في ظل هذه الظروف المليئة بالمتناقضات خصوصاً ونحن نعيش في هذا الزمن البلاستيكي والقلوب البلاستيكية ليس من السهل على الإنسان أن يستذكر شخصية قيادية نادرة على مر الزمان لها بصمة واضحة في مجال العمل النضالي والإنساني والسياسي، كيف ولو كانت تلك الشخصية الشهيد ياسر عرفات المبتدع الأول والاهم لنظرية غصن الزيتون والاتصال المباشر والحركة المستمرة، فبعد وفاة الرئيس عرفات والمصائب تحل علينا داخليا وخارجيا وعلى كل المستويات، وشعبنا يبحث عن مخرج لهذه المصائب بعد أن أصبحنا في عنق الزجاجة وعدونا يتفرج على حالنا بل يستكثر علينا حتى عنق الزجاجة لأنه يريد الفناء للشعب الفلسطيني.
تعالوا نفكر سويا في أوضاعنا الفلسطينية السياسية المرتبطة بالوضع العربي والإقليمي، فالكل نائم وترك المجال أمام اسرائيل لتمرير مخططاتها الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني أمام ناظرينا دون أي رادع دولي يمنعها من أي عمل خارج الاتفاقيات والقرارات الدولية التي أصبحت حبرا على ورق، وأصبحنا شهاد زور على ضياع القدس وباقي الضفة الغربية وحصار غزة وتدميرها عبر الحروب المتتالية، وأصبحنا نلهث خلف أمريكا أم المصائب على أمل انصاف القضية الفلسطينية واحقاق الحقوق لأصحابها وبانتظار مبادراتها للسلام، وهكذا تمر السنوات ونحن ننتظر المهدي المنتظر ليخرجنا من الظلمات الى النور، وجميع رؤساء العالم خبراء في الضحك علي الذقون وخاصة دقن أوباما ومن يشبههم ويتبعهم، ولا نستغرب من تصريح السيدة الاولى في الثورة الافريقية زوجة الرئيس الراحل نلسون مانديلا بأنها لا تصدق ان العالم يعيش في العام ٢٠١٥ وفلسطين لم تتحرر.
أما الحديث عن أوضاعنا الداخلية فحدث بلا حرج في ظل تصاعد الشكوك وفقدان الثقة، لدينا مقاومة شريفة وطاهرة ولكن مشكلتنا في قياداتنا وقدرتها على الاستثمار السياسي، وكثيرون يحاولون بعث الروح النضالية للشعب الفلسطيني التي بدأت تتلاشى مع استحداث ثقافة اليأس والخوف من المستقبل المجهول وازدياد قوة اسرائيل ونفوذها في المنطقة، وما عاد هناك أي أمل لنا كفلسطينيين من أحد في العالم ليقف بجانبنا في مقاومتنا المشروعة أو ينقذنا مما نحن فيه, لا دولياً ولا عربياً ولا حتى في محيطنا الإسلامي، وما عادت هناك أي دولة عربية على استعداد أن تواجه اسرائيل حتى بالكلام، ويبقى الانقسام سيفا مسلطا على رقاب الشعب مع فقدان النوايا الحسنة من أجل المصلحة العليا.
وليس غريبا مع كل هذه الاحداث التي يمر بها شعبنا أن نستذكر ياسر عرفات ونترحم عليه، فقد كان عرفات شخصية قيادية تتمتع بحدس قوي وفراسة نادرة ويمتلك الحلول لكل المعجزات المصطنعة، لقد كان الاب والاخ والصديق والابن المخلص لفلسطين والقوة والرمز، ولما قتلوه أصلا، وعندما نفترض شخصية عرفات القادم لأنه المخرج وباب الأمل لما نراه من انسداد لأي أفق يخرجنا إلى النور الساطع وتغيير أحوالنا تغيراً جذريا ًنحو الأفضل وحتى نكون أهلاً للنصر القادم، وكيف للعروبة ان تلد كعرفات، فنحن بأمس الحاجة له في هذه الاوقات ليخلصنا من القهر وانعدام العدالة، هل من عرفات قادم يخلصنا مما نحن فيه اليوم ؟! لنا الله وحفظ لنا رئيسنا محمود عباس فهو ملاذنا الأخير .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية