وكالة سوا الإخبارية

اذا أردت أن لا تتحمل أي مسؤولية تجاه حدث أو قضية ما، فما عليك سوى أن تقذفها على شخص آخر ربما لم يسمع عن الحدث ذاته، وربما شاءت الأقدار بأن يكون عابر طريق في ملف ما اشتبك ملفه بملف القضية صدفة. لنتفق من البداية بأن الفعل الأولي هو أساس الأفعال القادمة، مثل أعمدة أي مبنى هي أساس الأعمال جميعها، فنسبة عمق حفرة الأساس مع نوع الصخرة التي سيتم الاستناد عليها وكمية الإسمنت والحديد من أهم أفعال البدايات لحماية المبنى من السقوط، فلن يتحمل الكهربائي مسؤولية سقوط المبنى بسبب وضعه إنارة فوق كل باب من أبواب الشقق السكنية بداخل المبنى!!
كوارث الموت المختلفة_ التي يقشعر لها الأبدان_ التي تحدث في مجتمعنا، تذهلنا لدرجة تجعلنا نتحدث مع أنفسنا في اليقظة وبالحلم. ونبدأ بعملية ندب لدرجة تصل مرحلة أن "نتفشش" ببعضنا البعض في العالم الحقيقي المتمثل بالمقاهي.. البيت.. العمل... الشارع، وفي العالم الافتراضي من "فيسبوك" ومشتقاته لتصل مرحلة اصطدام مع الآراء التي لا تعجبنا؛ أو التي نختلف معها بسبب معارضتها مصالحنا الشخصية وليس العامة، أو نريد الانتقام من شخص ما مثل الجمل إن وقع كثُرت سكاكينه دون الحصول على تفاصيل ماذا حدث؟ يحدث؟ سبب؟ نتائج؟
مخطئ من يعتقد بأن الحوادث تحدث فقط في فلسطين، لكن مخطئ أكثر من يعتقد بأن الأمور تحت السيطرة هنا في فلسطين، كثير من المقالات التي حذرت أنا وكتّاب رأي بأكثر من مناسبة بأن حالة الفوضى وربما التيه المجتمعي في عملية البناء ستؤدي الى حوادث بأشكال مختلفة متكررة ضحيتها المواطن الفلسطيني أولاً وأخيراً، لن أذكر الكوارث التي صعقتنا خلال السنوات الماضية القريبة فقط والمتنوعة من غرق، قتل، خنق، صعقة كهربائية، حرق، خطأ طبي، الإصابات من أسلحة ومفرقعات نارية، تسمم... الخ. وفي كل حادث نهبُّ هبوب العاصفة المليئة بمشاعر الحزن والغضب البركاني الثائر الذي يريد صهر كل ما سيواجهه، وبعد هذا كله ننتقل الى حياتنا العادية غير مكترثين بما حدث ونستعد لما سيحدث وقد تحدث معنا المصيبة!! وننسى الضحية/ الضحايا التي كنّا نريد معرفة من يتحمل مسؤولية كونها الضحية التي رحلت فجأة عنّا بلمح البصر؟!
كثيرة هي الأشياء من حولنا التي أصبحت تقتلنا دون مبرر أو اكتراث ممن أوجد تلك الأشياء، تلك الأشياء كثيرة.. بسيطة لكنها قاتلة، نشاهدها جميعاً كل يوم ولا حول لنا ولا قوة بتغيرها سوى أننا نحاول دق جرس الإنذار هنا أو هناك، قد نسمع وفي أغلب الأحيان نجد الأذن من طين بانتظارنا وقد نعاقب بأننا حاولنا أن نعلي الصوت من أجل المصلحة العامة ليتم وصفك "مشكلجي" أو صديق ما يقول لك " شو بدك بوجع الراس". تلك الأشياء موجودة في شوارعنا، بين منازلنا، الأماكن العامة من السوق، المنتزه، النادي، المطعم، محطة المحروقات، الرصيف، أماكن العمل.
لنحاسب ونسائل أصحاب الشأن والاختصاص عن الأشياء التي نشاهدها وهي كما قلت أشياء بسيطة لكنها قاتلة مثل: من أعطى ترخيصا لعمارة أشبه ما تكون بقرية بحد ذاتها من كثرة الشقق السكنية، وحين تراها العين تعرف بأنها مخالفة للكثير من القوانين؟ من أعطى الترخيص لأبنية دون موقف سيارات؟ وإن كان هناك موقف سيارات يتم تحويله الى شقق، مخازن أو مصنع أو مشغل؟! كيف يعطى شخص ما الحق بحفر الشارع كيفما يشاء لتمديدات معينة له ثم تترك هذه الحفرة كما هي؟! ما هي فائدة اللوحات الإعلانية المنتشرة على الرصيف والأبنية؟ فهي أشبه بأدوات قتل تنتظر حادث سير أو هبوب عاصفة؟! لمصلحة من لا يتم إغلاق المحلات التجارية المخالفة لقانون وت فتح رغم أنف الجميع ونفرح بأننا نقوم بتغريمها مخالفة مالية؟! الأعمدة المنتشرة بالشوارع والأرصفة مثل " الخوازيق" تم الاستغناء عن خدماتها ووظيفتها الآن فقط إعاقة الحركة أو انتظار حادث سير؟ المصاعد الكهربائية؟ بقايا مواد البناء حول المباني؟! عدم وجود جدار استنادي لمنع السقوط من مرتفع ما؟ الكلاب الضالة؟ التدخين في محطات الوقود؟ حاويات القمامة بالشوارع كأنها مركبة على الطريق؟! السيارات المشطوبة والمسروقة؟! بكل تأكيد كل قارئ بإمكانه أن يضيف العديد من المشاهدات اليومية، لهذا أكمل أنت كما تشاء....
لنحاسب كل من يقصر في حماية المجتمع، ونقف جميعنا أمام مسؤولياتنا التي تقع علينا نحن المواطنين، ولا ننتظر فقط لحظة وقوع الكارثة وإنما علينا ممارسة مسؤولينا المجتمعية بمساءلة كل من سيسبب بقتلنا في اللحظة التي لا نتوقعها لأنه لم يقم بواجبه على أكمل وجه.

للتواصل:
بريد الكتروني mehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية