البارونة البريطانية "تونغ" تعتذر للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور

وعد بلفور

أكدت البارونة جيني تونغ عضو مجلس اللوردات البريطاني، أنها لا يمكنها الاعتذار باسم الحكومة البريطانية للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور، لعدم تمثيلها للحكومة.

وقالت في كلمة عبر الفيديو كونفرنس استضافتها مدينة الناصرة داخل أراضي 48 إنها في المقابل تستطيع الاعتذار عن نفسها، وعن جميع أفراد عائلتها، وعن المئات والآلاف من أبناء المملكة المتحدة الذين يؤيدون القضية الفلسطينية. وتابعت «نعم إننا نعتذر عن وعد بلفور».

وانتقدت تونغ احتفال الحكومة البريطانية بالذكرى المئوية للوعد، وبالدور الذي لعبته بريطانيا «في إقامة إسرائيل الذي اعتبرته مهيناً «ليس لأنني لا أعترف بوجود إسرائيل بل لما فيه من تجاهل لكل ما جرى للشعب الفلسطيني على مدى مئة عام».

جاء ذلك في ندوة دولية نظمها مركز «سنديان للبحوث والحوار والثقافة» حول مرور قرن على وعد بلفور و70 عاما على قرار التقسيم، بمشاركة مختصين في التاريخ والأبحاث، وشخصيات سياسية فلسطينية وبريطانية وإسرائيلية.

وأكد عدد من المشاركين، على الأهداف الاستعمارية من وراء وعد بلفور، الذي ما أن صدر، حتى كان في فلسطين 28 مستوطنة، أقيمت في الفترة العثمانية.

وفي كلمة متلفزة قال الرئيس السابق لبلدية لندن، كين لفينغستون إنه «إذا عدنا وقرأنا ذلك الوعد، فهو يقول عملياً إن خلق وطن لليهود يجب ألا يجري على حساب المسيحيين والمسلمين الذين يعيشون هناك. بالطبع لقد تم تجاهل هذا الأمر». وشكك بالادعاء أن بلفور كان ملتزماً بشكل خاص بالحركة الصهيونية، معتبرا أن الحكومة البريطانية هي التي كانت تعمل بشكل وثيق مع القادة الصهاينة ممن كانوا يساعدون في تمويل بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى ونظروا إلى الوعد على أنه وسيلة لإبقاء الجميع ضمن الموكب ذاته.

وافتتح الندوة باسم مركز «سنديان» المهندس رامز جرايسي الرئيس السابق لمدينة الناصرة، فقال «إن مركز سنديان للبحوث والحوار، حديث العهد، يعنى بإجراء البحوث النظرية والتطبيقية والتوثيقية والإصدارات، واستقراء مواقف مجتمعيّة في كل ما يتعلق بواقع الشعب الفلسطيني، ماضياً وحاضراً، وقراءاتِ مستقبليّة، وعلاقته مع أرضه ومحيطه العام والخاص». وأوضح جرايسي إن المركز يسعى للمساهمة في حفظ وبلورة الذاكرة الجماعية الفلسطينية وإنجاز أبحاث تطبيقية تواكب الواقع الذي يعيشه أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجدهم، مع تركيز خاص على مسيرة فلسطينيي الداخل.

واستعرض البروفيسور مصطفى كبها، رئيس معهد العلاقة بين الأديان في الجامعة المفتوحة، في مداخلته، وقائع تاريخية، تؤكد أن الاستعمار البريطاني في فلسطين، كان هدفه فرض وفد بلفور على أرض الواقع. موضحا أن مهمات ما يسمى بـ «المندوب السامي» كانت أن ينقل لعصبة الأمم المتحدة، تقارير متتالية، حول عملية تأهيل الشعب لإدارة سلطته بنفسه، إلا أن هذا لم يتم. وفي المقابل، فقد عملت بريطانيا على دعم مؤسسات صهيونية ذات طابع سيادي، في حين فرضت على الشعب الفلسطيني إقامة هيئات دينية، مثل المجلس الإسلامي الأعلى، على أساس أن الشعب الفلسطيني في وعد بلفور كان مجرد مجموعات دينية وطوائف.

وأبرز كبها في مداخلته، حالات عديدة لنهج الاستعمار البريطاني، القائم على أساس «فرق تسد» بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد. وقال، إنه حتى صدور الوعد كان قد تأسست في فلسطين في الفترة العثمانية 28 مستوطنة صهيونية، وأنه حتى عام 1917، كانت نسبة اليهود في فلسطين 7,5% من اجمالي السكان، ويملكون 1,8% من الأراضي في فلسطين التاريخية.

من جهته قال الدكتور ضرار عليان، في كلمته، إنه لا ينبغي أن يشغل الفلسطينيون أنفسهم بمطالبة بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور، أو محاكمة بريطانيا، خاصة وأنه ليس لديهم القوة لفرض إرادتهم عليها. وقال إن الرد الفلسطيني يجب أن يعتمد استراتيجية صمود وطنية شاملة جامعة للكل الفلسطيني، وان تتم المصالحة استراتيجيا، وإصلاح البيت الفلسطيني عبر تجديد كافة الشرعيات. منوها الى الحاجة لرسم استراتيجيات وطنية لكيفية التعامل مع المرحلة المقبلة، وإعادة النظر بكافة الاتفاقيات، بما فيها اتفاقيات اوسلو. وتوقف عليان، عند الوظيفة المهمة والأساسية للحفاظ على الذاكرة، وغرسها في الأجيال الناشئة، بما تحمل من كل تفاصيل عن القضية الفلسطينية، وهوية الوطن ومسمياته، كي تكون الأجيال الجديدة، على قناعة مترسخة بمواصلة النضال، حتى تحقيق الأهداف الوطنية والمشروعة لشعبنا.

بريطانيا موحدة بعدم استنكار بلفور

وكانت الجلسة الثانية في الندوة، بعنوان، من بلفور الى النكبة وحتى تعثر التسوية، وترأس الجلسة الكاتب الياس نصر الله، ابن مدينة شفاعمرو والمقيم في بريطانيا، الذي عمل على التحضير لهذه الندوة، من خلال شخصيات بريطانية، إذ قال إنه لم يجد نائبا واحدا من نواب البرلمان الـ 649 قادرا على انتقاد بلفور. وقال إن جميع الأحزاب البريطانية، ما عدا الحزب الشيوعي البريطاني، كلها تؤيد بلفور، بما في ذلك حزب العمال. وقال إن زعيم حزب العمال جيرمي كوربين، الذي لم يشارك في احتفال ذكرى بلفور، لرفضه أن يشارك في حفل يحضره بنيامين نتنياهو لم ينتقد بلفور. كما أن نائبة بارزة في الحزب، تتولى منصب وزيرة الخارجية في حكومة الظل، شاركت في الاحتفال إياه. وقرأ نصر الله ترجمة لمقال صحيفة الحزب الشيوعي البريطاني، الذي ينتقد بلفور وما خلفه من مآس للشعب الفلسطيني.

حل توافقي

وقال النائب موسي راز، السكرتير العام لحركة «ميرتس»، إنه على الرغم من كل الظروف التي نواجهها، فما تزال غالبية كبيرة في البلاد، من اليهود والعرب التي تؤيد حل الدولتين، القائم على المساواة في الحقوق. وقال إن الحل بالنسبة للاجئين يجب أن يكون توافقيا، ولكن في الوقت ذاته أن يأخذ بعين الاعتبار المأساة التي تكبدها اللاجئون. وأضاف ان الجدل حول بلفور حاليا، بعد مئة عام عليه، في ظل ظروف عالمية مختلفة تماما عما هي اليوم، لن يجدي، لأنه لن تجد يهودا يقبلون بنظرة العرب عن بلفور والعكس صحيح. وتابع «رغم ذلك، فإنه ليس كل اليهود كانوا راضين عن بلفور»، وأشار الى أن غياب نواب «الحريديم» عن جلسة الكنيست ، لمرور 100 عام على بلفور لم يكن صدفة.

قرار التقسيم هو الوثيقة الحاسمة

وفي مداخلته، قال النائب يوسف جبارين، إن وعد بلفور، لم يكن وثيقة قانونية حاسمة، بل إن الوثيقة الدولية الحاسمة كانت قرار التقسيم في عصبة الأمم المتحدة، قبل 70 عاما. وقال إن في قرار التقسيم ثلاثة عناصر أساسية لا يتم التطرق اليها بشكل كاف، وهي أولا، مناصفة فلسطين التاريخية، بين الدولة الفلسطينية والدولة اليهودية، وهذا بخلاف تصريح بلفور، الذي شطب حق الشعب الفلسطينية في وطنه. ثانيا أن 45% من سكان الدولة اليهودية، كانوا من الشعب الفلسطيني، مقابل 5% من اليهود في الدولة الفلسطينية، وثالثا إن مصطلح «الدولة اليهودية»، كان مشروطا بالحقوق المساوية لكل الأقليات فيها.

وقال جبارين إن مطالبة الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة له في الضفة والقطاع، تعني 22% من فلسطين التاريخية، وهذا تنازل مؤلم. وأضاف «إلا أن حتى هذا التنازل ليس متوفرا في ممارسة الأجندة الدولية، على أرض الواقع». وشدد على أن ما نراه اليوم، هو سلطة فلسطينية محدودة قائمة فقط على 10% من مساحة فلسطين التاريخية، وهي المدن الفلسطينية في الضفة، ومحيطها.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد