279-TRIAL- من المتوقع، بل ربما كان من الطبيعي أن ترتفع حرارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى درجة الجنون، كلما اقترب موعد تقديم الفلسطينيين لمشروع القرار الذي يطالب الأمم المتحدة، ممثلة بمجلس الأمن بتحديد سقف زمني، أو موعد محدد لانتهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين، توطئة لإقامتها على الأرض.  وبذلك من المتوقع، كما حدث في عام 1988 حين تم إعلان استقلال دولة فلسطين، لتحديد الجهة المسؤولة عن الضفة الغربية وقطاع غزة و القدس الشرقية، بعد إعلان الأردن فك ارتباطه بالضفة الغربية، أن تعلن إسرائيل، في محاولة لقطع الطريق على الفلسطينيين أو لثنيهم عن هدفهم، عن نيتها تطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، لكن من الواضح أن مثل هذا التهديد، إنما هو من قبيل التشدق الكلامي، ذلك انه من البديهي القول، بعجز إسرائيل عن القيام بمثل هذه الخطوة، ليس لأنها غير شرعية في نظر القانون الدولي، الذي ما زال يرى في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عام 67 أراضي محتلة، بل لأن ذلك سي فتح الباب أمام إسرائيل للاختيار بين خيارين أحلاهما مر : إما أن تستمر في التمييز بين سكان هذه المناطق التي واصلت التعامل معها طوال 47 عاما كمناطق " مدارة " بما يفضحها كدولة تمييز عنصري بشكل صريح وفاضح، أو التحول لدولة ثنائية القومية !  أن التصدع الذي بدأ مؤخرا في حكومة نتنياهو، والذي بدأ باستقالة وزير الداخلية جدعون ساغر الذي كان يوصف بالرجل الثاني في الليكود قبل أقل من شهرين، وتبعه عمير بيرتس، وزير البيئة، عن حزب الحركة قبل أيام، في الوقت الذي قد يفرض ذلك على أحزاب أخرى بما فيها حزب يائير لبيد، ما يعني أن حكومة نتنياهو تواجه تحديا جديا، قد يفرض عليها انتخابات مبكرة. هذا التصدع والارتباك في أداء حكومة نتنياهو له علاقة بالحرب السياسية والأداء الناجع الذي تقوده السلطة الفلسطينية، والتي رغم ما فرضته إسرائيل من تحد بشن حربها على غزة، فإنها أبدت رباطة جأش، وخاضت تلك الحرب بانضباط وحكمة، وبتقديرنا لن يطول الوقت، حتى تبدأ النتائج في الظهور .  لعله من الضروري التذكير، بمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل القائد التاريخي للفلسطينيين، بان غياب عرفات عن الساحة الفلسطينية، رغم فداحته، إلا أنه لم يؤد إلى استسلام الفلسطينيين، ولا إلى أن يحيدوا عن الطريق الذي سارعوا عليه منذ عام 1974، طريق البرنامج المرحلي، وإعلان الاستقلال 1988، ورغم اختلاف طريقة القيادة، وأدوات الكفاح الوطني، إلا انه يمكن القول بكل ثقة، بأن طرق أبو مازن إنما هو طريق عرفات، الذي لن يصل إلى نهايته إلا بتحقيق هدفه، وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود العام 1967 .  وإذا كان أبو عمار قاد الكفاح المسلح بالظاهرة الفدائية، على طريقة جيفارا، فيتنام والجزائر، في ظل الحرب الباردة، فان أبو مازن يقود كفاحا وطنيا على طريقة مانديلا وغاندي، في ظل ما بعد الحرب الباردة، وإذا كان من المنطقي الإشارة إلى أن وصول الفلسطينيين إلى نهاية الطريق لم تحدث بعد، فانه من العدل الإشارة إلى الظروف التي كانت وتلك التي ما زالت تحول دون ذلك. في أيام الحرب الباردة، كان قطب دولي وحلفاء إقليميون له يقفون ضد إقامة الدولة الفلسطينية، لأنها كانت ستحسب على المعسكر الشرقي، أما الآن فانه مع قبول الغرب لإقامة الدولة الفلسطينية، فان تعقيدات وتداخلات الحالة الإقليمية تحول حتى اللحظة دون ذلك، ما فتح الطريق للكفاح السياسي على الصعيد الدولي وعبر الأمم المتحدة لأن يشق طريقه . أما عن العامل الذاتي، فأنه لابد من القول بأنه رغم التضحيات الجسيمة للشعب الفلسطيني طوال العقود الماضية، كانت حركة فتح بقائديها : ياسر عرفات و محمود عباس تواجه مشاكل داخلية، تثيرها فصائل أخرى، لا تتمتع بحس المسؤولية الوطنية الكافي، كما هو حال حركة فتح، لأنها تقدم فكرا عقائديا، في الماضي كانت جبهة الرفض، تذهب بعيدا، والآن حركة حماس تقوم بالدول المعطل ذاته ! فإذا كان الكفاح السياسي يصل ذروته الآن، فان الإسناد الداخلي، حين لا يعطل، فانه لا يقوم بدور الإسناد المطلوب، بسبب أن " المعارضة " لا تدرك طبيعة المرحلة ولا تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الدولية ثم الأوضاع الإقليمية، وان دور المعارضة في صفوف حركة التحرر هو غيره في ظل النظام السياسي للدول المستقلة، وحيث أن أبو مازن نفسه طالما طالب بحراك أو حتى بانتفاضة سلمية مساندة للكفاح السياسي، فإن حماس وأخواتها ما زالت ترفض هذا، وتقول بالعودة إلى المربع الأول من الصراع، وهذا في أحسن الأحوال، أما في أسوئها فإنها تذهب بعيدا إلى حد الانقسام وإقامة إمارة بديلة عن الدولة المستقلة . وليس أدل على ما نذهب إليه من تفويت فرصة الوحدة الداخلية، وتحويل الذكرى العاشرة لرحيل القائد التاريخي على عرس وطني، يكون من شأنه إطلاق الطاقات الوطنية الموحدة في وجه الاحتلال، خاصة وهو يندفع بشدة في فتح معركة القدس. ورغم أن أبو مازن، كما أشار في اجتماع مركزية فتح يعرف جيدا من قام بتعطيل الاحتفال المركزي، والذي دل عليه بيان داخلية حماس، حين أشار إلى عسكر حماس، بدافع المطالبة بمرتباتهم، فان ذلك يشير بوضوح بأن حماس وهي رهينة بيد عسكرها، غير أمينة على أن تكون شريكا سياسيا موثوقا على الأهداف الوطنية، فضلا عن قيادة الشعب لتحقيقها، فهذا العسكر هو الذي ارتكب خطيئة الانقسام وانقلاب عام 2007، للتفرد بالسلطة، وهو الذي لا يتورع الآن عن تعطيل الوحدة، كذلك عن تعطيل إعمار غزة، التي خرّبها بمغامراته السياسية طوال سبع سنوات عجاف، لتحقيق أهداف شخصية مطلبية، هي مرتبات أفراده !  Rajab22@hotmail.com 137

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد