث تعتبر مصر باباً رئيسياً للولوج إلى أفريقيا.
6- الحفاظ على الكيان الإسرائيلي وقوته العسكرية ليبقى عاملاً مسيطراً في المنطقة.
7- إضعاف مصر وما يمثله عبد الناصر من رمزية قومية مؤثرة.
بالرغم من كل ذلك تمكنت مصر من إعادة بناء قواتها العسكرية بدعم وتسليح الاتحاد السوفيتي ودول شقيقة وصديقة، وتحصين جبهتيها الأمامية والداخلية أثناء حرب الاستنزاف التي أقلقت العدو الإسرائيلي والدوائر الغربية، فجاء مشروع روجرز الذي وافقت عليه مصر واستغلته لتقوية خطوطها الدفاعية وعمقها الاستراتيجي بالصواريخ السوفيتية التي وقفت حاجزاً وسداً منيعاً امام غارات الطيران الحربي الإسرائيلي الذي كانت مدن القنال هدفاً لغارات الطيران الإسرائيلي، مما ادى إلى نزوح السكان إلى الداخل، ولكن بوفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970 لم تكمل مصر خطتها لاسترداد الأرض المحتلة ودحر الجيش الإسرائيلي، حتى شهر اكتوبر عام 1973 عندما تمكن جيش مصر من عبور القناة وتدمير خط بارليف، متقدماً داخل سيناء لتحريرها، لكن الولايات المتحدة في عهد نيكسون ووزير خارجيته كيسنجر زودت الجيش الإسرائيلي بأسلحة حديثة مكنته بقيادة شارون من فتح ثغرة في الجبهة المصرية، وعبور منطقة دفرسوار بقوات إسرائيلية جعلت مصر تقبل بوقف إطلاق النار ممّا أخلّ بالتوازن العسكري على الجبهة السورية الشريكة بعد تحقيق الانتصارات.
انساقت القيادة السياسية المصرية برئاسة انور السادات إلى تسوية طرحها هنري كيسنجر لوقف القتال على الجبهتين المصرية والسورية واعتبر ذلك خسارة للجيش المصري بعد ان حطم خط بارليف ووصل إلى ما يزيد عن 10 كم في عمق سيناء. وعقدت اتفاقية كامب ديفيد التي أبعدت مصر عن حلبة الصراع لفترة طويلة.
اليوم، نعيش انتصاراً حققه شعبنا الفلسطيني في غزة الباسلة، بالرغم ممّا قدمه شعبنا من تضحيات إنسانية ومادية، وقد ثبت للعدو فشله في احتلال قطاع غزة وتدمير الأنفاق ومنصات الصواريخ وقتل أولئك الرجال البواسل الذين دافعوا بشراسة وإيمان وأفشلوا محاولات الجيش الإسرائيلي من دخول القطاع الصامد وأجبروه على الاندحار مهزوماً بالرغم من الدمار الذي ألحقته طائرات العدو الإسرائيلي ومدافعه التي دمرت آلاف المباني والوحدات السكنية والمستشفيات ودور العبادة والمدارس، وقدم شعبنا آلاف الشهداء والجرحى.
لقد أحدثت هذه الهزيمة آثاراً نفسية في الجيش الإسرائيلي، كما دفعت الآلاف إلى الرحيل من إسرائيل، كما انها تركت آثاراً نفسية من الخوف والتردد لدى الطبقة الحاكمة والأحزاب السياسية، وسنشاهد في القريب العاجل بعون الله آثار هذه النتائج التي خلفتها انتصارات المقاومة الفلسطينية. 19
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية