في صباح هذا اليوم قرأت خبرا مفاده أن النيابة العامة في إسرائيل وجهة لائحة إتهام ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو , وذلك بتهمة الفساد والرشوة , وقبل ذلك قامت الشرطة بإستدعاء نتنياهو وزوجته عدة مرات للسؤال والإستجواب , بالإضافة الى تحقيق النيابة العامة لهما عدة مرات , وأنا أتوقع ولا أجزم أن قيمة المبلغ المتهم به نتنياهو بالرشوة لا يتجاوز قيمة النتريات والبدليات والمخصصات  التي تتمتع بها  بعض قياداتنا في غزة والضفة , وأيضا لا يتجاوز قيمة مستحقات بعض الموظفين لدى الحكومة سواء في غزة أو في الضفة .

لا أخفي عليكم , فعندما قرأت هذا الخبر زعلت كثيرا , ليس زعلي لإدانه نتنياهو أمام القضاء , ولكن زعلت لأن إسرائيل تحترم القانون ونحن لا نحترم القانون ,  رغم أننا نحمل ثلاث صفات تحتم علينا أن نحترم القانون كإسرائيل , بصفتنا مسلمين , وبصفتنا عرب , وبصفتنا فلسطينيين أصحاب قضية عادلة وتحتاج منا أن نحكم بالعدل .

وكما قال شيخ الإسلام , إبن تيمية "الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ,ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" , وإستنادا على هذا القول فهذا يعني أن إحترام إسرائيل للقانون سيطيل في عمرها , والعكس صحيح بالنسبة لنا كفلسطينيين .

نريدها دولة تحترم القانون والدستور كما يقولون الساسة في خطاباتهم المتكررة , ففي عام 1993م قررت منظمة التحرير إقامة دولة مستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية , وذلك عبر إتفاق أوسلوا الشهير , وفي عام 1994 م تم تنفيذ الإتفاق بخطوته الأولى , ورغم أن الإتفاق يعطينا أقل من ربع فلسطين التاريخية كدولة , إلا أنه حظي بموافقة شعبية كبيرة وإستقبال جماهيري واسع , وقام الشعب الفلسطيني بإحتضان الشهيد القائد ياسر عرفات ومنظمة التحرير متشكلة بقوات السلطة ومؤسساتها , وهذا يعني أن الشعب يفضل دولة القانون والدستور والمؤسسات والإستقلال بذاته , وحتى لو كانت هذه الدولة على شبر واحد من تراب الوطن , وحتى الفصائل المعارضة لإتفاق أوسلوا اصبحت اليوم تطالب بأقل بقليل من أوسلوا , وفي وثائقها الرسمية وخطاباتها السياسية أصبحت الفصائل تنادي بإقامة دولة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية , وآخرها وثيقة حماس الأخيرة والتي أقرت من خلالها قبولها دولة على حدود 1967م , وهذا يشير الى أن جميع شرائح الشعب الفلسطيني ترغب في دولة مستقلة ديمقراطية مدنية تحكمها المؤسسات والقانون .

ملاحظة : إستشهادي بإتفاق أوسلوا كان على فرض  أن أوسلوا مكتملة من الناحية القانونية والسياسية , وليس كما هي الآن وبعد أن قررت إسرائيل تدميرها والتنصل منها , فإسرائيل كانت تعتبر أوسلوا إنجاز للفلسطينيين رغم أنها لا تعطينا إلا ربع مساحة فلسطين التاريخية , لأن إسرائيل لا تعترف بوجود الفلسطينيين أصلا , وكما يقولون أن فلسطين أرض بلا شعب .

والسؤال هنا , هل دولة المؤسسات الفلسطينية تحترم القانون , أم لا زالت الأحزاب تنهش في جسدها ؟ الإجابة لا , لا تحترم القانون بدليل عدم وجود إنتخابات رئاسية وتشريعية وهيئات محلية , وبدليل أن الأحزاب السياسية وأجنحتها العسكرية أصبحت القاضي والجلاد , وبدليل تنازع السلطات الثلاث وتداخل الصلاحيات فيما بينهما , وبدليل الخلط بين منظمة التحرير والدولة والحكومة والحزب , وبدليل الحرب الدستورية بين الاحزاب والمؤسسات , وبدليل أن السلطة التنفيذية تعتقل وتداهم وتقمع من تشاء وقتما تشاء دون الرجوع للسلطة القضائية ... إلخ من تجاوزات للقانون .

إحترام القانون واجب وطني مقدس ويجب العمل عليه من قبل الحاكم والمحكوم , فلا عودة وتحرير قبل إحترام القانون , ولا إنهاء للإنقسام "العار" قبل إحترام القانون .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد