225-TRIAL- أيام قليلة تفصلنا عن نهاية العام الجاري، والمرجح أن ليس هناك من فرصة للتوجه إلى مجلس الأمن من قبل دولة فلسطين، لمناقشة وإقرار المشروع الفلسطيني القاضي بانسحاب إسرائيل من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، وفقاً لبرنامج زمني محدد، ومقترح أن تشرين الثاني 2016 موعد أخير لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس على كافة المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن.
مع بداية العام القادم، بعد أسبوعين، هناك متغير جوهري يتعلق بالتجديد لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة، الأمر الذي من شأنه تعزيز الموقف الفلسطيني بالنظر إلى أن الدول الجديدة، أو معظمها من الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية، مع ذلك فإن التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن، قد يراعي اعتبارات يجب أن تؤخذ بالحسبان، خاصة فيما يتعلق بنشاط أوروبي ملموس بات معنياً بدور أوروبي أساسي في تعزيز دور مجلس الأمن فيما يخص القضية الفلسطينية، الدور الفرنسي المعلن بهذا الشأن لم يكن إلاّ إشارة إلى جهد أوروبي فاعل، أو يريد أن يكون فاعلاً، باريس أجرت خلال الأيام القليلة الماضية عدة اتصالات مع لندن وبرلين، لبلورة موقف أوروبي موحد يتلخص ـ حسب معلومات إعلامية ـ في بندين أساسيين: استئناف المفاوضات على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وتحديد سقف زمني لقيام دولة فلسطينية وفقاً لهذه المفاوضات. المشروع الأوروبي المقترح ـ وهو قيد التبلور ـ يصطدم بموقف أميركي يشير أولاً إلى أن فترة الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، لا تسمح للولايات المتحدة باتخاذ مواقف تجاه الدولة العبرية، وثانياً فإن تحديد سقف زمني دون موافقة الجانبين على هذا التوقيت ـ والمقصود هنا إسرائيل بطبيعة الحال ـ من شأنه أن يضع واشنطن في موقف حرج في حال تم عرض المشروع على مجلس الأمن، فهي قد تلمح إلى أنها قد لا تستخدم حق النقض والاكتفاء بالامتناع عن التصويت لتمرير المشروع، غير أنها تلمح إلى ذلك للضغط ليس إلاّ، إذ ان واشنطن لن تسمح بتمرير مثل هذا المشروع في مواجهة مع إسرائيل.
المقترح الفرنسي الدائم، بعقد مؤتمر باريس حول "النزاع" الفلسطيني ـ الإسرائيلي، بمشاركة الطرفين ودول عربية وأوروبية إضافة إلى الولايات المتحدة، سيظل مرفوعاً مع أن فرنسا تدرك أن لا فرصة لعقد مثل هذا المؤتمر في ظل الوضع الإسرائيلي الحالي، لكن قد يجد فرصته فيما لو نتجت عن الانتخابات العامة الإسرائيلية في آذار القادم، قيادة جديدة، ليمين الوسط المتحالف مع اليسار الإسرائيلي، إلى ذلك الوقت، سيظل هذا المؤتمر مرفوعاً من قبل فرنسا، كشكل من أشكال الضغط، على الولايات المتحدة وإسرائيل، باعتباره بديلاً ممكن التعامل معه إزاء التوافق الأميركي ـ الإسرائيلي، حول مفاوضات لا نهاية لها وبلا سقف زمني محدد.
من المفترض أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري في العاصمة الإيطالية اليوم، أو غداً برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو . إعلان كيري عن هذا اللقاء بالغ الدلالة، ليس فقط من ناحية التوقيت، بل إشارة وزير الخارجية الأميركية إلى أن هذا اللقاء يأتي في ظل المبادرات الجارية في الأمم المتحدة، وانه سيلتقي بهذا الشأن، إضافة إلى نتنياهو، زعامات أوروبية، لبحث هذه المبادرات، التي يرى فيها كيري تدفع باتجاهات مختلفة، والمطلوب تحديد وجهتها بشكل موحد في ذات الاتجاه.
ويبدو أن هناك تفهماً أميركياً للجهد الأوروبي، إلاّ أن وزير الخارجية الأميركية يهدف إلى إقناع أوروبا، بأن بلورة أي تفاهمات حول المشروع المقدم من قبلها إلى مجلس الأمن، يجب أن يأخذ بالاعتبار عدم تحديد سقف زمني "دقيق" وتليين الموقف الإسرائيلي من خلال التعهد بالاعتراف بإسرائيل "كدولة قومية للشعب اليهودي" والتعهد بإقناع الجانب الفلسطيني باعتراف مماثل.
ولكن، كافة هذه الجهود، ربما تؤدي إلى تفاهمات أولية، انتظاراً لنتائج الانتخابات العامة الإسرائيلية في آذار المقبل، كدلالة إضافية إلى أن اللاعب الأساسي، في كل هذه الجهود هي إسرائيل، التي تعرقل والتي قد تسمح لتفاهمات تتفهمها هي بالدرجة الأولى، معظم هذه الجهود، إن لم تكن كلها، تأخذ بالاعتبار الموقف الإسرائيلي بالدرجة الأولى وتبني سياساتها وتعاطيها مع المسألة انطلاقاً من هذا الأمر، وهو ما أعاق أي جهد أوروبي أو أميركي أو دولي، حتى الآن من أن يتبلور بشكل محدد.
دول الاتحاد الأوروبي، ستستخدم الضغوط التي مارسها الرأي العام الأوروبي، على برلمانات دول عديدة، على السلطات التنفيذية لديها، من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعامل في مواجهة التردد الأميركي والتعنت الإسرائيلي، فهذه الدول لا يمكن لها على ضوء التصويت في برلماناتها، حتى لو كان رمزياً، أن تدير الظهر طويلاً لضغوط الرأي العام لديها، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر تأثيراً مباشراً على الانتخابات البرلمانية القادمة لديها، وبحيث من الممكن أن تصل أحزاب مؤيدة للقضية الفلسطينية إلى سدة الحكم، وحينها، لن ينفع لا التردد الأميركي ولا التعنت الإسرائيلي، فأوروبا ستقول كلمتها في نهاية الأمر!!
Hanihabib272@hotmail.com

223

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد