96-TRIAL- عندما نتحدث عن الشعب المصري فنحن نتحدث عن أنفسنا فكلانا شعب واحد ومصابنا مصابهم ومصابهم مصابنا، فالدم المصري غال علينا وما تمنينا يوما أن يسفك بهذه الطريقة المدانة وغير المبررة بأي شكل من الأشكال، لذلك نقول تعازينا للشعب المصري وما حدث في سيناء من قتل لجنود الجيش المصري هو جريمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، هذا الدم نحن والشعب المصري بحاجة إليه لأن أمامنا مشوار طويل مع العدو الصهيوني والحفاظ على هذه الأرواح وهذه الدماء واجب شرعي ووطني على كل مسلم، رحم الله الشهداء في سيناء وفي مصر العزيزة في أي مكان قتلوا وبأي سلاح كان.
ما يحدث في سيناء وغيرها من المدن المصرية يحتاج إلى وقفة وإعادة قراءة من جديد للحالة التي وصلت إليها الأوضاع في مصر عموما، لأن مصر يجب أن تبقى قوية ومهابة وأن يحافظ الجيش المصري على مكانته وقوته.
ليس من الحكمة إلقاء تبعية ما يجري على الخارج رغم حضوره بقوة في سيناء وهناك من يتربص بمصر ويسعى إلى إرباكها وكسر هيبتها وهذا الخارج ممثل بالعدو الرئيس لمصر وللأمة العربية ألا وهي (إسرائيل) التي تريد أن تبقى مصر في حالة إرباك وفوضى وصراع داخلي ينهش كل مقدراتها حتى تتمكن من العمل في الجبهة المصرية كما تريد وتطوعها خدمة لمصالحها وأهدافها ولن تتوانى عن استخدام كل الأساليب والوسائل القذرة والتي من بينها القتل والتخريب والتدمير، وأمريكا ذات مصلحة فيما يجري في مصر لأنها تريد إبقاء تبعية مصر لأمريكا وأن تكون مصر أداة طيعة ودولة وظيفية تحركها أمريكا خدمة لمصالحها ومصالح ربيبتها (إسرائيل).
تصدير الأزمة إلى عدو وهمي لن يحل الأزمة ولن يمكن جهات الاختصاص بإيجاد السبل المناسبة التي تساهم في حلها، ولعل من أهم ما يمكن أن تواجه فيه الأزمة في سيناء هو إعادة النظر في الحل الأمني والإفراط فيه لأن ذلك سيولد الثارات خاصة أن المجتمع السيناوي قبلي، وعليه على القيادة المصرية أن تعي ما وعته القيادات السابقة (السادات، ومبارك) واللذين فشلا في مواجهة العنف في مصر بالحل الأمني ولجآ إلى الحوار الذي حقق المراد وعاد الوضع الأمني أفضل بكثير مما كان عليه خلال المعالجة الأمنية.
الإفراط في المعالجة الأمنية سيزيد الأمور تعقيدا ولن يؤدي إلى حل المشكلة القائمة ولذلك لابد من إعادة التفكير فيما يجري وفي طريقة الحل وعلى الحكومة المصرية أن تواجه المشكلة بالحوار وليس بالهروب وتصدير الأزمة إلى غزة أو أطراف وهمية لا علاقة لها بما يجري في سيناء دون توجيه أصابع الاتهام إلى العدو (الإسرائيلي) لأنه هو العدو الحقيقي والمستفيد مما يجري في مصر والذي يستغل الأخطاء وسوء إدارة الأزمة إلى إشعال فتيل القتل والقتل المضاد وإدخال مصر في دوامة الدماء التي لن تنتهي، ومع الأسف هناك قيادة لازالت تعتقد أن القوة هي الحل رغم فشلها حتى اللحظة في تحقيق أي انجاز في هذا السياق، بل كل ما تحقق هو مزيد من القتل والدماء وهذا وحده كاف لإعادة النظر في طريقة وأساليب المعالجة. الجريمة أن تحمّل غزة ما يجري في سيناء وما تحدث به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وغيره من قادة الجيش المصري ووزارة الداخلية هو هروب من تحمل المسئولية والإقرار بفشل المعالجة للحالة في سيناء، تُرجم غزة بما لم ترتكبه ويتهم الفلسطينيون بذلك رغم أن كل عمليات الجيش في سيناء وما أدت إليه من قتل لعناصر يعتقد الجيش أنها تقف خلف عمليات الثأر من جنوده لم يكشف فيها عن اسم لفلسطيني من بين المئات ممن قتلوا. أن تحاصر غزة ويتخذ بحقها إجراءات ظالمة وأن يغلق المعبر فهذا يعد جريمة إنسانية وفي نفس الوقت لن يكون الحل لأن غزة ومن فيها لا علاقة لهم فيما يجري في سيناء أو حتى في مصر.
ننصح القيادة المصرية إلى تغليب لغة الحوار كما فعل السادات ونجح، وكما خلص في النهاية مبارك ونجح بعد أن فشل الحل الأمني في وقف الأعمال التي عانت منها مصر في حقبة التسعينيات، وهناك نقطة مهمة وهي أن العدو الحقيقي هو (إسرائيل) التي تريد كسر هيبة الجيش المصري وإضعاف مصر ويشاركها في ذلك الإدارة الأمريكية. على الإدارة المصرية أن تبحث عن العدو الرئيس الذي له مصلحة وهو (إسرائيل) بدلا من تحميل المسئولية لأبرياء وتشديد الحصار عليهم فيما لازال دمهم ينزف. 52

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد