بعد الكشف عن جريمة مقتل المسنة سميحة عوض الله في مخيم جباليا وإلقاء القبض على الجاني والتي أثارت الرأي العام في قطاع غزة ، جاءت قضية اختفاء الطفلة خلود هاشم من مدينة غزة لتشغل الرأي العام مرة أخرى و تثير الرعب والهلع بين الناس خاصة الأمهات والأطفال و الفتيات لحد أن بعض منهن أصبحن يحملن سكاكين في حقائبهن أو ما يسمى لدينا بالعامية " الموس" وبعضهن فكر في البحث و اقتناء عصا كهربائية وغيرها من وسائل الدفاع عن النفس.
فوضى الشائعات و انتشارها أو نشرها نساهم به و نطعن بقيمنا وأخلاقنا، ولم يعد أي إحترام لمفاهيم أصول الإختلاف الوطني والسياسي والاجتماعي، ولم تعد لدينا قواعد ومعايير أمينة وحدود للخلاف والاختلاف، فنحن نشن على أنفسنا حربا قاسية من التشهير والتشويه، ولم تعد لدينا أي قيمة في إحترام المجتمع من خلال تزوير المعلومات وتشويه الشخصية الفلسطينية وضميرها الجمعي، وبث الخوف والرعب في المجتمع.
الحال في غزة الشائعات هي مصدر للمعلومات، فالفلسطينيون لا يحصلون على معلوماتهم من مصادرها الأساسية، في ظل إنكار دائم من المسؤولين حول ما يجري من كارثة إجتماعية و حال الناس البائس و إنتشار الجرائم والمخدرات والأمراض والتفسخ الاجتماعي جراء المشكلات الاجتماعية المتفاقمة والفقر والبطالة وعدم القدرة على مواجهتها وعلاجها بمشاركة الجميع وعدم تحميل المسؤوليات لبعضنا، مع أن المسؤولية الاولى والأخيرة تقع على عاتق الحكومة و المسؤولين عن حال البلد.
الغزيون لا يعلمون حقيقة كثير من القضايا والمواقف، وما يعنيهم أن الأجهزة الامنية و الشرطة يجب أن تقوم بدورها ويسود الامن وينتظروا أن يطلعهم أي من المسؤولين في الحكومة خاصة من الشرطة بصراحة عن المعلومات التي تتحدث عن ذلك بشفافية، وعدم الهروب خلف شعارات الحصار والانقسام والصبر والصمود وان مجتمعنا خال من الجرائم والقدرة على مواجهة ما يجري ببساطة وانها حوادث فردية، صحيح ان المجتمعات تمر بأزمات وتقع فيها جرائم وفوضى لكن يجب ان نتحلى بالشجاعة والاعتراف بالواقع البائس والكارثة التي نعيشها.
على الشرطة أن لا تكتفي بالنفي وانتظار العثور على الجناة لتقوم بالإعلان او العثور على الطفلة المختفية، وتتوعد مثير الشائعات، عليها أن تطمئن الناس من البداية وتتواصل معهم باستمرار ولا تتركهم للشائعات والخوف ولا تسمح بتسريب نتائج التحقيق الاولية التي يتسابق المسؤولين وبعض المقربين منهم بتسريب نتائج التحقيق لإثبات قدرة الاجهزة الامنية والشرطة على كشف الجناة، كما هو دورها في الكشف عن الجناة دورها ايضا في احباط الجرائم.
للقضاء على الجرائم و الشائعات يكون من حق المواطنين الحصول على المعلومات أمر ضروري ومهم، ومن الناس انتظار نتائج التحقيق، ما يعزز من ثقافة الشفافية والمكاشفة لدى المسؤولين سواء فيما يتعلق بقضاياهم المصيرية أو اليومية الداخلية، وتوعية أولئك المسؤولين على مدى أهمية تمكين الناس من الحق في الحصول على المعلومات بسهولة.
نحن لا نعيش غربة عدم المعرفة بل حال الإنكار ومحاولة طمس الحقيقة مع اننا جميعنا منشغلون بشؤون الآخرين، من خلال مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، جميعنا من دون استثناء حتى جارنا البعيد صاحب البسطة في سوق البلد، وينشر كل ما يخطر في باله عن حال الناس، إننا نعيش فضول الحصول على المعلومات وما يحقق رغباتنا ورغبات الآخرين، في معرفة ما يدور حولنا، وما يدور في العالم البعيد القريب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية