توجهت وفود الفصائل الفلسطينية , لحضور إجتماعات الحوار الوطني في القاهرة برعاية مصرية , سبق هذا الإجتماع الموسع للفصائل الفلسطينية , تفاهمات بين حركتي حماس و فتح , نتج عنها حل اللجنة الإدارية وتسليم الوزارات بسلاسة ويسر , كما تم تسليم معابر قطاع غزة بالكامل وفي مقدمتها معبر رفح بتاريخ 1-11-2017م .
أكثر من ثلاثة أشهر على قيام حركة حماس بحل اللجنة الإدارية بتاريخ (17-9) , لم يتغير شيء على أرض الواقع , إستمرت العقوبات على قطاع غزة , وتواصلت أزمة الكهرباء بلا حلول مؤقتة بإعادة كمية التقليص التي تمت بطلب من السلطة , وزادت وتيرة الحديث عن سلاح المقاومة , في محاولة من البعض لنزع شرعيته الوطنية , تحت دواعي السلطة الواحدة والسلاح الواحد , في ظل غياب هذه المعادلة في الضفة المحتلة , التي تعتبر ميدان السلطة الذي تسيطر عليه بإحكام , الا أنها منتهكة في صميم سلطتها المدعاة هناك ,بسلطة ضابط الإدارة المدنية وبسلاح المستوطنين الذي يعيث فساداً في الضفة ,فيصمت سلاح السلطة أمام الإعتداءات الصهيونية , وُيطارد سلاح المقاومين ويصادر ولو كان خرطوش أو كارلو .
في فترة الثلاثة أشهر الأخيرة برز مصطلح تمكين الحكومة , في تصريحات الرئيس عباس و قادة السلطة والمتحدثين بإسم حركة فتح , وهو مصطلح فضفاض ليس له معيار محدد, خاصة بعد أن استلم الوزراء وزاراتهم بالكامل , وأصبحت أموال الجباية والضرائب , تحول مباشرة إلى حساب وزارة المالية التابعة للسلطة الفلسطينية , وإلتزم الموظفين بقرارات الوزراء وتعميماتهم الإدارية , ومع ذلك إستمر شعار السلطة خلال تلك الفترة "مش مستعجلين" في حين تم إطلاق الوعود من على كافة المنابر الإعلامية للسلطة بالحلول السريعة والعصا السحرية لكافة أزمات قطاع غزة إذا حلت حماس اللجنة الإدارية !.
بعد تسليم معبر رفح , تم إخراج موظفي حكومة غزة السابقة منه بالكامل ,وتم رفض الإستعانة بالطواقم العاملة منذ أكثر أحد عشر عاما , رغم ما لديهم من الخبرة الكافية لتشغيل المعبر في ظروف صعبة وضغط كبير , عملية الإقصاء الكامل لموظفي المعابر, تعتبر مؤشر خطير على رفض مبدأ الشراكة الوطنية , وكل ما سيق من التبريرات في هذا المجال ليس لها أساس من الصحة, فلقد إنبرى السيد عزام الأحمد مهاجماً كل من يرفض إتفاقية 2005 م التي تتعلق بإدارة معبر رفح برقابة صهيوأوربية , مضيفاً بأن المعبر لن يفتح الا وفقاً لإتفاقية 2005 التي ترفضها الفصائل الفلسطينية مجتمعة , وتتمسك بها السلطة في سلوك لا يجد له تفسيراً وطنياً , ويتناقض مع كل شعارات السيادة والتمكين . , أعقب ذلك تصريحاً لرئيس الحكومة رامي الحمد لله , قال فيه بأن لا يمكن تشغيل معبر رفح , دون السيطرة الأمنية الكامل على قطاع غزة , أمام هذه الأجواء السوداوية التي فرضها تعامل السلطة مع ملف معبر رفح ,تفاجأت هيئة المعابر والحدود التابعة للسلطة الفلسطينية بقرار مصري بفتح معبر رفح , بتاريخ 18-11-2017م خارج إتفاقية 2005م سيئة الصيت التي تنتقص من السيادة الوطنية , فهل فرضت مصر سياسة الأمر الواقع بتشغيل معبر رفح ؟ , خارج سياق المطالب التي ترفعها السلطة , وبذلك توجه مصر للرئيس عباس والحكومة رسالة قوية بأنها لن تسمح بعرقلة إتفاقية المصالحة الفلسطينية التي ترعاها , تداركت السلطة الأمر وخشيت من الفوضى العارمة في معبر رفح , حيث أن إدارة المعبر بعدد ضئيل من الموظفين , وبدون آلية محكمة لترتيب حركة المسافرين , سيشكل حرجاً كبيراً لها وفشلا محققا , لذلك أرسلت مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بتاريخ 17-11-2017م على وجه السرعة , ليتم ترتيب الأمور بشكل عاجل مع قيادة الأجهزة الأمنية في غزة , وتم الإتفاق على إعادة ترتيب خط سير المسافرين من نقاط الإنطلاق المعتادة, مع تكليف أجهزة وزارة الداخلية بغزة بتوفير الأمن في الصالة الخارجية وبوابات المعبر والطرق المؤدية إليه , ومع ذلك حدث الإرباك داخل المعبر حيث يعمل موظفي المعابر التابعين للسلطة , وتم منع دخول الصحفيين حتى لا تُسجل كاميراتهم ما يحدث داخل معبر رفح .
لقد سبقت حكومة الحمد لله , إجتماع الفصائل بالقاهرة بتصريحات توتيرية , لا تخدم مسار المصالحة ,وتعتبر تدخلاً في جلسات الحوار الوطني للتأثير على مخرجاتها , فالقول بأن الحكومة لا يمكن لها أن تعمل الا بالسيطرة الكامل على قطاع غزة , لا يختلف عليه أحد ومن حق أي حكومة أن يكون لها ذلك, ولكن وفقاً رؤية الشراكة الوطنية , بعيداً عن عقلية الإقصاء والتفرد , فالواقع يقول بأن حكومة كانت موجود في قطاع غزة بكافة طواقمها المدنية والسياسية وقدمت خدمات جليلة للمجتمع الغزي , وحافظت على أمنه وصحته وتعليمه , على مدار أكثر من أحد عشر عاماً , ولا يمكن أن تتجاهل حكومة الحمد الله , بأن دخولها إلى قطاع غزة وممارستها أعمالها كانت بناء على تفاهمات المصالحة وإتفاقياتها المبرمة بين طرفي الإنقسام ,وأنها ملتزمة بما نتج عن هذه الإتفاقيات لتسيير هذه المرحلة الحرجة من أجل تجاوز الإنقسام البغيض , وليس من العقل في شيء البحث عن تفاصيل التفاصيل , في حين أن عنوان الشراكة والوحدة , غائب عن المحددات الرئيسية لعمل حكومة الحمد الله في قطاع غزة.
لقد تم تشكيل حكومة الحمد الله في صيف عام 2014 م , بناء على إتفاقية الشاطئ , وظلماً أُطلق عليها حكومة التوافق , وهي بعيدة كل البعد عن حقيقة التوافق , فلا ينكر أحد أنها كانت جزء من الحصار والعقوبات على قطاع غزة , فمن المفيد لرئيسها وزرائها أي يكونوا مفاتيح خير مغاليق شر , وأن يقدموا إستقالتهم تحت تصرف المجتمعين في جلسات الحوار الوطني في القاهرة , ليتمكنوا من تشكيل حكومة وحدة وطنية , تقوم بواجباتها ودورها الوطني بمسؤولية وإقتدار , لنستطيع عبور تلك المرحلة الخطيرة والحساسة , متسلحة بإيمانها بالوحدة الوطنية وأهمية الشراكة في قيادة المسيرة وإدارة المجتمع , ولا تتراجع عن وحدتنا نحو العودة إلى مربع الإنقسام , وتصر على تجاوز كل معوقات المصالحة والوحدة الشاملة , وفقاً لرؤية وطنية فلسطينية جامعة أبرز عناوينها وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني , لتكون برنامجاً لحكومة الوحدة الوطنية , التي يجب أن تعرض على المجلس التشريعي لتنال الثقة , وتخضع للرقابة والمسائلة , إلى حين إجراء الإنتخابات العامة وتقوم بالإشراف عليها تحقيقاً لنزاهة والحيادية, من أجل تجديد الشرعيات الفلسطينية في كافة المؤسسات السيادية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية