وافقت الفصائل جميعها على اجراء المرحلة الأولى من الانتخابات وهي الانتخابات البلدية بعد طول انتظار، ولعلها بارقة أمل نحو تحقيق المصالحة، ولعلها تكون بداية الطريق نحو انهاء الانقسام وإعادة الوحدة الوطنية على أسس سليمة تكون اللبنة الأساسية فيها هي الطريقة الديمقراطية، ولعل ان تكون الأطراف باتت على قناعة بأن خيار الشعب هو الفيصل في تحديد مستقبله المجهول بعد حالة اليأس التي تمكنت منه في انهاء الانقسام الذي استمر لعشر سنوات.
أعلنت حكومة الوفاق عن اجراء الانتخابات البلدية والمجالس المحلية كاستحقاق وطني ديمقراطي هام ووافقت جميع الفصائل على ذلك، وهنا ستبدأ المعركة الانتخابية من جديد بعد أحد عشر عاماُ منذ آخر انتخابات فلسطينية والتي كانت في عام 2006، ولكن ما الذي سيكون بجعبة الفصائل من وعود في برامجها الانتخابية للبلديات والمجالس المحلية بعد أن فقد الشعب ثقته بالفصائل وذلك وفقاً لأغلب استطلاعات الرأي التي أجريت على مدار السنوات الأخيرة الماضية وما مدى مصداقيتها في تنفيذ وعودها حسب ما سيشمله البرنامج الانتخابي لكل فصيل بعد أن عايش الشعب الفلسطيني معاناة استمرت لأحد عشر عاماً ولم تنتهي بعد.
حركة فتح من جهتها كانت تدعو للانتخابات بجميع مراحلها منذ اتفاق المصالحة الأول ومازالت ايمانا منها بأن حالة الانقسام لن تنتهي إلا باجرا الانتخابات ليقول الشعب كلمته ويختار من يحكمه وينقذه من حالة التشرذم والتشتت والحصار المفروض عليه خاصة في محافظات غزة ، وان الانتخابات هي التي ستكون بداية الطريق نحو انهاء سيطرة حركة حماس على غزة بعد فشل واستنفاذ كل المحاولات التي كانت تبذل نحو ذلك كالاتفاقات التي كانت تبرم مع حركة حماس بوساطة دول عربية كمصر والسعودية وقطر كلها كانت مجرد حبر على ورق.
ولكن يبقى السؤال هنا هل حركة فتح جاهزة لتلك الانتخابات وهل استفادت من فشلها في انتخابات عام 2006 والتي فازت بها حركة حماس بأغلبية ساحقة؟ بعد أن شهدت الحركة حالة من الخلافات الداخلية أثرت سلباُ على قاعدتها برزت بعد فصل محمد دحلان من الحركة وعدد من الموالين له، بالطبع ومما لاشك فيه أن هذا سيؤثر بالسلب على مدى نجاح حركة فتح في أي انتخابات مقبلة سواء انتخابات بلدية ومجالس محلية أو الانتخابات التشريعية، باعتقادي أنه لا يجب على حركة فتح أن تعول كثيراً على حالة الانقسام وسيطرة حركة حماس على زمام الأمور في غزة، فحركة حماس أيضاُ لها ثقلها بالشارع الفلسطيني ولها تأثيرها القوي على عناصرها الذين يلتزمون بكل ما يصدر من تعليمات من قبل قيادة الحركة مهما كانت، فالولاء أمر مقدس لديه هذه الحركة.
وهنا أقول بأن حركة فتح عليها عدم الاستهتار وأن تدرس العملية الانتخابية ومتطلباتها بشكل جدي ولا تستهين بمحتواها مهما كان لحركة حماس من سلبيات في حكمها وأدائها في حكمها لغزة حسب رؤية حركة فتح لها، وأن تعمل على لملمة أوراقها وتعد الخطة المتكاملة التي تفضي في نهاية الأمر للم شمل الحركة وتوحيد كلمتها وموقفها لضمان عدم خسارتها في أي عملية انتخابية مقبلة، وحسب آخر التصريحات للقيادي الفتحاوي عبد الله أبو سمهدانة بأن الحركة جاهزة للانتخابات وستحصد غالبية المقاعد وأنه لا خلافات حول مستقبل الحركة وهذه الخلافات لا تشكل أي خطر وستذوب عند تحديد مصير الحركة، فبرأيي أنه يتوجب على قيادة حركة فتح دراسة تلك الخلافات بعناية بالغة للحيلولة دون تأثيرها على مستقبل الحركة كما حدث في انتخابات 2006، وهذا يتم تجنبه في كيفية اختيار ممثلي الحركة في الانتخابات المقبلة من حيث الكفاءة والقبول لدي اوساط الحركة والشارع الفلسطيني وليس بطريقة التكليف.
إن فصائل منظمة التحرير الفلسطيني عليها أن تشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقها والتي قطعت العهد بأن تواصل درب التحرير نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وأن تعمل على تغليب المصلحة الوطنية العليا على مصالحها الحزبية الضيقة وأن تعمل على استعادة مكانتها في الشارع الفلسطيني من خلال اختيار من هم الأكفأ والانسب في القوائم الانتخابية.
بالمقابل فإن حركة حماس تعمل وبشكل بالغ الاهتمام على ضمان فوزها بغالبية في أي انتخابات مقبلة وخاصة الانتخابات البلدية التي تعكس الصورة النمطية المصغرة للانتخابات التشريعية التي ستلي انتخابات البلدية في حال نجاحها، ووفقاً لتصريحات مسؤولين في حركة حماس فإن الحركة ستعتمد آلية اختيار مرشحيها على الكفاءات والعشائر وأن الحركة ليست متخوفة من نتائج الانتخابات المقبلة، وأن لديها الرصيد الكافي لضمان نجاحها يتمثل بأدائها في حكم غزة وانتصاراتها في الحروب الثلاثة التي شنتها دولة الاحتلال على غزة حسب رأي الحركة، وكذلك تعويلها على حجم الخلافات الداخلية في حركة فتح والتي تبني حركة حماس عليها بوادر نجاحها في الانتخابات المقبلة، وحالة عدم الانضباط لدي القاعدة في حركة فتح بانتخاب مرشحيها كما حدث في انتخابات 2006، كما وتستند حركة حماس على نجاحها في انتخابات جامعة بيرزيت في الضفة الغربية التي تدير حكمها السلطة الفلسطينية.
في الختام نرى من خلال التصريحات من قبل قياديي حركة فتح وحركة حماس أن الانتخابات هي مقدمة لإنهاء الانقسام وبداية لترتيب البيت الفلسطيني وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية على أساس الشراكة الوطنية وهذا ما يحلم به الشعب الفلسطيني الذي عانى ومازال يعاني من ويلات الحروب والحصار والانقسام البغيض.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية