عبر مراحل تطورها، عبر أكثر من عشرين عاماً مضت، شهدت الساحة الفلسطينية، تموجات ومواقف متعددة ومتناقضة، إزاء السلطة الوطنية. 
البعض وجد بها مكسباً وطنياً، وتتويجاً لكفاح وطني تحرري، منذ العام 1965، وبعضهم عارضها، واعتبر اتفاق أوسلو، عملاً خيانياً لا يمكن التعامل معه، أو التعاطي مع نتائجه، وبالتالي لم يشارك بتلك السلطة، لا من قريب أو بعيد، وبالتالي رفض العودة، على ما هو متاح من أرض الوطن، والعبور تحت العلم الإسرائيلي، أو حمل جواز، تقره إسرائيل وتتعاطى معه. 
وآخرون رفضوا الاتفاق، ولا يزالون، ولم يجدوا في السلطة الوطنية، مكسباً وطنياً، لكنهم ومع ذلك، حملوا الجواز الصادر «وفقاً لاتفاق أوسلو»، بل وسَعَوا لحمل جواز دبلوماسي.. وقاموا بالمزاحمة، لشغل مراتب عليا في السلطة... وعبر مراحل التطور، تلك، خرج علينا بشعارات حل السلطة، بعضهم من نادى بالتدرّج في الحل، ومنهم من نادى بحلها، على جناح السرعة، وتحميل الاحتلال مسؤوليات احتلاله.
إذا عدنا للتاريخ المعاصر والقريب، يمكننا القول، وبموضوعية ودقة، إن هذه السلطة، ليست نبتاً شيطانياً، تفاجأنا به... السلطة جاءت عبر مسار طويل، 1965ـ1993، وخلاله سقط شهداء بآلاف عديدة، بعضها فلسطيني ـ عربي، وبعضها الآخر فلسطيني ـ إسرائيلي. وعبر هذا المسار الطويل، تطور الفكر السياسي الفلسطيني، وتعمّق عبر أتون الصراع... بدءاً من برنامج النقاط العشر 1974، وحتى هجوم السلام الفلسطيني 1988، جاءت اتفاقية اوسلو، وتم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، بعدما كانت في نظر إسرائيل «منظمة ارهابية» تحظر الاتصال بها، أو التعاطي معها.
شعار «حل السلطة»، يأتي خارجاً عن نص التطور والصراع، الذي عاشته م.ت.ف، ومن ثم التوقيع على اتفاق اوسلو، والاتفاقات كافة.
ما شهدته التطورات، منذ التوقيع على اتفاقية اوسلو، وحتى الآن، كثير وغني ومتنوع... كان من أبرز التطورات، التصادم الفلسطيني ـ الإسرائيلي، في مرحلة ما بعد مفاوضات كامب ديفيد، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبرعاية أميركية... عندها اتخذت إسرائيل، سياسة معادية لـ م.ت.ف، وقامت باجتياح المدن الفلسطينية، وحصار المقاطعة، وكأنه لا اتفاق بيننا وبين الإسرائيليين. 
تمكنت م.ت.ف، بقيادة الرئيس ياسر عرفات، من الصمود وبالتالي الحفاظ على السلطة الوطنية الفلسطينية. 
تمكنت السلطة، رغماً عن الملاحظات المحيطة بها، من فساد وضعف بنيوي حكومي، وغيرها من ملاحظات، من بلورة المفهوم المؤسساتي للكيانية السياسية الفلسطينية، عبر الوزارات والمديريات والبلديات وغيرها.
كما تمكنت من إحياء وتنشيط المدن الفلسطينية، التي أصبحت بحق مدناً مزدهرة، تحمل الأمل الفلسطيني في وطن سعيد، تنعم به الأجيال القادمة، بالسلام والسعادة والرخاء.. وبفضل مستثمرين فلسطينيين وطنيين، تم بناء ضواح، وتجمعات سكنية، تضاهي التجمعات الإسرائيلية، مثل روابي.
الدعوة لحل السلطة، هي دعوة، تتنافى مع التطور السياسي لـ م.ت.ف، وتحميل إسرائيل مسؤولية احتلالها، يأتي عبر وسائل أخرى، غير حل السلطة الوطنية.
حل السلطة هو تفريط بجهود فلسطينية، طال أمدها، بل وتنكر لنضالات وتضحيات م.ت.ف، عبر مسارها الطويل.
من الممكن تدفيع إسرائيل مسؤوليات عدوانها، ومسؤوليات استيطانها، عبر وسائل جدية، غير وسيلة حل السلطة!!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد