154-TRIAL- في واقعة مفاجأة هز انفجار ضخم مبنى المركز الثقافي الفرنسي بمدينة غزة الكائن في وسط مربع امني و ما تبقى من مقرات الاجهزة الامنية التي دمرت خلال العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة، الانفجار اشاع اجواء من الاستنكار و الخوف و التشاؤم عند الناس، وكثرت الاشاعات و التحليلات حول الجهة التي تقف خلف الانفجار و اهدافها بعد عدوان وحشي والناس ما زالت تلملم جراحها، وغزة ليست بحاجة الى مشكلات وضحايا جدد وانقسامات جديدة.
الانفجار وقع قبل يومين من قدوم حكومة الوفاق الوطني إلى قطاع غزة كي تعقد جلستها الاولى في القطاع، التواقين أهله للأمن والسلام ومن يخلصهم من بؤسهم المقيم، و يتسع للترابط والتآلف والمحبة بين الفلسطيننين برغم الاختلاف السياسي بينهم.
على رغم الفرح المشوب بالحذر من قبل الفلسطينيين الذي رافق تشكيل الحكومة، إلا أن أجواء الحزن لا تزال عميقة في قلوب ونفوس أهل القطاع المكلومين بعد عدوان بربري استمر 51 يوم، فقد عشرات الالاف منازلهم وممتلكاتهم و أبناؤهم و لا يزال نحو 50 الف نازح من دون مأوى يقيمون في مراكز الايواء في مدارس اونروا، ما يتطلب من الحكومة أن تبذل عملا شاقا للإسراع في عملية الاعمار و المصالحة الوطنية الشاملة. 
الحكومة ولدت على عجل وجاءت في ظروف معقدة ورفض الاحتلال لها لذا كانت مرتبكة، وحملت ملفات ووزر الانقسام، وعليها النبش في كل التفاصيل للتخلص من ارث سبع سنوات من التدمير الذاتي والحصار والانقسام، وحاجة الناس في قطاع غزة إلى مقومات الحياة التي تحترم أدميتهم وكرامتهم وتعيد لهم الثقة بأنفسهم وما عانوه من ظلم و تهميش وفقر وبطالة.
الحكومة وضعت خطتها لإعادة الاعمار عن بعد من دون أن تشاهد الدمار والخراب، وكأن العملية تجارية مستثنية قطاع المجتمع المدني والضحايا انفسهم الذين يجب ان يكونوا جزء من اعادة الاعمار، فالاعمار ليس اعادة بناء وتأهيل الحجر فقط، فهو عملية شراكة وتأسيس لمستقبل فقد الناس الامل وبحاجة ماسة الى اعادة بناء ما دمر بالشراكة معهم وليس بالنيابة عنهم، إذا لم تتحرك الحكومة وبسرعة و يتم التوصل إلى حل جذري فلن يستطيع الفلسطينيين العيش والعودة لحياتهم بشكل طبيعي. 
رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله، أكد عند وصوله غزة اليوم الخميس على التزام حكومته بشكل مطلق بالعمل البناء والجاد لمعالجة تداعيات الانقسام وتحقيق الوحدة، و أن الحكومة لن تكتفي بالعمل على إعادة إعمار قطاع غزة بل ستعمل من أجل تنميته. 
و أن الحكومة ستباشر مهامها للإطلاع على احتياجات سكان القطاع وتقديم الإغاثة العاجلة وإعادة إعمار وتأهيل ما دمره الاحتلال وتحقيق تنمية كبيرة لتوفير حياة كريمة للسكان، و أن الحكومة أمام واجب إنساني وأخلاقي ومهمة وطنية بحاجة لكل الطاقات لوضع سنوات الانقسام خلف الظهور والمضي بطريق المصالحة ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في إعادة الإعمار ورفع الحصار و فتح كافة المعابر وإعادة تشغيل المطار ورفع قيود الحركة في الضفة وغزة.
إنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من تحقيق مصيره هو بداية الطريق لإعادة اعمار غزة و حق الفلسطينيين جميعا في العيش بحرية و سلام، مطلوب من الحكومة العمل على بناء المجتمع الفلسطيني على أسس ديمقراطية وتعزيز سيادة القانون واحترام القضاء والفصل بين السلطات وتعزيز احترام حقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين ومحاربة كل أشكال التفرقة والتمييز وحماية الحريات العامة وصون حرية الصحافة والتعبير.
الحكومة الفلسطينية حتى الان لم توحد الاجهزة الامنية ولم تتواصل مع الاجهزة الامنية في قطاع غزة حتى بعد الحادث الخطير بوضع عبوة ناسفة كبيرة في الجانب الشرقي من مبنى المركز الثقافي الفرنسي لم نسمع من الحكومة انها تواصلت مع الاجهزة الامنية بخصوص الحادث الذي مس مبنى يعود لدولة اوروبية صديقة وتسعى للاعتراف بفلسطين كدولة ولها موقف ودور سياسي كبير ومؤثر في الاتحاد الاوروبي وداعمة للقضية الفلسطينية.
لم تقم الحكومة بوضع خطة امنية أو أي عمل من شأنه طمأنة المواطن الفلسطيني على أمنه الشخصي، ولم تتخذ أي خطوة أو حتى خطة لتطبيق القانون تمنح المواطنين بريق أمل في الحفاظ على أمنهم من بعض المتطرفين الذين فجروا مبنى المركز الثقافي الفرنسي وربما يقدمون على تفجيرات اخرى.
اجتماع حكومة الوفاق، كان وقعه على المواطنين ايجابيا لكن ذلك لم يكن كافيا إذ يتعين على الحكومة وحركتي فتح و حماس العمل بشكل مشترك مع باقي الفصائل، على تعزيز ذلك باللقاءات المكثفة مع المواطنين خاصة عائلات الضحايا والمتضررين من المواطنين جراء العدوان الهمجي وإشراكهم في عملية الاعمار وعدم التعامل معهم كأرقام وحالة تجارية.
مطلوب من الحكومة العمل ضمن القانون بتعزيز عمل المؤسسات الشرطية والنيابة العامة وتوحيد الأجهزة الأمنية والشرطية التابعة للحكومة، والعمل على إعادة بنائها على أسس وطنية وقانونية تكفل للجميع المشاركة فيها على أساس وطني، وفتح ملفات تحقيق وتقديم مرتكبي المخالفات القانونية للقضاء. 
هل يستمر الطرفان في تعزيز أواصر الاتفاق ونزع العنف و الحقد والكراهية بينهم. وهل تعمل الحكومة على ذلك، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وتعزيز العلاقة معه على أساس احترام حقوق المواطن؟
المطلوب من الحكومة أن تعمل على نيل ثقة المواطنين الفلسطينيين بها، من خلال عقد المصالحة الوطنية الشاملة بين جميع فئات الشعب الفلسطيني وذلك ضمن الأطر القانونية التي تحفظ للضحايا حقوقهم، والعمل على إعادة اللحمة وجسر الهوة بين الفلسطينيين والتربية على ثقافة الحوار ونزع أسباب الحقد والكراهية والعنف عند بعض الجماعات المتطرفة من خلال الحوار.
إعادة الثقة للمواطن الفلسطيني وطمأنته على أمنه وسلامته الشخصية، وحفظ كرامته وحقوقه، والعمل بأقصى سرعة على تعزيز مبادئ حقوق الإنسان و سيادة القانون، وإعادة الهيبة للقضاء، وبناء الأجهزة الأمنية من جديد على أسس وطنية بعيدا عن السيطرة والمحاصصة الحزبية. 28

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد