وحتى قبل انطلاق عملية المصالحة الفلسطينية عملياً، وقبل وصول حكومة الحمد الله إلى قطاع غزة لتتسلم مهامها الفعلية، فإن بورصة الحلول السياسية على صعيد الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي تسارعت في الأيام الأخيرة. الحديث عن إطلاق «صفقة المنتهى» أو « صفقة القرن » أخذت يشق طريقه نحو وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية، هذه المرة يجري الحديث عن حل متدرج، سبق وأن تم تناوله بعنوان «حلول مؤقتة» تقضي لقيام دولة فلسطينية على الحدود الحالية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية وفقاً لاتفاق أوسلو، في قطاع غزة والضفة الغربية، مع إحالة ملف اللاجئين إلى التأجيل، على أن تتوسع هذه الدولة في «مراحل لاحقة» إلاّ أن ذلك، وفقاً لهذه الخطة، سيبدأ العمل به بعد الانتهاء بشكل كامل بعد التوصل إلى مصالحة فلسطينية نهائياً والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، هذه الخطة التي أطلق عليها الجانب الأميركي الذي أعدها «الخطة الموسعة للسلام»، سبق وأن تم طرحها على الفرقاء في المنطقة في حزيران الماضي، وعلى أساسها تم الإيعاز إلى جمهورية مصر العربية لعقد تفاهمات مع حركة حماس لإزالة العقبات من أمام عملية المصالحة الفلسطينية. بعض المصادر الإعلامية العربية أشارت إلى أن هذه الخطة حصلت على تأييد السعودية التي تراجعت عن تبني المبادرة العربية، إلاّ أننا نرجح أن هذا القول له علاقة بحالة الاستقطاب التي جرت إثر الأزمة الخليجية وفي إطار الحملات المتبادلة بين طرفي النزاع على خلفية هذه الأزمة!
وكان من الممكن أن تذهب هذه الأحاديث حول خطة السلام التدريجي دون أن تحظى بأي اهتمام، مثلها مثل العديد من المقترحات والخطط، لولا أن ما تسرب من اجتماع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو يوم الأحد الماضي، مع «الكابينيت» الإسرائيلي، جعل من هذه الخطة عنواناً محتملاً للحراك السياسي المقبل، بعض وزراء «الكابينيت» سرب إلى وسائل الإعلام أن نتنياهو بات مقتنعاً تماماً بأن هناك خطة سياسية قيد الإعداد من قبل الإدارة الأميركية، وأن القضية الفلسطينية مهمة جداً بالنسبة للرئيس ترامب [عن المصدر الإسرائيلي] وأن الرئيس الأميركي أبدى عزيمة قوية في التوصل إلى «صفقة شاملة» وان نتنياهو أشار إلى أن اجتماعه مع الرئيسين الأميركي والمصري على هامش اجتماعات الجمعية العامة، ناقشت هذه المسألة!
ما تناوله نتنياهو في «الكابينيت»، توازى مع وصول مبعوث الرئيس الأميركي للسلام، جيسون غرينبلات، الذي سيواصل ويتابع نتائج اجتماع الرئيس الأميركي مع كل من نتنياهو وابو مازن والسيسي. مسؤول كبير في البيت الأبيض، اشار إلى أن المباحثات تجري بشكل سري وببطء، ومن دون أي افق زمني، وذلك تعليقاً على زيارة غرينبلات للمنطقة.
ويبدو أن موسكو على علم تام بعملية سياسية مرتقبة على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، فقد سبق وأن أشار وزير الخارجية الروسي، قبل أيام الى أن الخلاف الفلسطيني الداخلي ما زال يشكل عقبة أساسية أمام تسوية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أكثر من ذلك، وبعد التفاهمات المصرية مع حركة حماس، وبدء عجلة المصالحة بالدوران، دعت موسكو حركة حماس إلى زيارتها، وهي المرة الثانية بعد المرة الأولى إثر فوز الحركة بالانتخابات التشريعية السابقة. موسكو التي في قلب الإقليم العربي، إثر تداعيات الأزمة السورية تحديداً، لن تقبل بأن تجري ملامح الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي من دون أن تحاول أن تمد يدها للمشاركة، بشكل أو بآخر في إطار تحريك هذا الملف.
كل هذه الأحاديث، كل هذه الخطط والاختراقات، مع أنها لا تزال في إطار التجاذب الإعلامي، لا يمكن لها أن تترجم إلاّ انطلاقاً من العامل الأساسي المحرك، وهو ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، تدرك كافة الأطراف صعوبة وتعقيد هذا الملف الذي من دون تحققه لن تكون هناك تسوية سياسية حسب الخطط المشار إليها.
من هنا يمكن النظر إلى دور الأمم المتحدة في هذا السياق، نيكولاي ملادينوف منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، كان حاضراً حضوراً لافتاً في هذا الملف منذ وقت طويل، تحدث مؤخراً عن دور أممي للإشراف على تنفيذ تفاهمات المصالحة الداخلية الفلسطينية.
هناك خشية حقيقية من أن يقف الملف الأمني وقوات القسام، حجر عثرة أمام التوصل إلى المصالحة، هنا تشير وسائل الإعلام الإسرائيلية، إلى أن مصر تسعى إلى اتفاق ينطوي على هدنة طويلة ما بين إسرائيل وحماس تمتد ما بين 10 إلى 15 عاماً، في هذه الحالة، فإن التعاطي مع هذا الملف المعقد، يصبح أكثر سهولة، حسب الصحافي الإسرائيلي يوني بن مناحيم!
Hanihabib272@hotmail.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد