تعود جلسات العصف الفكري حول الطريقة المُثلى لتطبيق المصالحة بين حركتي فتح و حماس إلى الأضواء من جديد، والتي وصلت إلى حد الطلاق، وغابت النوايا الحسنة والثقة ما بين الجانبين، بعد تفجير موكب الحمد الله في القطاع، واستمرار الحكومة في الإجراءات العقابية بحق سكان القطاع من جانبها، لكل واحد من طرفي الانقسام مبرراته ورؤيته الخاصة في التعامل مع الواقع المرير الذي يعيشه المواطن في القطاع، ومن الواضح أن طرفي النزاع متفقين هذه المرة على الاستمرار في مسلسل الانقسام، دون احداث تغيرات جوهرية على الشكل الحالي، وأن الحديث عن العودة للمصالحة، هي بمثابة ذر الرماد في العيون، لكسب مواقف سياسية وكسب مزيداً من الوقت في انتظار ما ستتمخض عنه صفقة القرن .

مؤخراً قال إسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس أن حركته تنوي تنفيذ اتفاق المصالحة رزمة واحدة، من جانبه قال نيكولاي ملادينوف منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، حول اجتماعاته في القاهرة بأنها "اجتماعات مثمرة مع النظراء، حول كيفية دعم جهود المصالحة التي تقودها مصر؛ من أجل إعادة الحكومة الفلسطينية إلى غزة "، من جانبه تمسك عزام الأحمد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح بالوسيط المصري لإتمام المصالحة مؤكداً أن المطلوب في هذه المرحلة هو تنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه حول المصالحة.

لقد مر مسلسل المصالحة الفلسطينية بجولات متعددة في السابق من أجل الوصول إلى مسودة اتفاق يقضي بانها الانقسام، وهذا ما حصل عده مرات، دون تطبيق فعلي لتلك الاتفاقيات، وتم وضع امامها العراقيل وتصادمت بالكثير من العقبات، التي تتلخص في عدم وجود إرادة وطنية لدى طرفي الانقسام من انهائه وفتح صفحة جديدة من العلاقات الوطنية الفلسطينية تُفضي للوصول الي صندوق الاقتراع من أجل تجديد قيادة الشعب الفلسطيني.

في ضوء ما سبق ما اخشاه عدم قدرة المصريين على النجاح هذه المرة في جلب طرفي الانقسام الى طاولة الحوار من جديد وتدارس العقبات والاخفاقات التي لازمت الاتفاق المنصرم، وفتح المجال مجدداً للقاءات من أجل أن تُثمر باتفاق يقضي بانها الانقسام، ولكن يبدو أن النوايا المُبيتة لا تُبشر بخير.

هناك أزمة ثقة ما بين الطرفين، وتيرمومتر التوافق الوطني لا يؤشر الى الخروج من مأزق الانقسام في القريب العاجل، لأن الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية كبيرة وعظيمة، فهناك مشروع امريكي إسرائيلي يتم الترويج له في المنطقة يُعرف بصفقة القرن، وهناك حديث دائم على المقايضة السياسية لإحداث تغيير في قطاع غزة، من خلال ضخ مساعدات مادية وغذائية لإنقاذ اقتصاد قطاع غزة من التدهور المستمر منذ أكثر من 11عاماً، ذلك الحديث المتكرر عن المساعدات والأموال الامريكية لقطاع غزة يُثير القلق في السلك الدبلوماسي وأروقة السلطة الفلسطينية في رام الله ، وهي لا تُريد أن تخسر قطاع غزة تحت أي ذريعة، وتخشى أن تقبل حركة حماس تلك المقايضة من أجل تحسين ظروف الحياة في القطاع مُقابل ثمن سياسي يكون على حساب القضية الوطنية الفلسطينية.

بات من الواضح أن جولة المصالحة القادمة تحتاج إلى "الضامن" من أجل التنفيذ والتطبيق الفعلي، ووضع مزيداً من الشروط على الطرفين، من أجل إبقاء شمعة الأمل مشتعلة، لُتنير النفق المظلم، الذي نسير فيه منذ 11 عشر عاماً.

كاتب وصحفي فلسطيني

alhadath@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد