في عالم الفيسبوك نشر قبل أيام صورة تظهر فيها مركبة تحمل لوحة حمراء وهي تنقل أغناما، فقام الفيسبوك ولم يقعد، وبدأ الطخ على "الكيبورد" ؛ على كافة مواقع التواصل الاجتماعي، لتنتقل العدوى الى المواقع الإلكترونية التي تبحث عن الإثارة، التي تسعى للحصول على الأكثر مشاهدة من الحصول الإعلانات التجارية باعتبارها مصدر دخل أساسيا لها. بالتأكيد أنا ضد هدر المال العام لاستخدامات شخصية، ومع المحاسبة والمساءلة لمن يثبت تورطه في أي قضية كانت صغيرة أم كبيرة. وبالماضي كتبت الكثير حول هذه المواضيع لدرجة تحدثت عن مصروفات موكب بعض الشخصيات المتمثلة في حراساته سيارتين بالإضافة لسيارته، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك شخصيات لو كانت وحدها تقود سيارتها لن يتعرف على شخصيتها الكثير من المواطنين.
لنتفق بالبداية أن المساءلة المجتمعية حق لكل مواطن، ولنتفق أيضاً أن هناك فرقا كبيرا بين النقد البناء وبين الهدم من أجل الهدم دون البحث عن الحقيقة، أنا مع رفع صوتنا عالياً ضد انتهاكات القانون، لكن وأنت ترفع صوتك عليك أن لا تقتل الحقيقة.. عليك أن لا تتحدث بكلمة حق يراد بها باطل، علينا أن لا نطلق النار على أقدام من يعملون ويجتهدون... علينا أن نتعلم كيف ومتى وأين ولماذا نرفع صوتنا؟ دون أن يكون هناك أي خلل يضر بالمصلحة العامة المجتمعية. بمعنى لماذا لا نتأكد من المعلومة؟ وهل هذه المعلومة التي جاءت لنا من خلال شخص أو وسيلة إعلامية هدفها المعلومة والحقيقة أم هناك مصالح تقف خلف هذه المعلومة؟!
أخطر ما في المعلومة الناقصة بأنه يتم نسج وتأليف باقي المعلومة كل حسب مصلحته، وتلك المصالح متنوعة ما بين نقل الحقيقة حتى ولو كانت ناقصة الى الحاق الضرر في الإطار العام، ولا شك أن لدى البعض روح السذاجة ولا يهتم بمعرفة الحقيقة وغير مستعد للبحث عنها يكتفي فقط بنقل الحدث كما شاهدته عين الكاميرا ليجعل من الأمر كونه فقط حدث عجيب، غريب، ممتع، إثارة، مفرح، محزن، أو يكتفي بأنه صاحب المشهد المشهور للحصول هو أيضاً على الشهرة ومكاسبها.
بطبيعتنا البشرية نحن نبحث عن الأشياء والأحداث غير الاعتيادية، كالقاعدة الصحافية التي تعلمتها في أولى المحاضرات بالجامعة" رجل عض كلبا أم كلب عض رجلا". الأحداث غير الاعتيادية تجعلنا نتعامل معها أيضاً بردة فعل غير اعتيادية فننساق لها دون تفكير ولو للحظات بسيطة حول ما لا نراه خلف الصورة التي نراها. وهذا ما حدث بالتمام والكمال مع صورة السيارة الحكومية والأغنام، فتم فتح النار بواسطة الإعلام الإلكتروني المتنافسة على خبر الإثارة دون التحقق من ما وراء الخبر. وبعد فترة قصيرة ظهر ما وراء الخبر بمعنى ما وراء الصورة التي تم تداولها، بطريقة رسمية من جهات الإختصاص، وبعد ذلك من صاحبة المسؤولية التي يقف لها الجميع بكل حب وتقدير على عطائها الدائم مع كل من يستحق فعل الخير لأن هذا أقل الواجب كجهة رسمية لا تسعى لإطعام السمك وإنما تعليم كيفية اصطياده كجزء بسيط من التنمية المستدامة.
بعد معرفة الحقيقة، هناك من لا يقتنع بها ويبقى في الدائرة الأولى التي رسمت له من البداية، وهناك من لا يقتنع بها ويبقى في الدائرة الأولى التي رسمت له مع قيامه بتوسيعها أكبر وأكبر بقصص خيالية تعزز وهم الصورة بحيث يتم تكذيب الرواية التي تقف خلف الصورة، ويبرر ذلك بالصورة النمطية للسيارات الحكومية، أو يبرر ذلك بأن هذه الرواية مفبركة من أجل عدم مساءلة ومحاسبة الشخص الذي يتحمل المسؤولية، وهناك من يقتنع، وهناك من يقتنع لكنه يعشق المزايدة فقط من أجل إبراز ذاته كونه هو فقط من يمتلك الحلول السحرية التي لا يراها المسؤول " يعني ما في سيارة نقل عند السلطة!!" " يعني كان جابوا الغنم من نفس البلد اللي بعيش فيها العيلة المستورة" " يعني هذا الغنم راح يحل مشكلة العيلة؟!" " مش لو طلعوا الغنم مع تكسي أحسن!".
في النهاية أقول قد نخطئ ونحن نحاول القيام بعملية المساءلة المجتمعية، لكن هذا الخطأ لا يجب أن يكون الرصاصة التي تقتل كل فرد يعمل وينتج للصالح العام، هناك العديد من عمليات المساءلة التي يجب أن تتم لمن يستحق المساءلة وهو يهدر المال العام أمام أعين الجميع ولم أجد أي كاميرا تلاحقه ولو حتى بالصدفة، والأغرب من هذا كله هو أن تلك العائلة لم يدق بابها بعد أي شخص ممن أطلقوا النيران على الغنم والسيارة ليقوم بمساعدتهم بعد معرفته أين كانت تتجه السيارة!.
للتواصل:
بريد الكتروني mehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية