66-TRIAL- قبل اسابيع قليلة كتبت ضمن زاوية المشهد السياسي، مقالا بعنوان "المؤتمر السابع"، وقد تلقيت ملاحظات عديدة على المقال، معظمها يتهمني بالافراط في التفاؤل، ذلك ان مؤتمرا عاما بوزن مؤتمر فتح ، لا يمكن ان يتم في موعده بفعل التراث، وقدرة من لا يريدون عقد المؤتمر على ايجاد ذرائع لمنعه، تحت عنوان تاريخي لا يتغير وهو ... " إن الظروف لا تسمح".
وفي هذه المقالة، سوف اواصل الافراط في التفاؤل ، ليس من قبيل المقولة الشهيرة "تفاءلوا بالخير تجدوه"، وانما لان صديقا ابلغني معلومة تستحق البناء عليها، وهي ان الرئيس محمود عباس قائد عام حركة فتح، ابلغ عددا من كوادر تنظيم فتح، بانه مصمم على عقد المؤتمر السابع في موعده، أي في منتصف الشهر القادم، وان المؤتمر لن يزيد عدد اعضائه الفاعلين عن الف، ولتأكيد القرار بالاجراء، فقد كلف القائد العام، عدداً من معاونيه لاختيار المكان المناسب في رام الله لعقده، وعلى ذمة الرواي، فان القائد العام ابلغ المجتمعين بانه لن يسمح باضافة عضو واحد لا قبل المؤتمر ولا اثناءه.
هذا هو القرار الضروري والصحيح ، اما الـ "لكن" فهي قرينة هذا القرار، وشرطه الحدي لكي ينتج مؤتمرا بنّاءً، أي انه مختلف عن المؤتمر السادس، الذي حارت كل حواسيب العالم في تحديد عدد اعضاءه، فقد بدء بالف وخمسمائة، فتوالدوا اثناء الانعقاد في بيت لحم ليصلوا الى الثلاثة الاف، وفي حالة كهذه، فان المؤتمر الذي جاء بعد عقود من المؤتمر الخامس ، كان لابد وان يغرق في الفوضى، وان يمتلئ كل يوم فيه بمخالفات جوهرية أثرت كثيرا في نتائجه، وأكثر واعمق التأثيرات السلبية كانت التراجع الملحوظ في فاعلية الحركة على كل المستويات، ولا داعي لللاسهاب في ذكر الامثلة على ذلك، ويكفي القول ان اجماعاً في الحركة وبين مناصريها تنامى خلال السنوات الخمس الماضية بأن الامور ليست على ما يرام.
والـ "لكن" التي هي اساس هذه المقالة، تعني حتمية الاجابة عن اسئلة كثيرة من الان، كي ينعقد المؤتمر وقد خلت طريقه من الالغام والمخالفات والجنوح، بعيدا عن الهدف الذي من اجله عُقد.
والسؤال الاول... كيف لو منعت حماس اعضاء مؤتمر فتح من غزة ، كما فعلت في المؤتمر السادس؟
هل هنالك من صيغة غير التصويت بالهاتف لمعالجة هذا الاحتمال، دون ان يتخذ كذريعة لتأجيل المؤتمر او الغاءه؟ واضعين في الاعتبار ان التمثيل الغزي في فتح، وفي أي اطار وطني، هو ضرورة لا غنىً عنها، انطلاقا من أن غزة المثخنة بالجراح الان هي الحاضنة التاريخية التي ولدت فتح فيها ونمت وتكرست .
والسؤال الثاني... هل تُتخذ ومن الان اجراءات وترتيبات ناجعة توقف العبث الانتخابي الذي تجسد في اغراق المؤتمر بقوائم تحمل عناويين متعددة، فهذه قائمة القائد الفلاني وتلك قائمة الجهاز العلاني ... وهكذا، ما افقد المؤتمر السادس مقومه الديموقراطي الاول، وهو حق العضو في الاختيار دون توجيه او الزام ، واذا لم تعالج هذه الظاهرة السيئة مسبقا، فسيكون مؤتمر فتح عامل تعميق للانقسام وتجسيد لنوع بائس من التمحور والاستزلام، بدل ان يكون رافعة مضمونة لتقدم الحركة نحو اهدافها.
والسؤال الثالث... الذي ينبغي ان يُجاب عنه قبل انعقاد المؤتمر ، وهو تغيير النظام الداخلي، الذي ابتعد كثيرا عن الواقع المتغير الذي فرض نفسه على الحركة، ما جعله احد عوامل الجمود فيها ، بل ان عدم تجدده ادى الى وضعه على الرف، لتدار الحركة عشوائيا تحت ضغط حالة الالتباس بين مهامها كتشكيل مستقل، ومهام منظمة التحرير كاطار جبهوي، واطار السلطة الوطنية المحسوبة كما لو انها دائرة من دوائر فتح، بينما واقع الامر يقول انها غير ذلك.
ولا شك ان هنالك اسئلة كثيرة تحتاج الى اجابة مسبقة، والمؤتمرات في العادة تحضر اوراقها قبل انعقادها، وتناقش هذه الاوراق لفترة محدودة اثناء انعقاد المؤتمر، ويكون اقرارها من عدمه هو المهمة النهائية.
لا اريد التوسع في هذه المقالة، بالحديث عن مزايا المؤتمرات في الحياة السياسية، وخصوصا في حياتنا نحن، فتلك امور بديهية يعرفها الجميع ، وعلى جلودنا عرفنا النتائج الكارثية لاهمال المؤتمرات والاستخفاف بها.
نعم... ان قرار عقد المؤتمر العام السابع في موعده المحدد، أي منتصف الشهر القادم مع وضع الضوابط الكفيلة بعدم تكرار ما حدث فيما مضى، هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وحين نحاول ان نعالج المشاكل التي اثارتها الـ "لكن" فبوسعنا ان نتفاءل بمؤتمر بنّاء وحركة اكثر قوة وفعلا في الحاضر والمستقبل. 15

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد