الأمين العام للجبهة الديمقراطية في حوار شامل عن الأزمات الفلسطينية
استضافت فضائية "الكوفية" القاهرة، في برنامجها "حوار الليلة" نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في حوار شامل دام ساعة كاملة، تناول فيها الزميل الإعلامي محمود عليان عدداً واسعاً من الملفات والمحاور الساخنة الفلسطينية والإقليمية.
وبحسب ما وصل "سوا"، فقد استهل مقدم البرنامج حديثه بالمقدمة التالية:
تحية طيبة وأهلاً بكم في «حوار الليلة». في الوقت الذي تتواصل فيه المشاورات لتشكيل حكومة جديدة بديلاً لحكومة الحمدالله، تتلبد السماء الفلسطينية بغيوم من المشاحنات والمفارقات والتناقضات. تغيرات في المشهد السياسي ككل، يمكن القول إنها خرجت من مساحات اللعب السياسي التقليدي إلى المنطقة المحرمة. حلّ الحكومة وحل المجلس التشريعي، وانتخابات مقبلة، وفصائل تستعد للذهاب إلى عاصمة الجليد موسكو لفك الجمود عن رف المصالحة. الفانتازيا الفلسطينية لم تتوقف إلى هنا فحسب، وإنما تتوسع لتمتد إلى انقلابات غير متوقعة. فالرئيس محمود عباس يعد بإعادة رواتب موظفيه في غزة بشكل تدريجي. حماس تمتنع عن استلام المنحة القطرية ، ولا ندري كذلك ماذا بعد. جملة التطورات على الساحة الفلسطينية على طاولة حوارنا لهذه الليلة.
أرحب بضيفي السيد نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
ثم قال:
■ مساء الخير سيد نايف، ومرحباً بك على شاشة «الكوفية». سيدي سأبدأ بترتيب هذه الملفات، حيث هناك جملة تطورات متسارعة كانت خلال الأسابيع الماضية. سيدي سأبدأ معك من أولى هذه الملفات، أي ماله علاقة بحلّ الحكومة الفلسطينية، أو تقديم استقالتها بشكل رسمي، والدعوة إلى تشكيل حكومة جديدة، تكون بمشاركة فصائل م.ت.ف. أولاً من حيث المبدأ، هل ترون أن حلّ، هذه الحكومة وذهابها، خطوة صائبة من حيث المبدأ؟
■■ من حيث المبدأ، الحكومة حالة تنفيذية إدارية، لا تمتلك سلطة القرار السياسي. بينما الأزمة الطاحنة التي نعيش في هذه الحالة الوطنية، تتطلب منا حلولاً لقضايانا الوطنية المهددة في ظل الأوضاع القائمة ؛ السياسة الأميركية الترامبية والسياسة الإسرائيلية لنتنياهو الطامحة التوسعية الإستعمارية؛ ولذلك أقول إن المفاتيح الفعلية هي في البحث في الحوار الشامل بما يؤدي إلى نتائج إيجابية، تشكل القواسم المشتركة بين جميع الفصائل والقوى بما نتفق عليه، مستندين إلى أربعة برامج وطنية أنجزناها بالحوار الوطني الشامل، في القاهرة 2005، وفي غزة 2006، وفي القاهرة 2009، وفي القاهرة أيضاً 2011 ثم في 2013 حين اعتمدنا قراراً بالإنتخابات الشاملة لنسلك الطريق الأقصر نحو حل المشاكل، بما فيها إنهاء الإنقسام. وهذا يستدعي إنتخابات شاملة، رئاسية وللمجلسين التشريعي والوطني. هذه أقصر الطرق لحل الأزمة القائمة بمحاورها السياسية، وحلّ قضايا الشراكة الوطنية والوحدة الوطنية، وكل القضايا الأخرى العالقة. أما الحكومة فهي تشكيلة تنفيذية إدارية، لا تستطيع أن تقدم حلولاً سوى في الإطار التنفيذي والإداري. بينما القضايا العالقة الأخرى، كلها قضايا سياسية كبرى، ولذلك السبيل، والمفتاح الرئيس، هو الحوار الشامل. يبدأ بحوارات ثنائية وثلاثية ورباعية، ويتوج بحوار شامل، حتى نصل إلى الحلول، والقواسم المشتركة للقضايا السياسية، أي قضايا الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية وكل القضايا العالقة القائمة.
■ طيب سيدي هل تجد أن هذه الأولويات التي تفضلت بذكرها اليوم، ربما ليست ملتقى عند الفصائل، بمعنى في ترتيبها أو في كيف توضع هذه الأولوية، كأولوية أولى أم ثانية، يعني الجميع متفق عليها لكن كل يجتزئ الأولوية التي يراها هو من طرفه؟
■■ الحكومة لا تشكل الحالة الأولوية في اللحظة الراهنة وعلى المدى المباشر والقريب، أي أسابيع وأشهر وربما أكثر من أشهر لا تشكل حلاً. الحل يستدعي قرارات كبرى تنتمي إلى عالم والإدارة السياسية الفعلية، لإنجاز الوحدة الوطنية، والذهاب إلى الإنتخابات الشاملة، للمؤسسة الرئاسية، المؤسسة البرلمانية، أي المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس التشريعي. أما الحكومة، فمرة أخرى، ستجعلنا ندور في حلقة مفرغة، كما وقع في السنوات السابقة مع حكومة سلام فياض (سبع سنوات) على سبيل المثال، وكذلك مع حكومة التوافق الثنائي بين فتح وحماس، التي تشكلت عام 2014 و حتى الآن.
■ هل دعوة أن تكون هذه الحكومة مؤلفة أو مؤطرة بفصائل م.ت أوقعكم في حرج لكون الجبهة الديمقراطية تحت مظلة منظمة التحرير وموازين قوى، وهي الآن ترفض دخول هذه الحكومة؟
■■ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين واحدة من القوى الأساسية الكبرى الخمس، وفي المقدمة القوى الأساسية في م.ت.ف. وإذا أخذنا في السياق العملي والملموس، في كل العمليات الإنتخابية التي جرت في الضفة الفلسطينية وحتى يومنا، فإن الجبهة الديمقراطية تشكل القوة الثانية في كل العمليات الإنتخابية في إطار م.ت.ف الائتلافية والجماهيرية والمحلية، ولذلك أقول إن الأهمية الكبرى هي البحث في كل القضايا الكبيرة السياسية، حتى نصل إلى القواسم المشتركة. أي لبرنامج مشترك بين الجميع، في ضوئه نذهب إلى العملية الإنتخابية الشاملة. وفي ظل العملية الإنتخابية الشاملة، تكون بيدنا قرارات سياسية أخرى. أي برنامج سياسي موحد لشعبنا ولكل قواه، وموحّد للكل في إطار م.ت.ف. أما التسالي بالأولويات الوهمية فغير مفيد..، الأولوية الآن لهذه القضايا السياسية الكبرى؛ قضية « صفقة القرن »، «صفقة العصر» وكما يسميها الأخ أبو مازن «صفعة العصر»، وقضية السياسة التوسعية الإستعمارية الإسرائيلية لحكومة نتنياهو، وآخر مثال على ذلك أنه أنهى وجود القوات الدولية الموجودة كحاجز ورقيب على سلوك قواته، وسلوك مستعمرة كريات أربع على كتف الخليل، دون العودة إلى التشاور مع السلطة التي وقعت معه على إتفاقات «أوسلو»، ودون العودة إلى الدول المشاركة في الفريق الدولي. (السويد، سويسرا، النرويج، ايطاليا، تركيا). لذلك، مرة أخرى أقول علينا أن نذهب إلى بحث سياسي جاد، من أجل أن ننفذ ما قررناه، منذ آذار/ مارس 2015 في المجلس المركزي لـمنظمة التحرير؛ سحب الإعتراف بدولة إسرائيل، طالما لا تعترف بدولة فلسطين بحدود 4 حزيران / يونيو/ 67 وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة، وحل مشكلة الشعب اللاجئ بحقه في العودة وفقاً للقرار الأممي 194، وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وفك إرتباط الإقتصاد الفلسطيني بالإقتصاد الإسرائيلي وعجلته. وسحب اليد العاملة الفلسطينية من المستوطنات الإسرائيلية، ووقف العمل بالشيكل الإسرائيلي، واسترداد سجل السكان والأراضي من يد الإدارة المدنية العسكرية الإسرائيلية في الضفة. هذه قرارات أخذناها في آذار/مارس 2015 في المجلس المركزي لـ م.ت.ف بالإجماع بحضور الأخ أبو مازن، وحضور رئيس المجلس الوطني، وعدنا وقررناها من جديد في 15/1/2018 بالكامل، في المجلس المركزي كانت الجبهة الديمقراطية شريكاً بكل هذه العمليات، وكذلك شريكاً بقرارات المجلس الوطني في 30 نيسان- ابريل إلى 3 أيار مايو 2018. لكن كل هذه القرارات بقيت معلقة ولم ينفذ منها شيء. لو نفذت لكنّا في وضع آخر، بالضبط في وضع آخر.
الآن الأولويات هي للقضايا التي قررناها، ووضع برنامج وجدول زمني لتنفيذها خطوة خطوة.. وكذلك التحضير لإنتخابات شاملة. عندئذ نكون قد وصلنا إلى البرنامج المشترك الموحَّد والموحِّد، وعليه يمكن أن تتشكل حكومة وحدة وطنية لفصائل منظمة التحرير، ووحدة وطنية لكل الفصائل الفلسطينية المتعددة، للإلتزام بالبرنامج الموحّد والموحّد للجميع، في إطار وتحت مظلتها م.ت.ف
■ طيب سيدي أنا سأسألك عما تفضلت بذكره عن موضوع الإنفكاك عن إسرائيل، والتوصيات التي خرجت بالإجماع، هل تعتقد أن تأخير هذا التطبيق، حتى بعد تشكيل لجان تبحث في آليات التطبيق إلى اليوم، لم يكن هناك قفزة نوعية نحو العلاقة مع إسرائيل، أو الإنفكاك من العلاقة مع إسرائيل، هل هذا معناه بأن الأمر ليس بالسهل، وبحاجة إلى مزيد من الوقت. أم أن هناك أصلاً فكرة مبنية على أن هذا الموضوع لن يتم بشكل أو بآخر؟
■■ مرة أخرى البديل المطروح والمطلوب بأولويات فعلية عملية وملموسة، صدرت بها قرارات بالإجماع الوطني في المجلسين المركزيين والمجلس الوطني، بتواريخها التي ذكرت لكم، لشعبنا وللجميع. والبديل هو الجدول الزمني للتنفيذ، لكل القضايا وفقاً للشروط والظروف مع الآخرين. يمكن أن يصاغ البرنامج الموحد بجدولة زمنية للتنفيذ وعلى هذا الأساس يمكن أن تتشكل حكومة إئتلاف وطني من فصائل م.ت.ف، ربما أوسع إذا وصلنا مع حماس والجهاد إلى حلول. إذا لم نصل إلى أية حلول، نكون قد وصلنا إلى حلول في إطار فصائل م.ت.ف. هذه القرارات مأخوذة من آذار – مارس 2015 حتى الآن، هي الأولوية بالتنفيذ. أما تشكيل حكومة ذات طبيعة تنفيذية إدارية فلا يعني شيئاً، وليست مفتاحاً رئيسياً في الظروف الحالية والراهنة.
■ كيف تفهمون، سيد نايف، موضوع الدعوة إلى تشكيل حكومة، وتستثني فصائل خارج إطار المنظمة. هذه الفصائل، يشكل أو بآخر، هي فاعلة على الأرض، لكنها ليست منضوية تحت إطار المنظمة، كيف تقرؤون هذه الدعوة؟
■■ نحن حاولنا جميعاً في إطار الحوار الوطني الشامل، وبالبرامج التي ذكرتها (أربعة والخامس هو قانون الإنتخابات الشامل الذي أخذناه في 2013 بالإجماع في القاهرة) شاركت فيها حماس والجهاد وكل الفصائل الفلسطينية، وبالتالي نحن مع الحوار بين فصائل منظمة التحرير و مع الحوار الذي يشمل المفاتيح الفعلية للوصول إلى تنفيذ ما اتخذناه من قرارات، وما هو معلق منذ أربع سنوات وحتى الآن. وتنفيذ قرارات المجلس الوطني التي أخذت بالإجماع في 30 نيسان 2018، وهي معلقة حتى الآن، ولذلك أقول إن الحوارات الفلسطينية – الفلسطينية تبدأ بين فصائل منظمة التحرير لنتجاوز الإستقطاب الثنائي بين فتح وحماس، الذي أفسد ودمر الحياة السياسية الفلسطينية الموحدة. وإذا ما وصلنا إلى ما هو مشتركاً، يشكل برنامجاً مشترك للعمل للتنفيذ، وبموجبه وإستناداً إلى القرارات المعلقة منذ أربع سنوات حتى الآن. عندئذ تتشكل حكومة.
الآن شكلت لجنة من اللجنة المركزية لفتح من أجل إدارة حوار مع فصائل منظمة التحرير. نحن نرحب بكل أشكال الحوار، ونحن بناة منظمة التحرير، وأحد الأعمدة الرئيسية في م.ت.ف منذ تشكليها وولادتها الثانية في أيلول 1969، عندما تشكلت القيادة الفلسطينية والمجلس الوطني الجديد مع الإتحادات الجماهيرية والشعبية والشخصيات المستقلة. نحن كنا شركاء في بناء ذلك، وكنا في إطار اللجنة التي بحثت هذه القضايا. وثم اجتمعت القيادة الفلسطينية الشاملة المشكلة من اللجنة التنفيذية، ورئيس المجلس الوطني، والأمناء العاملين لفصائل المقاومة، وعدد من الشخصيات الوطنية المستقلة. في ذلك الوقت كانت اللجنة التي بلورت هذه الأفكار مشكلة من الأخوة في فتح برئاسة الأخ أبو عمار، وحواتمة عن الجبهة الديمقراطية ووفدها، وأيضاً منظمة الصاعقة برئاسة ضافي جمعاني في ذلك الوقت. مثلت الولادة الثانية الجديدة لـ م.ت.ف.
الجبهة الديمقراطية مارست مسؤولياتها بحس عالي من الجدية والروح التوحيدية حتى يومنا، ولذلك أقول من جديد، علينا أن نمسك بما قررناه، والجهود التي بذلت من 2005 في إطار الإجماع الوطني حتى 2011. والجهود التي بذلت في أكثر من عشرين إجتماع، صدرت بها وثائق مشتركة بين حماس وبين فتح ثنائياً. وكنا نقول إن الإتفاقات الثنائية لن توصل إلى أي نتيجة، وإنها تقوم على نظرية تقاسم السلطة والمال والوظائف، ولا تقوم على أساس الشراكة الواسعة في إطار فصائل م.ت.ف، وإذا أمكن في الأوسع وبما يشمل الفصائل التي لم تكن وليست حتى الآن عضواً في م.ت.ف.
■ هناك إتفاق على إحياء دور م.ت.ف، وأن تدخل هذه الفصائل تحت مظلتها، لكن من يؤسس هذا النوع من الحوار بين كل الأطراف لتصل في النهاية الأمور إلى ما يبتغيه الجميع. اليوم ربما هناك طرفان بينهما خلاف عميق، وبينهما إختلاف في الرؤى، وهذا ما يبعد أو يوسع الفجوة بينهما. من الذي من المفترض أن يؤسس لهذا الحوار الجامع، وبالتالي نذهب إلى إعادة إحياء دور م.ت.ف وإنتخابات تشمل الجميع وكل هذه القضايا؟
■■ الإخوة في فتح، ومنها الحوار يبدأ مع فصائل منظمة التحرير، وبين فصائل م.ت. أذكر أنه في 12/1/2019، أي قبل 3 أسابيع، كان هناك إجتماع طويل، بين الجبهة الديمقراطية والإخوة في فتح. وفد الجبهة الديمقراطية ضم أعضاء من المكتب السياسي واللجنة المركزية، وبالمقابل تشكل وفد فتح، من الأخ عزام الأحمد عضو اللجنتين التنفيذية والمركزية في فتح وقد جاء خصيصاً من رام الله ، وضم سمير الرفاعي عضو اللجنة المركزية وأشرف دبور السفير الفلسطيني في لبنان. اجتمعنا في مقر الجبهة الديمقراطية في دمشق، وبحثنا كل هذه القضايا، على أن نبدأ في القضايا المتفق عليها في قرارات المجلسين المركزيين والمجلس الوطني، ونطلق حواراً شاملاً، ثلاثياً، رباعياً ...الخ. يبدأ ثنائياً ثم يتوسع ويشمل جميع فصائل المنظمة، ونصل إلى المشترك في كيفية تنفيذ هذه القرارات، والمشترك بما يشكل البرنامج الذي على أساسه أيضاً يمكن أن ندخل في حوار مع القوى التي خارج م.ت، والتي ترغب بذلك للوصول إلى المشترك، والذهاب إلى إنتخابات شاملة.
■ سأنتقل إلى ملف آخر سيدي له علاقة بقطاع غزة على وجه التحديد ، كان هناك إختلاف ما ربما في الرؤى فيما يتعرض لع قطاع غزة، هل هي عقوبات تمارس عليه من قبل القيادة الفلسطينية، من السلطة. كانت الأخيرة تنفي وتقول إنها مجرد إجراءات، ما هي رؤيتكم فيما يمر به قطاع غزة؟
■■ غزة، كما يعلم الجميع فلسطينياً وإقليمياً ودولياً، تحت الحصار والتطويق الشامل منذ عام 2007 وحتى يومنا، أي منذ الإنقلاب السياسي والعسكري الحمساوي في 14/6/2007، وكنا قد أدنا هذا الإنقلاب، وقدمنا مبادرة بعد سبعة أيام مباشرة، في وثيقة دعت إلى الحوار من أجل إنهاء الإنقسام فوراً. وأيضاً شاركت بعد ذلك فصائل أخرى في منظمة التحرير في هذه المبادرة، وعلى مدى إحدى عشرة سنة أدت الإتصالات إلى خمسة برامج، عليها إجماع. وبدون جهود ونضال القوى الديمقراطية الليبرالية الوطنية لما تم الحوار الشامل بمشاركة فصائل م.ت.ف وحماس والجهاد، هذه البرامج دعت إلى ضرورة الذهاب لإنتخابات رئاسية وبرلمانية، (مجلس وطني وتشريعي) بقانون إنتخابات بنظام التمثيل النسبي الكامل. لكن كما قلت، هذا كله معلق ولم يدخل حيز التنفيذ. الإشكالية هي في العلاقات الثنائية بين فتح وحماس، وفشل كل الإتفاقات الثنائية. عشرون إتفاقاً، كما أعلن قبل أيام الأخ أبو مازن، لم توصل إلى نتيجة.
لذلك نعلن إن الإتفاقات الثنائية هي إتفاقات تقاسم السلطة والوظائف والوزارات، ولا تتطرق، ولا تبحث في القضايا الكبرى السياسية، وقضايا الشراكة الوطنية والوحدة الوطنية. بالمقابل أقول إن الحصار المفروض على القطاع، هو الذي أدى إلى إنفجار الشعب في غزة. هذا الوضع أدى إلى مسيرات العودة وكسر الحصار، التي تكاد تختتم عامها الأول، أسبوع وراء أسبوع، تدعوا إلى فك الحصار وفتح المعابر بلا إستثناء.
الجانب الآخر، بالضرورة، يجب أن يكون من أهدافنا، إلى جانب فك الحصار، إفشال صفقة ترامب الذي أخذ بتنفيذها على الأرض خطوة خطوة، وكما يقول صائب عريقات إن 70% من «صفقة ترامب» نفذت على الأرض وبالميدان. وأنا أقول بل أكثر من 70% نفذت، في مقدمتها الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية والقنصلية الأميركية إليها، بإعتبارها العاصمة الموحدة لإسرائيل، الصمت الكامل عن التوسع الاستعماري الاستيطاني في القدس والضفة الفلسطينية، شطب حق العودة للاجئين إلى ديارهم وفق القرار الأممي 194، قطع كل المساعدات والإلتزامات الأمريكية عن السلطة الفلسطينية وعن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين. هذه كلها خطوات عملية.
بالمقابل نتنياهو لا يحترم أية اتفاقات. ينفذ كل شيء تطبيقاً لسياسته لبناء «إسرائيل الكبرى»، أي إسرائيل من البحر المتوسط إلى نهر الأردن. وأعطيك رقماً واضحاً. مجموع الإستيطان عام 73، عند حرب أكتوبر المجيدة، ضد الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين وللأراضي العربية حول فلسطين، كان 37 ألف مستوطن، في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة. وعند توقيع إتفاق أوسلو 1993 – 1994 كان مجموع المستوطنين 97 ألفاً. الآن عندنا 850 ألف مستوطن، 600 ألف موجودون في الضفة الفلسطينية، و250 ألفاً موجودون في القدس العربية المحتلة عام 67. وبالتالي هذه العملية الإستيطانية التوسعية والإستعمارية نحو القدس الكبرى، هي الوحيدة المطروحة على جدول أعمال حكومة اليمين واليمين المتطرف الإسرائيلي. غير مطروح، لا دولتين، ولا دولة واحدة، تضمن المساواة في المواطنة.
هذا هو مشروع اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل. هذا يستدعي إنهاء الإنقسام اليوم قبل الغد، وبالتالي، أقول من جديد، علينا أن نجمع بين مقاومة الحصار ومن أجل فتح المعابر ولذلك قلت اليوم، وهذا منشور لحديث أعطي ولوكالات كثيرة، قلت بوضوح «لا للتهدئة مقابل المال» «ولا للتطبيع» مع العدو الإسرائيلي الإستعماري، الذي لا يحترم إلا مطامعه التوسعية في بناء إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر. ولذلك أقول من جديد، ضغطنا لوقف هذه المهزلة الجارية على يد المال القطري، وبتسهيلات من حكومة نتنياهو، وتفاهمات مع إدارة ترامب، قلنا لا لهذا كله، وفعلاً اتخذ قرار مشترك بين أربع قوى، هي الجبهتان الديمقراطية والشعبية، وحماس والجهاد، لوقف الدفعة الثالثة من المال القطري، ووقف إستلامها، وتم تحويل كل هذا الموضوع إلى الأمم المتحدة للتعاطي مع هذا المال القطري، لأن قضايا التطبيع تتخذ أشكالاً متعددة، ومن بينها أشكال دولارتية تلحق الأذى بسمعة مجموع الشعب والقضية والحقوق الوطنية، وبمجموع القوى الوطنية الفلسطينية، وخاصة الذين يصمتون على التطبيع مقابل الدولار، أو التهدئة مقابل المال.
المطلوب ليس الهدوء مقابل المال ولا وقف القصف فقط، بل كسر الحصار، وفتح المعابر بدون أي شرط، وفقاً أيضاً للقرارات التي اتخذناها عام 2014 برئاسة وفد فلسطيني خماسي في القاهرة إدارة الحوار في غرفتين، غرفة لإسرائيل وغرفة للوفد الفلسطيني الذي تشكل من خمسة فصائل: هي فتح، الجبهة الديمقراطية، الجبهة الشعبية، حماس، والجهاد الإسلامي. واتخذ قرارات وافقنا عليها بالإجماع، أعلن عنها الجانب المصري لكن إسرائيل ولا تحترمها ولم تحترمها حتى الآن. وشنت حروباً إضافية على القطاع فضلاً عن الحصار الشامل.
ولذلك أقوال من جديد، إن الطريق هو، والبوابة هي، والمفتاح الرئيسي هو، ما قررناه من قبل فصائل منظمة التحرير بالإجماع. هو الذي يجب أن يأخذ طريقة للتنفيذ بالحوار. وعلى ضوء التنفيذ وبجدل زمني محدد واضح، لتتوضح إمكانية تشكيل حكومة من فصائل منظمة التحرير من عدمه، وإمكانية تشكيل حكومة أوسع بالتوافق الوطني من عدمه... جربنا هذا بحكومة فياض، وبحكومة أبو علاء (قريع) وجرب بحكومة رامي الحمدالله. وبالتالي نكون أمام عملية إستنساخ بالتجريب. هذا التجريب لا جدوى منه، هذه الحكومة لا تحمل حلولاً سياسية بيدها...الصلاحيات كلها بيد القرار السياسي، والقرار السياسي معلق، والعلاقات بين فصائل منظمة التحرير معطلة، لأن القرارات المشتركة والموحدة التي أخذناها بالمجلسين المركزيين والمجلس الوطني، كما أشرت إليها، لازالت معطلة....
■ سيدي سأسألك الآن عن موضوع الدعوة الروسية. تلقيتم دعوة لزيارة: موسكو منها الجبهة الديمقراطية وكل الفصائل الفلسطينية الأخرى. هذه الزيارة هل هي حوارات للتشاور أم للمباشرة في خطوات عملية في موضوع المصالحة الفلسطينية ؟
■■ بصراحة، أقوال لكم ولشعبنا الفلسطيني، وللشعوب العربية، ولكل أحرار العالم الذين يساندون شعبنا وقضيته وحقوقه. الدعوة من موسكو وجهت لعشرة فصائل فلسطينية، منها فصائل منظمة التحرير، في المقدمة فتح والجبهتان الديمقراطية والشعبية، وحزب الشعب والجبهة الشعبية، - القيادة العامة الصاعقة، وحماس والجهاد. هذه الفصائل العشرة، كانت قد إجتمعت في موسكو في العام 2017، وبحثت كل هذه القضايا بحوار شامل، وبحضور وفد مراقب من الأصدقاء الروس، برئاسة فيتالي ناعومكن، مدير معهد الاستشراق الروسي، التابع للأكاديمية الروسية . بعد أن وصلنا إلى نتائج مشتركة في العنوان الرئيس وهو إنهاء الإنقسام، وبناء وحدة وطنية، تقوم على القواسم المشتركة؛ انتقل البحث إلى وزارة الخارجية، برئاسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومعه نائبه والممثل الخاص للرئيس بوتن في الشرق الأوسط ميخائيل بغدانوف، ووفد كبير. وقدمت النتائج التي تم التوصل لها، (كان وفد الجبهة الديمقراطية كبيراً برئاسة قيس عبد الكريم نائب الأمين العام الموجود الآن في رام الله). قدمت القواسم المشتركة. تبناها الروس كاملة، وقالوا «نحن معها وعليكم أن تنهوا الإنقسام أولاً». الآن الدعوة موجهه بشكل رئيسي تحت عنوان إنهاء الإنقسام. وكما يقول الروس، وشخصياً أعلم علم اليقين بما يدور، وأعلم من الروس مباشرة، بذلك. يقولون بلغة واضحة إن الإنقسام دمر الكثير من الأوضاع الفلسطينية، وأضاع الكثير من الفرص على الشعب الفلسطيني وعلى حقوقه وعلى وحدته، أرضاً وشعباً. ولذلك يجب أن ينتهي الإنقسام. هذا أولاً. وثانياً نحن معكم لعقد مؤتمر دولي للسلام، تبحث فيه كل قضايا الصراع الفلسطيني. الإسرائيلي، على أساس القرارات الشرعية الدولية، وبرعاية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، حتي يكون للمفاوضات مرجعية، هي قرارات الشرعية الدولية، ومرجعية برعاية ورقابة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، التي تخلص إليها المفاوضات، من الدول الخمس دائمة العضوية. وثالثاً معكم أيضاً لتقديم مشروع قرار لنقل عضوية دولة فلسطين، من عضو مراقب إلى عضو عامل، يرتب على الأمم المتحدة مسؤوليات كبيرة جداً، في مقدمتها إرسال قوات إلى الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67 حتى حدود 67، في القدس والضفة الفلسطينية وقطاع غزة، لرعاية وحماية الشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية من غول ونهب الإستعمار الإستيطاني، على يد اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، الذي يعمل على بناء إسرائيل الكبرى، من البحر حتى النهر. نحن معكم بهذا، تفضلوا إنهوا الإنقسام، على قاعدة البرنامج المشترك الذي اتفقتم عليه، والذي الأن تذكرون لنا عناصره هذه التي اتفقتم عليها.
لكن هذا لم يقع، لذلك أعاد الروس الآن لبذل الجهود، بأمل أن يتم التوصل إلى حلول لقضايا الإنقسام، بما يؤدي فعلياً إلى خطوات جديدة فلسطينية. لحل قضايا الوحدة الوطنية، والانتخابات، وقضايا جديدة تتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية والعدل الدولية، وقرارات جديدة في الأمم المتحدة بالعضوية العاملة، والمؤتمر الدولي للسلام، برعاية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وتحت إشراف الأمم المتحدة.
■ سيدي، سأختم معك بهذا المحور فيما يتعلق ببعض الأمور الإسرائيلية الذاهبة، ربما، إلى التصعيد أكثر من الهدوء. ماهي قراءتكم لجبهة غزة، الجبهة اللبنانية والجبهة السورية؟
■■ تعلمون، ويعلم العالم، أن سياسات إسرائيل العدوانية لاتقتصر على شعبنا وعلى أرض فلسطين، بل هي تمتد لتشمل جوارها. تمتد وتشمل سورية، ولبنان وفي اليومي، وبأشكال متعددة. لبنان معرض لاعتداءات كبرى شنت عليه 3 حروب كبرى. الحرب الأولى في 1978، احتلت فيها إسرائيل جنوب لبنان حتى العام 2000. والحرب الثانية عام 1982 من أجل تصفية م.ت.ف وكل القوى الفلسطينية، وفشلت في ذلك. ولكن دمروا جنوب لبنان وأجزاء واسعة منه. دمرت كل البنية التحتية في لبنان. وحرب 2006، الآن التهديدات اليومية على لبنان لا تتوقف. لهذه العدوانية الإسرائيلية أطماع توسعية، لم تتمكن منها في لبنان، ولازال لديها أطماع باتجاه أراضي في جنوبه. هذا جانب. والجانب الآخر عندما أنهى ايزنكوت ولايته في رئاسة الأركان الإسرائيلية قبل أيام، أعلن أنر إسرائيل قصفت 1000 هدف في سوريا وقامت بأكثر من 1000 عملية عسكرية في سوريا. لكن إسرائيل تحاول التمويه على هذا بالإدعاء أن الضربات موجهة ضد الإيرانيين والقوى الإيرانية في سوريا. ثم أضاف نتنياهو، قبل العملية العدوانية الكبيرة والواسعة التي جرت في سوريا، قبل ثلاثة أسابيع، أنه سيضرب الإيرانيين، ويضرب القوات السورية المساندة والمساعدة لها، والتي تتجاور معها. أي المطلوب كذلك تدمير سورية، وتدمير القوة العسكرية السورية، حتى تصبح الأمور مفتوحة للعدوانية الإسرائيلية بشكل أوسع.
هذه العدوانية الإسرائيلية لم تقف عند هذه الحدود فحسب. تعلمون أنهم قصفوا واعتدوا في أقطار عربية بعيدة، في تونس، وفي العراق، حين قصفوا مشروع تموز النووي العراقي، اعتدوا على السودان. أقول إن هذه الأطماع العسكرية الواسعة التوسعية الإسرائيلية، تريد أن تحول المنطقة إلى بحيرة للنفوذ الأميركي الإسرائيلي التوسعي، على يد حكومة نتنياهو اليمينية واليمينية المتطرفة.
ولذلك مرة أخرى أقول، نحن أعلنا ونعلن أننا نتضامن مع كل من تعتدي عليه إسرائيل، وعندما تم العدوان على كل من لبنان وسوريا، نحن في الجبهة الديمقراطية والفصائل التي تحمل السلاح، قاتلنا إلى جانب اللبنانيين، ودفاعاً عن المخيمات الفلسطينية في لبنان، ودافعنا أيضاً عن سوريا، الشعب والأرض والبلاد، ودافعنا عن مخيم اليرموك ، عاصمة الشتات، إلى درعا، وإلى حندرات، والنيرب وغيره.
أقول إن مجابهة هذه الأعمال العدوانية تحتاج إلى تصحيح العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية سريعاً، وتصحيح العلاقات العربية – العربية، نحو تضامن عربي جدي وحقيقي، ينفذ قرارات القمم العربية تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى الساخنة. كذلك على القمم الإسلامية أن تتحول من الإعلانات والكلام والتضامن الأخلاقي والمعنوي، إلى خطوات عملية. بدون هذه الخطوات العملية المتعددة، فإن سياسة ترامب العدوانية، وسياسة نتنياهو العدوانية ستتواصل بأشكال متعددة، وليس أمامنا إلا إنهاء الانقسام، وإعادة بناء الشراكة الوطنية الغائبة، بين فصائل منظمة التحرير، وكذلك أي بصمود كل الفصائل التي لازالت خارج إطار م.ت.ف او محجمة عن العمل الفاعل في منظمة التحرير ..
على جبهة غزة العدوان الاسرائيلي لا يتوقف. مسيرات العودة وكسر الحصار تتواصل، غزة منكوبة بالحروب عليها. ومنكوبة بالانقسام. تفتقد الكهرباء والماء والدواء، والصرف الصحي، والأمن الغذائي، وتعاني الجوع والبطالة والفقر، صامدة ضد شروط العدو «الهدوء مقابل الهدوء»، وقطاع غزة الشجاع يعلن «لا للهدوء مقابل تمرير المال»، «لا للتطبيع مع دولة الاحتلال مقابل الدولار»، إنهاء الانقسام اليوم قبل الغد، ضرورة وطنية فلسطينية وعربية ودولية، لكسر الحصار، وبناء الحياة الكريمة على جبهة المقاومة والصمود.