يوم من الذاكرة - الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر
رام الله /سوا/ شهد يوم الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر، أحداثا عديدة على الساحة الفلسطينية.
ففي 14تشرين أول/أكتوبر 1974م، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة تصدر قرارا يحمل رقم 3210 ( د ــ 29 ) وافقت فيه على دعوة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثلة للشعب الفلسطيني إلى الاشتراك في مداولات الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين في جلساتها.
وصدر القرار بأغلبية 105 دولة من بين 138 دولة كانت تشكل دول الأمم المتحدة آنذاك. وكانت تلك هي المرة الأولى في تاريخ المنظمة الدولية التي يتحدث فيها مندوب منظمة لا مندوب دولة في الجلسة العامة للأمم المتحدة، وقبل ذلك كان يسمح لممثلي حركات التحرير الوطني وممثلي الشعوب المستعمرة بمخاطبة لجان الجمعية العامة فقط.
حصار الفالوجة:
والفالوجة قرية كبيرة تبعد عن غزة أربعين كيلومتراً من جهة الشمال الشرقي وعن القدس خمسة وسبعين كيلومتراً من جهة الجنوب الغربي وتقع على مفترق طرق رئيسية تصل شمال فلسطين بجنوبها وتربط جبالها شرقاً بساحل البحر غرباً وهي من هذه الناحية ذات أهمية عسكرية وهذا بالإضافة إلى أهميتها التجارية ولهذا بذل الصهاينة جهوداً كبيرة من أجل الاستيلاء عليها واهتم العرب كثيراً من أجل الاحتفاظ بها.
لقد حاول الصهاينة احتلال الفالوجة منذ مطلع سنة 1948، ففي شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس 1948 حاولت العصابات الصهيونية في حينه الهجوم على الفالوجة مرات عدة، ولكن حماتها من المناضلين الذين بلغ عددهم 250 رجلا صدوا جميع الهجمات إلى أن وصلت قوات الجيش المصري من المتطوعين بقيادة احمد عبد العزيز، ثم وصلت قوات الجيش المصري النظامي في 22 أيار مايو 1948 بقيادة الأميرالاي العميد سيد طه الذي اتخذ من الفالوجة مقرا لقيادته وكانت قواته تتألف من ثلاث كتائب.
وظلت الفالوجة في مأمن إلى أن بدأت معارك النقب الأولى في الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 1948 وكانت قوتهم عبارة عن ثلاثة آلاف شخص معظمهم من رجال البلماخ وهم من المشاة تساندهم الطائرات والدبابات والمدافع من مختلف العيارات، ومدافع الهاون وأسلحة أوتوماتيكية أخرى وخلال هذا الهجوم تعرض قطاع الفالوجة وعراق سويدان وعراق المنشية وبيت عفا إلى هجمات ثقيلة صدها جميعا مكبدا الصهاينة خسائر فادحة.
وبالرغم من ذلك إلا أن هؤلاء استطاعوا عزل القوة المصرية في الفالوجة ومحاصرتها منذ اليوم الأول للهجوم واكتمل الحصار عندما سقطت بيت جبرين إلى الشرق من الفالوجة في السابع والعشرين من تشرين الأول من أسدود والمجدل يوم الخامس من تشرين الثاني نوفمبر 1948 وبذلك قطعت الطريق غربا وجنوبا إلى غزة وبئر السبع، ثم سقطت عراق سويدان يوم العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1948.
وبذلك ضاق نطاق المنطقة المحاصرة واشتد الضغط على من فيها ومن الضباط المصريين الذين كانوا يقودون القوة المصرية في الفالوجة أثناء حصارها.
وخلال هذه الفترة حصل الصهاينة على أعداد كبيرة من الطائرات وأصبحت سيطرتهم على الجو واضحة وتحت هذه الظروف الصعبة جداً صمد أبطال الفالوجة من رجال الجيش المصري ورجال الفالوجة نفسها بقيادة رئيس بلديتها الشيخ محمد عواد صموداً بطولياً وكان التعاون بين الجيش المصري والسكان من أبناء الفالوجة على أكمل وجه.
واستمرت الهجمات على المنطقة المحاصرة، وكان بعضها يستمر اسبوعاً والمحاصرون صامدين مصممين على القتال رافضين عروض الاستسلام المتكررة من قبل المهاجمين من القوات الإسرائيلية، وهكذا ظلت الفالوجة صامدة إلى أن عقدت اتفاقية الهدنة الدائمة في رودس بين مصر وإسرائيل في الرابع والعشرين من شباط/ فبراير 1949م، حيث نصت المادة الثالثة من الاتفاقية بانسحاب القوات المصرية المسلحة من الفالوجة إلى ما وراء الحدود المصرية الفلسطينية.
ونص الملحق الأول لتلك الاتفاقية على أن يبدأ الانسحاب في الساعة الخامسة يوم السادس والعشرين من شباط/ فبراير 1949، وينتهي في غضون خمسة أيام وأن يتم ذلك تحت إشراف المراقبين الدوليين.
وهكذا انسحب المصريون من الفالوجة عن طريق عراق سويدان بربرة غزة رفح بعد حصار دام مائة وثلاثين يوماً.
معارك النقب الأولى (14 تشرين أول/أكتوبر 1948)
حتى أوائل تشرين الأول اكتوبر 1948 كان الجيش المصري يسيطر على نصف مساحة فلسطين وكانت جبهة الجيش النظامي المصري المواجهة للصهاينة تمتد من الغرب إلى الشرق من شاطئ البحر عند بلدة أسدود ومدينة المجدل مقر القيادة العامة حتى جبال الخليل مروراً بعراق سويدان فالفالوجة فعراق المنشية فبيت جبرين، وكان هذا الخط يشكل سدا منيعا يحتجز خلفه إلى الجنوب عددا كبيرا من المستعمرات اليهودية شبه محاصرة وكانت مستعمرات النقب تشكل في الوقت نفسه خط مواجهة يمتد من الشمال إلى الجنوب في مواجهة غزة ويهدد الطريق الرئيسي وخط سكة الحديد الممتدين من المجدل الى الحدود المصرية.
وفي هذه الفترة كان الصهاينة قد عززوا قواتهم البرية والبحرية والجوية بشكل واسع خطير وتفوق طيرانهم على الطيران المصري وبدأ الاستعداد إلى شن هجوم يهدف إلى فك الحصار عن المستعمرات اليهودية في منطقة النقب جنوب فلسطين التاريخية، ثم تتطور إلى هجوم شامل على الجيش المصري لضرب قواته الرئيسية وتنتهي بإخراجه من فلسطين.
وبدأ الهجوم على الجيش المصري يوم الرابع عشر من تشرين الأول أكتوبر 1948 بغارة واسعة النطاق شنت على الخطوط المصرية.
ورافق هذه الغارة هجمات برية وبحرية على الجيش المصري وفي اليوم التالي قامت القوات الصهيونية بمهاجمة الجبهة المصرية، وبعد معارك طاحنة خاضتها القوات المصرية واستمرت أياماً تمكنت القوات الصهيونية من اختراق الجبهة المصرية، وتدفقت إلى الجنوب فاتصلت بالمستعمرات اليهودية وبذلك استطاعت تهديد خطوط مواصلات القوات المصرية الممتدة على الساحل.
وفي العشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 1948 استولت القوات اليهودية على مدينة بئر السبع فقرر المصريون تقصير خطوطهم والانسحاب جنوباً إلى قطاع غزة.
وفي الحادي والعشرين احتلت القوات الإسرائيلية مواقع كان يتمركز فيها الجيش المصري والمتطوعون المحليون في منطقة بيت جبرين وعجور والولجة وبيت نتيف.
وكانت حصيلة هذه المعارك وهذا الهجوم الشامل على الجيش المصري هو فتح الطريق إلى النقب وكذلك إرباك نظام تمركز الجيش المصري، حيث تمكنت العصابات الصهيونية في حينه من السيطرة على شريط عرضي ممتد من المجدل إلى بيت جبرين ومحاصرة قرية الفالوجة، وكذلك السيطرة على الشريط الساحلية الممتد من أسدود إلى بيت حانون، حيث استطاعت القوات الإسرائيلية من السيطرة عليها وكذلك دخلت مدينة المجدل في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر وبعد هذا التاريخ تجمع الجيش المصر في قطاع غزة.
أما في قطاع بئر السبع فبعد سقوط المدينة نفسها تجمع الجيش المصري في السهول الممتدة بين بئر السبع والحدود المصرية وبعد ذلك قررت الحكومة المصرية اثر تقهقر جيشها في معارك النقب سحب اللواء المواوي الذي قاد الجيش المصري إلى مصر وتسليم القيادة من بعده إلى اللواء احمد فؤاد صادق.
سفارة لفلسطين في روسيا البيضاء:
وشهد يوم 14 تشرين أول / أكتوبر 2004م، قيام وزير الشؤون الخارجية نبيل شعث (في حينه)، بافتتاح مبنى سفارة فلسطين لدى روسيا البيضاء، وتخلل ذلك رفع العلم الفلسطيني فوق مبنى السفارة وبمراسم رسمية.