لابد أن يعاد فتح أبواب المركز الثقافي الفرنسي مجدداً بحكم أنه هو المركز الثقافي الفعلي و الحقيقي في القطاع ، يمارس
هذا المركز المعطاء نشاطه و يقدم خدماته للفرانكفونيين و هم الناطقون باللغة الفرنسية و من المهتمين بدراسة اللغة الفرنسية من منتصف التسعينيات ، و لم تقتصر نشاطاته على ذلك بل كان حضناَ دافئاً للمواهب و الإبداع الشبابي من رسامون و موسيقيين و شعراء و كتاب و أدباء .. الخ
اذاً نحن هنا نتحدث عن عنصر جوهري و جزءاً مهماً يوضح تقدم و حضارة الأمم و الشعوب من عدمه ، فالشعب الغزي أبدع و مازال في كافة المجالات من خلال مؤسسات المجتمع المدني و الجامعات و الكليات و المدارس و كل المؤسسات الوطنية الغيورة على هذا الوطن و هي تجمع كل الطاقات من الجنسين فإذاَ نحن نتكلم عن الإختلاط المحمود الذي سمح به الإسلام العظيم و حدد مستوى العلاقة و حدودها ما بين المرأة و الرجل في أماكن العمل و الدراسة و حتى دور العبادة ، فالمركز الثقافي الفرنسي كان يجمع ما بين الجنسين في قاعاته الدراسية بشكل حضاري و على مستوى عالٍ من الإلتزام و ككل المراكز الثقافية في العالم يوجد بداخله استراحة و مقهى صغير يعمل لصالح الطلاب و الوافدين إلى المركز ومن الطبيعي أن يختلط فيه الجنسين تحت مرأى و مسمع الجميع و لا عيب في ذلك لطالما " القاضي راضي " ، و لطالما أيضاَ كل الأطراف هي حريصة على احترام العادات و التقاليد و احترام الذات و حرية الرأي والمعتقد من خلال القانون المدني المكفول بقوة القانون و يس السلاح و قانون الغاب ، فكانت هذه الديمومة الثقافية موضع الريبة و الشك من الكثير من المهووسين أمنياً و فكرياً.
اشتدت حملة الإنتقاد و الترهيب و الوعيد للمركز الثقافي الفرنسي بعد ورود شائعات عن ولادة تنظيمات سلفية متشددة كداعش و السلفية الجهادية و القاعدة و الى آخره من التنظيمات الجهادية في القطاع .
فأصبحت تصدر البيانات عن أحدهم تحتوي على بعض أسماء المفكرين و المثقفين في القطاع و اتهامهم بالكفر و الزندقة وصولاً الى تهديدهم بالقتل ، و بشكل سريع نفت السلطات الأمنية في القطاع و بقوة وجود مثل هذه التنظيمات و أن هذه الأعمال فردية و صبيانية !
ففي خلال أيام بدأت أعمال التفجير تلحق بمرافق المركز الثقافي الفرنسي و من ثم التهديد بقتل كل من فيه في حال اعادة فتح أبوابه أمام الجمهور للتوافد اليه مجدداً ، فللتذكير فقط بأن المركز يقع شرق مجمع أنصار الأمني الواقع فيما يعرف بالمربع الأمني و هو المكان الأكثر تحصيناً و مراقبة مستمرة من رجالات الأمن المكلفين من وزارة الداخلية ب غزة على مدار الساعة !
دعونا نفترض جدلاً بأن التفجيرات الأولى التي الحقت الضرر بالجهة الشرقية للمركز الثقافي قد نفذت بخطة محكمة من المجرمين الخارجين عن القانون و صفعوا الجهات الأمنية صفعة مدوية ، فهل يعقل أن تقبل الجهات الأمنية بصفعة أخرى و يحدث تفجيراً آخراً بعد أسابيع قليلة بعبوة ناسفة شديدة الإنفجار لأحد البوابات الغربية للمركز المقابلة لمجمع أنصار الأمني ، أو لم يكن حرياً بالجهات الأمنية حماية هذا المبنى المحصن بالقانون الدولي لأنه يعتبر مؤسسة دولية فرنسية تمثل الشعب الفرنسي و حكومته اللذان يعلنان دائماً عن كافة أشكال التضامن على المستويين الشعبي و الرسمي و كان آخرهما اعتراف البرلمان الفرنسي بالدولة الفلسطينية و رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في فرنسا من مفوضية عامة إلى بعثة فلسطين بحيث يسمى رئيس البعثة سفيرا يقدم أوراق اعتماده إلى الرئيس الفرنسي.
فإن عدنا للشارع مرة أخرى مغادرين أروقة السياسة سنجد عناصر السلفية و داعش بوضوح يخرجون بمسيرات بأعداد كبيرة بعد حادثة تشارلي ايبدو الأخيرة و التي نشرت صورة مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم على غلاف أحد أعدادها الأخيرة ، و قد خرجوا منددين و مرددين الا رسول الله يا عباد الصليب و بأبي أنت و أمي يا رسول الله و هذا جيد لطالما في حدود اللاعبث و القانون حتى وصلوا إلى بوابة المركز الثقافي الفرنسي و بدأوا بمهاجمته و محاولة تحطيم أبوابه وصولاً إلى كابة شعارات منددة بفرنسا و مناصرة للرسول الكريم على جدران المركز و بلغة عربية سيئة للغاية و هذا يعتبر تدمير و خراب و رعونة قد رفضها الرسول الكريم محمد عليه الصلاة و التسليم .
فمن هنا فبإسمي و بإسم الشباب الغزي المضطهد و المهدد دائماً في دينه و حريته و ثقافته نطالب بفتح المركز الثقافي الفرنسي و لزوم حمايته من أجهز الأمن دون الوصاية المباشرة عليه منها لأنه ينافي قانون المؤسسات الدولي المعمول به في جميع أنحاء العالم .. فإن كانت هناك جهة قد لحق بها الضرر من وجود " الثقافة" في غزة فليلجأ إلى أبا جهل
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية