صحيفة : 22 عائلة سورية لاجئة في غزة.. أخرجونا من هنا

عائلات سورية

غزة / سوا / انتشر أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية والعربية شريط فيديو من سبع دقائق أعده الصحافي «الغزي» الشاب سامي مشتهى، وطرح خلاله سؤالاً واحداً على عشرات الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة يقول: «غزة قررت استقبال مليون سوري على أرضها، فما رأيك؟».

وجاءت إجابات الأطفال مفاجئة تعكس دراية ولو محدودة بالشأن السوري وما يتعرض له السوريون، وما يواجهونه أثناء سيرهم على «طريق الآلام» لتحقيق الآمال «في الجنة الموعودة» في أوروبا.

وأجاب طفل «غزي» على السؤال: «سنعيش في الشوارع ونترك لهم منازلنا»، فيما أضاف آخر: «ليأتوا إلى هنا أفضل من أن يموتوا». وزادت أخرى: «خلّوهم ييجوا، حرام يضلو (يبقون) في البرد ويعيشوا على الرمال». وقال طفل يبيع على بسطة صغيرة وابتسامة على شفتيه، إن «الأرزاق على الله». وأضاف صاحب الوجه الأسمر الحزين: «إحنا لازم نراعي ظروفهم لأن عندهم حرب».

وأثار ترحيب أطفال غزة بقدوم مليون لاجئ سوري الى القطاع إعجابَ «الغزيين»، لما أظهره الأطفال من نخوة وعروبة، وأيضاً معرفتهم ببعض تفاصيل جحيم السوريين في وطنهم وخارجه. كما انهالت تعليقات فلسطينيين وسوريين وعرب على حسابات الذين تشاركوا الفيديو، وكلها يتحدث عن النخوة وكرم الضيافة المعروف عن الفلسطينيين، خصوصاً «الغزيين» المطحونين بين الاحتلال الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني، فيما يفتك بهم الفقر والبطالة.

غير أن الفيديو حرك مشاعر الحزن والغضب لدى 22 عائلة سورية تعيش في القطاع، ولا يتجاوز عدد أفرادها 50 فرداً يتمنى السواد الأعظم منهم مغادرة القطاع هرباً من لامبالاة السلطة والحكومة الفلسطينية وحركة « حماس » التي تحكم القطاع، وعدم الاهتمام بأوضاعهم البائسة.

وعلى رغم أن شريط الفيديو أثار إعجاب رئيس «جمعية العائلة السورية» المؤسسة حديثاً وريف حميدو (36 عاما)، إذ وجه الشكر «لأطفال غزة وأهلها الكرام على تعاطفهم مع إخوتهم السوريين»، إلا أنه فجر لديه غضباً داخلياً دفيناً، فقال في مقابلة أجرتها معه «الحياة» في مطعمه «سوريانا» في غزة: «موقف أطفال غزة سيسجله التاريخ السوري بأحرف من ذهب».

وبمرارة وغصة في الحلق، تساءل حميدو، الذي تزوج من فلسطينية تعرف إليها قبل عامين، إن كان أهل غزة يعلمون بوجود «22 عائلة سورية الأصل فقط تفتقد أبسط مقومات الحياة... وأن فلسطين بحكومتها وقياداتها لم تستطع تأمين سكن أو إيجار منازل وعقود عمل وتأمين صحي لهؤلاء السوريين».

كما تساءل الشاب الوسيم الأشقر الشعر: «هل يعلمون أن أربعة سوريين فقط يعملون في القطاع الخاص في قطاع غزة، أما الآخرون فهم عاطلون من العمل! هل يعلمون أنه تم تشغيل السوريين بعقود لمدة ستة أشهر فقط، وانهم يتلقون الراتب مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر». وزاد: «هل يعلم أهل غزة أن بعض السوريين يحتاج الى وثائق وجوازات سفر ولو لسفرة واحدة؟ هل يعلمون أن السوريين أصبحوا خبراً عادياً في الإعلام الفلسطيني والعربي؟ هل يعلمون أن سيدة سورية فارقت الحياة في مستشفى الشفاء لأنها لم تستطيع مغادرة القطاع للعلاج في الخارج؟ وهل يعلمون أن إيجار أقل منزل في غزة هو 200 دولار شهرياً والدفع مسبق لثلاثة أشهر».

وتابع حميدو المتحدر من مدينة حلب وعمل أجيراً في أحد مطاعم غزة قبل أن يصبح شريكاً، وقبل أن يفتتح مطعمه الخاص: «هل يعلمون أن السوريين يعيشون من تبرعات بعض الجمعيات الخيرية، علماً أن الوارد شحيح جداً، وأن الطلاب السوريين فقدوا مستقبلهم بسبب غلاء الرسوم في الجامعات الفلسطينية، وعدم حصولهم على أي إعفاء من أي جهة كانت!».

وبكلام نابع من قلب محروق، واصل حميدو اندفاعه في الحديث مثل بندقية سريعة الطلقات: «هل يعلمون أن الأطفال السوريين في غزة بحاجة الى دعم نفسي وحياة كريمة؟ وأن الفلسطينيين العائدين من سورية تقدم لهم (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) أونروا مساعدات شهرية نقدية، بينما لا تعترف بالسوريي الأصل على رغم أنهم يعانون أكثر من سكان القطاع نظراً لعدم وجود أي أقارب أو معيل لهم، أو حتى فرع للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين؟» التابعة للأمم المتحدة.

وكان حميدو وصديقه أنس، الذي فضل عدم ذكر اسم عائلته، وبقية السوريين وصلوا إلى القطاع عام 2013 في عهد الرئيس المصري «الإخواني» محمد مرسي. وقال أنس لـ «الحياة» إنه لا ينسى أبداً لحظة وصوله الى القطاع عند الساعة الواحدة وخمسة دقائق من ظهر يوم الثامن من أيار (مايو) عام 2013 عندما خرج من فوهة نفق من أنفاق التهريب في مدينة رفح الفلسطينية.

ولفت حميدو الى أنهم ناشدوا جميع المعنيين والمسؤولين في «حماس» والسلطة الفلسطينية «لكن لا حياة لمن تنادي». وختم قائلاً إن «لسان حال السوريين ودعاءهم اليومي بات يقول: اللهم أخرجنا من قطاع غزة كما أخرجت نبي الله يونس من بطن الحوت».

نقلا عن صحيفة الحياة اللندنية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد