يعتقد بعض الفلسطينيين في الداخل وكذلك في السلطة الفلسطينية أنهم حققوا انتصاراً وهزيمة نتنياهو ومعسكر اليمين، وانه لم تعد لديه القدرة على تشكيل حكومة خاصة بعد حصول القائمة العربية المشتركة على ثلاثة عشر مقعدا، وتوصية عشرة أعضاء منها باستثناء أعضاء التجمع الوطني الديمقراطي لرئيس الدولة لحزب الجنرالات بزعامة بني غانتس لتشكيل الحكومة، مع أن المشتركة حصلت عليها في انتخابات 2015، وفقدوا الثلاثة مقاعد عندما اختلفوا وغلبوا المصالح الشخصية والحزبية على المصلحة الوطنية ومصالح الجماهير الفلسطينية في الداخل.
صحيح ان الليكود تراجع وفقد نحو 7 اعضاء بما فيها الأربعة أعضاء التي فقدها حزب “كولانو” الذي اندمج مع الليكود، وربما يكون تقاسمها حزب الجنرالات وحزب إسرائيل بيتنا بقيادة افيغدور ليبرمان الذي قاد معركة انتخابية ضد نتنياهو وعزز عدد أعضائه من 5 الى 8 أعضاء، وحقق انتصار على نتنياهو والليكود ولا يزال يتحكم بمصير نتنياهو وغانتس.
التراجع في عدد أعضاء الليكود الذي حصل على 32 عضوا بعد أن كان حصل على 35 مقعدا في الانتخابات السابقة، إضافة الى تراجع عدد أعضاء معسكر اليمين بشكل عام بزعامة نتنياهو من 60 عضوا إلى 56 عضوا، مقابل 44- 45 لمعسكر يسار الوسط، وظلت حال التوازنات بين المعسكرين على حالها كما كانت عليه في الانتخابات السابقة.
الفلسطينيون في الداخل تماهوا مع ليبرمان ومع غانتس بهزيمة نتنياهو فالمعركة الانتخابية كانت على رأس نتنياهو لكنه ومعسكر اليمين لم يهزما، بمعنى ان نتنياهو فشل في الحصول على الـ 61 مقعدا من دون ليبرمان المطلوبة لتشكيل حكومة يمين بزعامته، لكنه لم يستسلم وموقعه لا يزال متقدم على خصمه بيني غانتس ومعسكر ما يسمى يسار الوسط.
القائمة المشتركة اوصت على غانتس لإسقاط نتنياهو، يبدو وكأن ذاكرة الفلسطينيين ضعيفة وان إسرائيل دولة عنصرية عرقية وهي بنية الدولة الأساسية، وان من أسباب مقتل رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين كان على خلفية فوزه في الانتخابات واعتماده على أصوات العرب في تشكيل حكومته بعد تدخل قيادة منظمة التحرير لعقد اتفاق أوسلو وتمريره، ونتنياهو واليمن كان المحرض على مقتل رابين، ونتنياهو لم يعلن هزيمته بعد.
ويبدو أن التوصية على غانتس جاءت كرد فعل انتقامي واستباق لإعلان انتصار الفلسطينيين في الداخل باستعادة قوتهم في الكنيست ويعتقدون انهم ساهموا في اسقاط نتنياهو، مع ان التوصية لغانتس قد تكون حبل النجاة وإعادة الروح لنتنياهو ومعسكر اليمين الذي يستمد شرعيته من عنصريته والفوقية التي يتعامل بها مع العراب العداء لهم، وسياسته خلال العشر سنوات السابقة من حكمه اعتمدت على فزاعة تخويف اليهود من العرب والتهديد وكي الوعي ونزع الشرعية عنهم والمس بهويتهم ومكانتهم وقيادتهم، وحملته الانتخابية اكر دليل على ت، وربما تعيد ليبرمان الى حضن اليمين بعد ان يبتز نتنياهو أكثر.
والحقيقة ان معسكر اليمين بزعامة نتنياهو فرض اجندته وبرنامجه الأيديولوجي على غالبية الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية الأخرى وفي مقدمتها حزب الجنرالات بقيادة غانتس، وتشكل اجماع صهيوني حول قضايا جوهرية مثل قانون القومية وقضايا الأرض والمسكن، وفرض السيادة على القدس والجولان وضم المستوطنات في الضفة الغربية، ولم تعد تلك القضايا مطروحة للنقاش في إسرائيل.
من المهم الاستثمار في المشتركة لتوحيد الفلسطينيين في الداخل وتعزيز وحدتهم وتمتين العلاقات الداخلية بين الفلسطينيين ومواجهة السياسات العنصرية والتمييزية ضدهم وفي مقدمتها قانون القومية الذي حدد مصير اليهود فقط في إسرائيل، وهو لا يعترف بوجود العرب في فلسطين، لكن ليس من بوابة الشريك واللاعب السياسي في النظام السياسي الإسرائيلي العنصري ببنيته والرافض لوجود اقلية عربية أصلانية.
لا تزال القيادة الفلسطينية تراهن على شريك إسرائيلي وهي تعتقد أن نتنياهو هُزم، عليها أن تتخلى عن أوهامها وإمكانية التوصل لاتفاق سلام بواسطة حزب الجنرالات، في إسرائيل لا يوجد حديث عن حل الدولتين أو عن عملية سلام، حتى من بعض المدعين باليسارية يتحدثوا عن تطبيع ومفاوضات اقليمية وانفصال عن الفلسطينيين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية