291-TRIAL- في غزة الحياة شبه مشلولة والناس في حالة انتظار دائمة، معبر رفح مغلق وعملية الإعمار تسير ببطء شديد، ونظرة على آلية توزيع الاسمنت وتفاصيلها الصغيرة و المثيرة تشعر الإنسان بالمهانة وفقدان الأمل بسرعة اعادة بناء منازلهم المدمرة، الأوضاع في غزة ليست بمعزل عن ما يجري في فلسطين خاصة مدينة القدس المحتلة و تغول اسرائيل وإرهابها المستمر واستهتارها بالمجتمع الدولي ومواقفه الخجولة حد المؤامرة وممارساتها اليومية تزيد من الامور تعقيداً وتتحول كل يوم حياة المقدسيين الى جحيم.
إسرائيل تتعامل مع القدس كدولة فوق كل القوانين والأعراف الدولية وضاربة بعرض الحائط كل القرارات الدولية المتعلقة بالقدس كمدينة محتلة وتسابق الزمن في تهويدها وترسيخها كعاصمة ابدية موحدة لإسرائيل، وغير مؤمنة بفكرة حل الدولتين الذي قال عنها نتنياهو في العام 2009 إنها فكرة غبية.
الحكومة الاسرائيلية وفي مقدمتها رئيسها نتنياهو، حكومة مستوطنين من غلاة المتطرفين الذين يتسابقون ليس في البناء الاستيطاني إنما في البصق في وجه العالم ورؤية السلطة الفلسطينية المؤمنة بخيار السلام، وغير آبهة بما يصدر من ادانات الشجب والاستنكار من المجتمع الدولي والعربي والمسلمين الذين اكتفوا منذ زمن طويل بالصلاة والدعاء في كل مناسبة او أي مصيبة تحل بالفلسطينيين.
الحكومة الاسرائيلية مستمرة في غيها وتطرفها وتقوم بحماية المستوطنين في اقتحاماتهم المتكررة للمسجد الاقصى، وتواجه الرد الفلسطيني بعنف وقسوة وتمارس الاعتقالات اليومية لمنع مواجهة المتطرفين في القدس التي تدافع عن نفسها وحيدة سوى من اخلها والمرابطين في الاقصى. 
المواجهات في القدس تجري بشكل يومي و إسرائيل تكثف من قواتها وتزداد تطرفا في قمع الشبان الفلسطينيين الذين يواجهون الاحتلال وعصابات المستوطنين، والشهداء والجرحى يسقطوا في القدس بشكل يومي، و ما تقوم به إسرائيل من ارهاب وجرائم في القدس و الضفة الغربية وقطاع غزة، يعبر عن حقيقة اسرائيل الايديولوجية التوراتية الدينية ومواصلة الاحتلال و السيطرة على ما تبقى من فلسطين، ما يؤشر الى أن إسرائيل غير معنية بالسلام.
الحكومة الاسرائيلية تقوم بربط اليهود بالقدس ليس كمدينة فقط، بل كمدينة يهودية ببعدها القومي، ومستمرة باتخاذ الإجراءات لتقوية وتعزيز وضع مدينة القدس كمدينة يهودية ليس بين صفوف اليهود في إسرائيل بل في صفوف اليهود في جميع أنحاء العالم، لذا فقد تم منح القدس أولوية في الميزانيات والخطط الاقتصادية، وبناء الشقق السكنية بأسعار مناسبة.
و هناك إجماع صهيوني على تغيير طابع المدينة المقدسة وتحويلها الى مدينة يهودية وتحويل معالمها الدينية والسكانية والحضارية، وتجند من اجل ذلك رؤوس اموال يهودية من جميع انحاء العالم ويضخوا اموال كثيرة، في حين ان القدس تركت لمواجهة مصيرها وحيدة، إلا من سكانها و المرابطين فيها و من دون مخططات تواجه تهوديها وتدعم وتعزز من صمود وبقاء المقدسيين الذين يواجهون كل تلك الممارسات بصدورهم العارية وإسرائيل تزيد من قمعهم وقتلهم.
لا يكفي أن تخاطب السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة والحديث عن الخطر القائم على القدس بشكل موسمي وانتظار رد فعل المجتمع الدولي والعربي، ومطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالتدخل لمواجهة ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من انتهاكات في القدس لتغيير معالم المدينة، فهل تكفي المطالبة؟
المطلوب من القيادة الفلسطينية ان تبدأ بخطوات التوقيع على كافة المعاهدات الدولية وفي مقدمتها ميثاق روما للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية و كل المؤسسات الدولية، فما تقوم به اسرائيل فاق كل الحدود ويجب لجم اسرائيل بما هو متاح لنا ومعاقبتها، نحن و القدس و الارض في خطر و الاستيطان وتهويد القدس والجرائم والانتهاكات الاسرائيلية والعدوان والحصار مستمر، ما زال المشهد الفلسطيني يزداد سوء والانقسام قائم و ثوبنا ممزق لدرجة العري امام تهتك المشروع الوطني.
المرحلة خطيرة ومطلوب من الفلسطينيين خاصة حركتي فتح و حماس فتح نقاش وطني واستغلال ما يجري في القدس لاستكمال مشروع المصالحة و اعادة الاعتبار للمشروع الوطني و إصلاح البيت الفلسطيني، الذي يعاني من دمار شامل، ويحتاج ليس لإعادة ترميم، انما اعادة اعمار حقيقي للقضية. 257

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد