ينظر العالم للانتخابات في أي نظام سياسي، باعتبارها صورة من صور الاتصال السياسي بين الحكام والمحكومين، ووسيلة يصبح بمقتضاها صانعو القرار السياسي آخذين بعين الاعتبار المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لجمهور الناخبين.

 وتعتبر الانتخابات الحرة قيداً على ممارسة السلطة للذين يحالفهم الحظ بالفوز بأى انتخابات، مهما كانت طبيعتها، رئاسية أو عامة، أو حتى محلية، لأنها تضع هؤلاء - الممارسين للسلطة - تحت مراقبة الرأي العام بصفة مستمرة وتجعل ممارستهم للسلطة في حدود القانون وفي حدود ما قطعوا على أنفسهم من وعود عبر برامجهم الانتخابية، التي لابد أن تحتل الصداره في أهتمام الناخب، وينظر إليها باعبتار العقد الاجتماعي بين الناخبين والمنتخبين، ويجري على أساسها مسائلة هؤلاء أثناء وبعد فترة ولايتهم القانونية.

في الاونة الاخيرة، كثر الحديث حول الانتخابات، خاصة في السياق الفلسطيني ودلالات هذه الانتخابات المحلية، وأخذ الكتاب والشراح يحللون الامر بكل اتجاهاته، وهنا أحاول أن اسلط الضوء على قضية " التكييف القانوني للانتخاب "، وهنا اختلف الفقهاء في ذلك، وانقسموا في ذلك إلى أكثر من نظرية، نذكر هنا أهم هذه النظريات.

أول هذه النظريات تنادي باعبتار الانتخاب حق شخصي، ونظرية أخري تري أن الانتخاب وظيفة، وثالثة يري اصحابها أن الانتخابات حق عام، نلخصهـا على الشكل التالي:

أولاً: نظرية الانتخاب حق شخصي:

يعد الانتخاب – وفقا لهذه النظرية - حقاً شخصياً يتصل بالمواطن بوصفه عضواً في مجتمع منظم، وأنه ليس للمشرع الدستوري أو التشريعي وهو ينظم هذا الحق أن ينقضه أو ينتقص منه، وبذلك تقتصر وظيفة المشرعين في هذا المجال على مجرد منع استعمال هذا الحق بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يستطيعون مزاولته، كعديمي الأهلية ومن هم في حكمهم.

ثانياً: نظرية الانتخاب حق عام:

تقوم هذه النظرية- كسابقتها- على أن الانتخاب حق، ولكنها، تختلف عنها في أن هذا الحق ليس شخصياً، وإنما هو حق من الحقوق التي تتصل بالقانون العام،وينظمها القانون، فهو بهذه المثابة سلطة أو صلاحية قانونية يستمدها الناخب من القانون مباشرة وليس من كونه عضواً في مجتمع منظم، و أن المشرع وحده هو الذي يختص بتقرير هذا الحق وإيضاح أحكامه.

ثالثاً: نظرية الانتخاب وظيفة وليس حقاً: أنصار هذه النظرية يرون أن الانتخاب وظيفة بواسطتها يسهم المواطنون في التعبير عن الإرادة العامة. وأساس ذلك، أن حق الانتخاب مقرر لصالح المواطن، ومن ثم وجب على المواطن أن يزاول هذا الحق لحساب الشعب وعلى مقتضى القانون، مثله في ذلك الشخص الذي يباشر وظيفة عامة.

مهما كان من شأن هذه النظريات، فأن التجارب العالمية وحتى العربية تؤكد أن تقييد حق الانتخاب يؤدي إلى الإقلال من عدد الناخبين، في حين أن توسيع حق الانتخاب يجعل هيئة الناخبين أكبر عدداً وأقل تعرضاً للمؤثرات السلطة الحاكمة، فيكون الانتخاب أصدق تمثيلاً للرأي العام، بالتالي نري أن النظرية الأقرب إلى الصواب هي التي تجمع بين المفاهيم الثلاث وتمزج بينهما بالقالب تشريعي يأخذ بعين الاعتبار النهج القائم على حقوق الإنسان، وينظر للانتخاب باعتباره (حق شخصي ينظمه القانون من أجل ضمان مساهمة المواطنين في الشأن العام)

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد