يسعى وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان من استقالته إلى تنصيب نفسه رمز سياسي يميني كي يمنحه جمهور اليمين أصواته في الانتخابات القادمة والعودة بقوة للساحة السياسية. وبعد فشله في توسيع دائرة الخيارات الإسرائيلية للتعامل مع قطاع غزة منذ توليه منصب وزير الأمن، غير أنه لم يقدم سوى القتل والدمار.

استقالة ليبرمان هي بدء للمعركة الانتخابية القادمة ويرغب أن يظهر خلالها على أنه “رامبو حقيقي” وليس “رامبو من بلاستيك”، كما وصفه عضو كنيست سابق من حزبه.

وفي تغريده له على حسابه على تويتر قال: أنني أقف إلى جانب سكان الجنوب الأقوياء الذين يظهرون منذ وقت طويل شجاعة وشخصية قوية، أقول لكم أنتم رواد اليوم الحقيقيون، قلبي وآمالي مع عائلات الأسرى والمفقودين واتمنى ان يعود أبنائكم إليكم.

ليبرمان خلال المؤتمر الذي أعلن فيه استقالته، ذكر بان سبب الاستقالة تخاذل حكومة نتنياهو ورضوخها للإرهاب، ودعا إلى تقديم الانتخابات بأسرع وقت ممكن. وقال أن ما نفعله عمليا الآن كدولة، هو أننا نشتري هدوءً لأمد قصير بثمن المس بشكل خطير بالأمن القومي للأمد البعيد، وأريد أن أذكّر بإدخال الوقود القطري، وفقط بعد إصدار رئيس الحكومة أمرا خطيا اضطررت إلى السماح بإدخال وقود قطري إلى القطاع”. وإدخال 15 مليون لغزّة.

ووفقا لوسائل الاعلام الاسرائيلية فإن نتنياهو والقيادة الأمنية الإسرائيلية لم يصغوا الى مقترحات ليبرمان وتعاملوا معه طيلة الفترة السابقة بـ”استخفاف”، إذ فرض نتنياهو وافق نتنياهو على تثبيت التهدئة يوم الثلاثاء، ولم يطرحه للتصويت في الكابينيت، المجلس الوزاري المصغر.

ليبرمان وجه هجومه ونقده لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ، ولم يتحدث عن فشله في وزارة الأمن، وعدم قدرته على توجيه ضربة شديدة إلى قطاع غزة تعيد الردع الإسرائيلي في مواجهة فصائل المقاومة وفي مقدمتها حركة حماس . ليبرمان تجنب نقد الجيش والمؤسسة الأمينة، لأنه يدرك أن تقييمات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لا تنصت إلى تصريحات السياسيين، كونها تتجاهل مصالحهم الشخصية مع إقتراب موعد الانتخابات، وهذا يوضح إنتهازية ليبرمان وتقديراته المتعلقة بالتحضير لخوض المعركة الإنتخابية القادمة.

وهي معركة حقيقية على مستقبله السياسي، إذ أن الاستطلاعات تبيّن أن شعبية حزبه في تراجع كبير تهدد باختفائه، وذلك من خلال المزايدة على مواقف نتنياهو تجاه غزة. ومع ان استطلاع للرأي أجرته “شركة الأخبار” الإسرائيلية (القناة الثانية سابقًا)، نشر مساء أمس الأربعاء، بعد استقالته، أن ليبرمان استفاد من الاستقالة حيت ارتفع تمثيل حزبه (يسرائيل بيتينو) في انتخابات برلمانية تجري اليوم بمقعدين اثنين، ليصل تمثيله في الكنيست إلى 7 مقاعد.

في العام 2014 كان ليبرمان وزير الخارجية في حكومة نتنياهو، وقبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عقد مؤتمرا صحافيا وانتقد فيه سياسة الحكومة في غزة، وأعلن عن تفكيك الائتلاف السياسي الشراكة بين “يسرائيل بيتينو” وحزب الليكود.

منذ تولي ليبرمان وزارة الامن هدد باغتيال اسماعيل هنية، ذهب ليبرمان وربما يذهب ولن يعود للعمل السياسي بالرغم من حساباته السياسية الإنتخابية ومخاطبة اليمين، وبقي هنية وقيادة المقاومة الذين فرضوا معادلة وتكتيك مختلفان هذه المرة، وبهدوء. وشنت المقاومة حرب نفسية عبر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بدء من كشف القوة الخاصة في خان يونس وقتل قائدها واصابة اخرين، او من خلال نشر فيديوهات عملية العلم وعملية الكورنيبت باستهداف اتوبيس بعد ان تأكدت المقاومة من نزول الجنود منه.

وكذلك توسيع دائرة قصف الصواريخ حسب الرد الإسرائيلي واستهداف عسقلان، ومحاولة تضليل القبة الحديدية، ووفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن المقاومة أطلقت رشقات صاروخية ثقيلة تتألف من عشرات الصواريخ، وصلت أحيانا إلى أكثر من 50 صاروخا، على مساحة صغيرة نسبيا، وخلال فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز 10 دقائق، مثلما حصل في الرشقة الصاروخية الأولى كما حدث يوم الإثنين، على مستوطنات “غلاف غزة”، وخلال ساعات الليل في عسقلان. وتضيف يديعوت، فقد كان الهدف من الرشقات الصاروخية هو استنفاد مخزون الصواريخ الاعتراضية في لحظة معطاة في منظومة إطلاق الصواريخ الاعتراضية.

وبحسب ما ذكره الجيش الإسرائيلي، فإن منظومة “القبة الحديدية” اعترضت 120 صاروخا كان يفترض أن تنفجر في مناطق مأهولة من بين 400 صاروخ أطلقت من قطاع غزة، ونحو 20 صاروخا أصابت مباني سكنية وزراعية وشوارع، وتسببت بمصرع شخص واحد وعشرات الإصابات. في المقابل، أكد الجيش أن الحماية بواسطة “القبة الحديدية” ليست كاملة، وأن الدمج بين الإنذار السريع نسبيا من قبل الجبهة الداخلية، وبين الانصياع لتعليمات الوقاية، من شأنه أنه يمنع وقوع إصابات، إلى جانب اعتراض الصواريخ.

غزة تخلط الأوراق مجددا في اسرائيل وخلخلت أركان حكومة نتنياهو، وليبرمان أعلن استقالته من حكومة نتنياهو. وإجراء الانتخابات لا يعني تغيير حقيقي في الخارطة السياسية والحزبية الاسرائيلية، ونتنياهو يسعى لإنتخابات مبكرة، للحصول على شرعية جديدة من الإسرائيليين بعد ملفات التحقيقيات ضده، وهو يسعى للاستمرار في الحكم لفترة اطول من بن غريون الذي حكم مدة 13 عاماً ويشبه نتنياهو نفسه به.

أحزاب اليمين هي التي تسيطر على المشهد، حتى مع الصراع على حقيبة الأمن ومع مكونات الإئتلاف، إلا نتنياهو لديه القدرة على إقناعهم وهو باق والليكود هو الأقوى، حتى لو استطاعت بعض الأطراف في الليكود الإطاحة بنتنياهو، وهذا مستبعد، وسيظل الليكود يقود بالشراكة احزاب اليمين لفترة طويلة.

والسؤال: استقالة ليبرمان:مأزق لنتنياهو أم مأزق للفلسطينيين؟ لن يتغير شيئ في سياسة اسرائيل العدوانية ضد الفلسطينين وارتكاب مزيد من القتل والدمار، ومصادرة الاراضي والتنكر للحقوق الفلسطينية ومحاولات نتنياهو بتعزيز الإنقسام وفصل غزة، بل ستتوغل إسرائيل أكثر في دم الفلسطينيين طالما بقي حالهم على ما هو عليه، وإذا لم يسعوا بشكل حقيقي للبناء على ما تحقق من وحدة حال في غزة وانهاء الإنقسام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد