يعتبر غاز غزة الصندوق الاسود الذي يحتوي على الكثير من الاسرار الخفية و فتح توقيع السلطة الوطنية الفلسطينية على اتفاق لشراء الغاز من إسرائيل المجال للعديد من التساؤلات حول غاز غزة الذي تم اكتشافه في نهاية عام 1999 و منحت السلطة الوطنية الفلسطينية الحق الحصري لصندوق الاستثمار الفلسطيني ومجموعة من الشركاء في التنقيب عن الغاز قرابة شواطئ غزة، وتضم المجموعة شركتي (BG) British Gas Group واتحاد المقاولين (CCC) , وبموجب الاتفاق مع السلطة يملك صندوق الاستثمار الفلسطيني 10% من المشروع وتملك شركة (BG) ما نسبته 60% ، في حين تملك شركة (CCC) ما نسبته 30%.
وفي عــام 2000، اكتشفت مجموعة المطورين ما يزيد عن 30 مليار متر مكعب من الغـــاز الطبيعي في حقلين، الأول: غــزة البحـري (Gaza Marine-1) وهو الحقل الأكبر ويقع بالكامل ضمن المياه الإقليمية الفلسطينية وتقدر كميات الغاز المكتشف فيه بـ 28 مليار متر مكعب. أمّا الثاني فهو الحقل الحدودي (Border Field) وهو الأصـغر حجمـاً (Gaza Marine-2) حيث تقدر كميات الغاز فيه بحوالى 3 مليار متر مكعب ويعتبر الحقل امتدادا لحقل Noa South الواقع في المياه الإقليمية الإسرائيلية , وبحسب التوقعات في حينه فسيبلغ مجموع العوائد المالية لخزينة السلطة الوطنية من وراء تطوير المشروع حوالي 2 مليار دولار أمريكي على مدار 15 – 18 عاماً والتي هي عمر المشروع.
وبعد مرور 15 عام على اكتشاف حقول غاز غزة وانتهاء مدة المشروع المفترضة دون تحقيق أي جدوى أو عوائد مالية , قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بتوقيع اتفاقية لشراء الغاز من إسرائيل و لمدة 20 عام , وهذا يتنافى و يتعارض مع تصريحات سابقة لرئيس الحكومة الفلسطينية د. رامي الحمدالله , حيث أنة وبتاريخ 9/11/2013 صرح بأن السلطة الوطنية الفلسطينية ستكون دولة منتجة ومصدرة للغاز بحلول العام 2017.
إن الاستثمار المتعطل في حقول غاز غزة على مدار 15 عام كان من المفترض أن يحقق نهضة حقيقة في كافة مناحي الحياة في قطاع غزة , من خلال تحقيق عوائد مالية ضخمة ستساهم في حل الأزمات المالية التي تتعرض لها السلطة الوطنية الفلسطينية والتخلص من الابتزاز المالي الإسرائيلي المستمر و التحرر من الهيمنة الإسرائيلية على مصادر الطاقة في قطاع غزة و الضفة الغربية , و المساهمة في حل مشكلة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزة على مدار 9 سنوات وذلك من خلال تشغيل محطة توليد الكهرباء على الغاز الفلسطيني مما سيؤدي إلى انخفاض ثمن الكهرباء وينعكس بشكل إيجابي على كافة المواطنين و على كافة القطاعات الاقتصادية و الإنتاجية , و المساهمة في حل مشكلة البطالة المرتفعة في قطاع غزة من خلال توفير العديد من فرص العمل المستدامة , و دفع عجلة التنمية الاقتصادية وفتح المجال أمام العديد من الاستثمارات في قطاعات مختلفة.
وتسعى إسرائيل وبكافة الطرق للسيطرة على كافة الموارد الفلسطينية بما فيها غاز غزة من أجل فرض سيطرتها وهيمنتها على القرارات الفلسطينية وعدم وصول الفلسطينيين إلى مشاريع تنموية تحررهم من التبعية الاقتصادية و المالية لإسرائيل.
وهذا ما أكده البروفيسور(Michel Chossudovsky) أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية في بحث تم نشرة بتاريخ 5/5/2011 حيث فجر مفاجأة من العيار الثقيل و أكد بالبراهين القاطعة على أن حرب عام 2008 على قطاع غزة كانت من أجل تأمين احتياجات إسرائيل من الغاز الطبيعي الموجود بكميات ضخمة للغاية قبالة سواحل قطاع غزة على البحر المتوسط.
وبتاريخ 11/7/2014 كشفت صحيفة غارديان البريطانية بأن آبار الغاز الطبيعي قبالة سواحل غزة هي الدافع الحقيقي لشن عدوان إسرائيلي على قطاع غزة , حيث تسعى إسرائيل منذ سنوات للسيطرة على الغاز الفلسطيني.
وأعادت الصحيفة التذكير بتصريحات وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون قبل حرب 2008 بعام ، والتى أظهرت قلق تل أبيب من أن يطور الفلسطينيون مصادر الغاز الخاصة بهم وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تحول اقتصادي قد يزيد من النفوذ الفلسطيني بصورة جوهرية.
ويبقى حلم تنفيذ المشروع مرهون بإنهاء الانقسام الفلسطيني بشكل حقيقى و توفير دعم سياسي دولي و عربي للضغط على إسرائيل للسماح بتنفيذ المشروع .
وفى النهاية يوجد العديد من التساؤلات مطروحة برسم الاجابة أمام أصحاب القرار الفلسطيني :
· لماذا نشترى الغاز من إسرائيل ونحن نمتلك مليارات الامتار المكعبة في حقولنا؟
· إلى متى سوف يبقى الصندوق الاسود مغلق؟
· كيف نكون أصحاب أبار الغاز ونحصل على 10% من حقوق عوائد الملكية؟
· هل يعقل أن نمتلك حقول للغاز الطبيعي ونعاني من أزمة غاز وكهرباء؟
· كيف أصبحت إسرائيل وخلال سنوات قليلة من مستوردة للغاز إلى مصدرة له؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية