في غفلة من غياب المؤسسة التشريعية ثمة من يحاول الصيد الثمين وبالقانون،والتعدي على الدستور ، فقد وصل الى يدي مشروع قرار بقانون بشأن المحافظات (المحافظون) حيث بقي إلى جانب مكتبي برهة من الوقت وأنا متردد في قراءته والخوض فيه، ثم تذكرت مقولة السيد الرئيس"حرية سقفها السماء "، انتابتني هزة من شجاعة وبدأت بتصفح مواده وأنا أسأل بيني وبين نفسي، هل نريد دولة قانون ودولة حريات ودولة ديمقراطية كما جاء بالقانون الاساسي الفلسطيني (الدستور)؟؟؟ ام نريد دولة بوليسية يتفرد بها الشخص بالقرار دون رقيب او حسيب ؟؟.


أجزم بأن مثل هذا القانون مخالف للقانون الاساسي ، وفيه تغول على صلاحيات السلطة القضائية بشقيها القضاء والنيابة العامة ، وفيه اختلاس قانوني من أموال الهيئات المحلية والبلديات لصالح المحافظات، وفيه فرض ضرائب ورسوم جديدة خارج القانون، وفيه مخالفة لصلاحيات المجلس التشريعي المناط به إصدار القوانين التي تقوم بترتيب ضرائب او رسوم على المواطن.


هذا القانون المزمع رفعه الى السيد الرئيس لاقراره سيثير موجة من الجدل، فالمحافظ سيكون له الحق بحبس اي شخص بحالة الشبهة، "شبهة بوجود خطر على حياة شخص" او شبهة او قرائن على ان هناك شخصا ينوي ارتكاب جناية، فتكفي الشبهة او الاشتباه على النية لدى شخص انه سيرتكب جناية ، فما بالك اذا قلنا ان النيات لا يعلمها الا الله، ثم هل يحبس شخص على شبهة ان لديه نية، ما ورد بالمادة 15من القانون يخالف ثلاث قواعد قانونية معتبرة في كل دول العالم ( الا في فلسطين) وهي :


المتهم بريء حتى تثبت ادانته ، الشك يفسر لمصلحة المتهم ، و ان الاحكام لا تبنى الا على اليقين لا على الشك والتخمين ؛ثم ان مدة التوقيف او الحبس على ذمة المحافظ لا حدود لها بمدة.


مشروع القانون، يا سادة يا كرام، يلغي قضاءا متخصصا في المحاكم وهو القضاء المستعجل، فالمحافظ يستقبل الشكاوى والدعاوى ويقرر بشأنها وله اعادة الحال الى ما كان عليه في حالات عددتها المادة 16و 17 من المشروع، وفي ذلك تغول على صلاحيات المحاكم .


هذا المشروع الذي دفعت على صياغته الاموال، وعقدت لمناقشته الندوات والورشات، في قاعات مكيفة وفنادق سجادها احمر ، وأعدت بنهاية الندوات ولائم الطعام والشراب، قطعا لا يلبي طموح من ينشد دولة القانون والحرية والديمقراطية والفصل بين السلطات.


لن نناقش المادة 43 من القانون الاساسي التي تجيز اصدار قرارات بقانون لحالات الضرورة، فهل يوجد ضرورة ايها السادة الساعون لاقراره بهذه السرعة وبغفلة عن مؤسسات المجتمع المدني والكتل البرلمانية؟؟؟.


السيد الرئيس .. نرجوك ان تقرأ المشروع، لن ترضى بما ورد فيه من مخالفة للدستور ، نتمنى منك حماية الدستور وان تبقى حاميا لمبدأ الفصل بين السلطات واحترام القضاء.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد