تعرضت المنشآت الاقتصادية في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة التى استمرت على مدار 51 يوما إلى مجازر ارتكبتها إسرائيل بحق اقتصاد قطاع غزة مما أدت إلى خسائر مباشرة نتيجة التدمير الكلى و الجزئي و الحرائق لما يزيد عن 500 منشاة اقتصادية من المنشات الكبيرة و الاستراتيجية هذا بالإضافة إلى العديد من المنشآت المتوسطة و الصغيرة و التى تمثل مجمل اقتصاد قطاع غزة في كافة القطاعات ( التجارية و الصناعية و الخدماتية ) والتى يتجاوز عددها ما يزيد عن 4500 منشأه اقتصادية و تقدر تكاليف إنعاشها وإعادة إعمارها بحسب ما تم رصده في الخطة الوطنية للإنعاش المبكر و اعادة الاعمار بحوالي 566 مليون دولار وهي ثلاثة أضعاف خسائر الحرب الاولى التى شنت على قطاع غزة في عام 2008-2009 و يأتي هذا التدمير و الاستهداف المتعمد لتدمير الاقتصاد في قطاع غزة وتعميق الأزمة الاقتصادية , ولقد تسبب استهداف وتدمير المنشآت الاقتصادية بخسائر مالية فادحة لأصحاب تلك المنشات نتيجة إلى فقدانهم لدخلهم المالى اليومي من تلك المنشات.
واليوم وبعد مرور أكثر من خمسة شهور على انتهاء الحرب وإعلان وقف إطلاق النار لا يوجد أي جديد على صعيد المنشات الاقتصادية فحالها كما هي , فلم تحصل أي منشأة اقتصادية على أي نوع من الانعاش المبكر أو التعويضات وكل ما تم إنجازه على صعيد الخسائر الاقتصادية هو حصر وتقيم الخسائر الخاصة بتلك المنشآت وإصدار التقارير الخاصة بذلك وهذا ي فتح الباب إلى العديد من التساؤلات والتى من أهمها:
· هل تعتبر مبالغ التقييمات الصادرة للمنشآت الاقتصادية من قبل الجهات المختصة مقبولة ومعتمدة وملزمة للجهات المانحة الراغبة في تعويض القطاع الاقتصادي؟
· متى سوف يتم تعويض تلك المنشآت عن خسائرها التى تم تقييمها و رصدها من قبل اللجان الفنية المتعددة؟ , أم أن تلك الخسائر سوف تبقى مجرد حبر على ورق؟
· هل يوجد معايير أو شروط أو منهجية لتعويض المنشآت الاقتصادية المتضررة؟
· أين دور الإتحاد الأوروبي والذي تعهد بالقطاع الاقتصادي بحسب الخطة الوطنية للإنعاش المبكر و اعادة الاعمار.
هذه الأسئلة مطروحة للمسئولين للإجابة عليها حتى لا يتكرر ما حصل مع القطاع الخاص و المنشات الاقتصادية إبان الحرب الاولى على قطاع غزة , حيث أنة وقبل نهاية عام 2008 بأيام قليله وتحديدا في 27-12-2008 تعرض قطاع غزة لحرب وعدوان شرس جاء بعد حصار خانق لفترة عام ونصف في حينه , و استهدفت إسرائيل في حربها الأولى كل شيء في قطاع غزة وكان للاقتصاد الفلسطيني نصيب كبير من هذا الاستهداف , حيث تم استهداف ما يزيد عن 1500 منشأة اقتصادية بشكل مباشر ومتعمد في كافة القطاعات التجارية و الصناعية و الخدماتيه و قدرت خسائر القطاع الاقتصادي المباشرة في حينه ما يقارب من 180 مليون دولار حسب تقديرات المتضررين.
وبعد الحرب مباشرة قام المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص و الذي كان فاعلا في تلك الفترة بتشكيل لجنة مشتركة من كافة مؤسسات القطاع الخاص لحصر وتقيم الاضرار المبدئية وتم ذلك بالتعاون مع مؤسسة UNDP , وبالفعل تم حصر وتقيم ما يزيد عن 85% من أضرار القطاع الخاص في عملية استغرقت أكثر من شهرين و استمرت حتى نهاية شهر مارس 2009 وبلغ عدد المنشآت الاقتصادية التى تم حصرها 1030 منشأة وبلغت قيمة الأضرار 140 مليون دولار.
إلا أنة وفجأة وفي بداية شهر إبريل من عام 2009 أي بعد أربعة أشهر على انتهاء العدوان , أعلن الاتحاد الأوروبي عن برنامج لإنعاش القطاع الخاص بقيمة 22 مليون يورو , وتم ترسيه حصر وتقيم أضرار القطاع الخاص من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية على مؤسسة أخرى و هي DAI , وفي بداية الامر لاقى هذا الموضوع اعتراض من القطاع الخاص لإن ذلك سوف يكون إعادة تكرار لعملية الحصر والتقييم , إلا ان الموضوع كان قد حسم , وشرعت مؤسسة DAI بحصر و تقيم أضرار القطاع الخاص مرة أخرى في عملية استغرقت أكثر من خمسة شهور.
ونتيجة للتباين في تقييم الأضرار بين الجهتين "أصحاب المنشآت الاقتصادية و(DAI)" تم فتح باب الاعتراضات على التقييمات وتقدمت 262 شركة بطلبات اعتراض على التقييمات المالية لخسائرهم من ضمنهم 67 منشأة اقتصادية حصلوا على تقيم صفر.
وبعد عام من انتهاء حصر وتقيم الاضرار وبتاريخ 25-4-2010 تم توزيع نموذج الصرف النهائي لتعبئته من قبل المتضررين , واعترض المتضررين في حينه على تعبئة النموذج الجديد حيث أنة يحتوي على 20 صفحة بالإضافة إلى تعهد خاص وطلب كافة الأوراق الثبوتيه والسجل التجاري ورقم حساب البنك وصورة الهوية مرة أخرى , وأما احتياج المتضررين لأموال التعويضات تماشوا مع كافة المطالب , إلا أنهم تفاجئوا بعد ذلك بأن صرف المخصصات المالية التي ستقدم لكل متضرر من القطاع الخاص والبالغ عددهم نحو 1030 على ثلاث دفعات موزعة كالتالي الدفعة الأولى تقدر بنحو 16 مليون دولار وتشمل منح كل متضرر ممن تقل قيمة الأضرار التي لحقت به عن 25 ألف دولار قيمة مبلغ التعويض كاملاً وعلى دفعة واحدة، أما من تتراوح قيمة خسائره بين 25 ألف دولار و100 ألف فسيمنح ما نسبته 50% من قيمة الضرر، أما الفئة الثالثة التي سيزيد فيها قيمة الضرر عن مئة ألف دولار فستمنح ما نسبته 33% .
وبعد مرور شهرين على تعبئة نموذج الصرف النهائي باشرت السلطة الوطنية الفلسطينية وبتاريخ 14/7/2010 بصرف الدفعة الأولى من أموال إعادة اعمار وإنعاش المنشآت المتضررة من الحرب الاولى على قطاع غزة , واستفاد من تلك الدفعة 202 شركة متضررة , وتوالت الدفعات فيما بعد لكافة الشركات المتضررة , و استمرت عملية صرف التعويضات للمتضررين حتى عام 2012 , أي أن عملية صرف التعويضات للمنشآت الاقتصادية استغرقت ما يزيد عن ثلاث سنوات , وتم اعتماد معايير قاسية لتقيم الخسائر و الضرر وصرف مبالغ التعويض في حينه ومن أهمها:
· عدم احتساب أي نوع من أنواع البضائع والمواد الخام وقطع الغيار لكافة المنشآت التجارية و الصناعية و الخدماتية.
· اعتماد نظام الإهلاك حسب المعايير المحاسبية للماكينات و المعدات والآلات و الأثاث.
· خضوع المتضرر للفحص الأمنى قبل استلام أي أموال.
· أن تكون المنشأة مسجلة رسميا وحاصلة على كافة التراخيص اللازمة , علما بأن العديد من المنشآت و نتيجة لسنوات الحصار الطويلة و التوقف عن العمل لفترات لم تحصل على التراخيص اللازمة.
· أن تتم عملية الصرف من خلال حساب بنكي خاص بالمنشأة الاقتصادية.
و في النهاية يجب من كافة الجهات التحرك الفوري و العاجل لتعويض المنشات الاقتصادية وبأسرع وقت ممكن وذلك لإعادة عجلة الحياة الاقتصادية للدوران مرة أخرى لتساهم في خفض معدلات البطالة المرتفعة , وتحسين الاوضاع المعيشية لسكان قطاع غزة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية