المصالحة التركية الإسرائيلية: الاتفاقية السليمة في التوقيت الخاطئ؟
القدس / سوا / من المقرر أن توقع إسرائيل وتركيا، اليوم الثلاثاء، اتفاق المصالحة وتطبيع العلاقات بينهما، الذي أعلن عنه يوم أمس خلال مؤتمرين صحافيين متزامنين لرئيسي الحكومتين، بن علي يلدريم و بنيامين نتنياهو .
وستطرح الاتفاقية، غدًا الأربعاء، أمام المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت)، للتصويت والمصادقة عليها، وقد صرح ساسة إسرائيليون أن وزير الأمن الإسرائيلي، حديث العهد، أفيغدور ليبرمان، من المتوقع أن يعترض على هذه الاتفاقية، فيما أعلن وزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، ووزيرة القضاء، أييلت شاكيد، معارضتهما للاتفاق.
وقد صرح نتنياهو من المؤتمر الصحافي الذي عقده من العاصمة الإيطالية، أمس الإثنين، أن اتفاقية المصالحة بين تركيا وإسرائيل، تحمل 'أهمية إستراتيجية' بالنسبة للأخيرة، واصفًا المصالحة على أنها ضمن ما أسماه 'خلق مراكز ثبات' حول إسرائيل، في خضم الحروبات والقلاقل في الشرق الأوسط.
وأفاد نائب مستشار الأمن القومي، يعكوف نيغيل، الذي كان من أعضاء طاقم التفاوض، أنه بعد مصادقة الكابينيت الإسرائيلي على الاتفاقية، سوف تُنشر تفاصيلها كاملةً، على الملأ.
وستطرح الاتفاقية على الكنيست ، مدة 14 يومًا، كما هو منتهج إسرائيليا، في حالة المصادقة على المواثيق الدولية، ومع انتهاء هذه المدة، ستدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، بشكل رسمي.
وأشارت صحيفة 'هآرتس' الصادرة، صباح اليوم الثلاثاء، إلى أن نتنياهو، أجرى مساء الأحد، اتصالًا هاتفيا بنائب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، جو بايدن، ليطلعه على تفاصيل الاتفاقية التي توصلوا إليها، وقد بارك الأخير نتائج المفاوضات التي أفضت إلى اتفاق، سيؤتي أكله أمنيا، على حد قول بايدن.
وفي الليلة ذاتها، اتصل الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس ، ليطلعه على تفاصيل الاتفاقية بين أنقرة وتل-أبيب، واعدًا إياه أنها ستأتي بالمساعدات الإنسانية في قطاع غزة .
ويشار إلى أن كلا من عباس والقيادة في حركة حماس ، قد باركوا إتمام المصالحة الإسرائيلية التركية. وبارك الاتفاقية أيضًا، وزير الخارجية الأميركية، جون كيري. كما وعبر أمين عام هيئة الأمم المتحدة، بان كي مون، الذي قدم إلى إسرائيل، أمس الإثنين، عن رضاه من هذه الاتفاقية.
وعن خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، من العاصمة الإيطالية، روما، أمس الإثنين، قال المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، باراك رافيد، إنه 'خطاب رسمي، معتدل، دون أن يهاجم ناقديه'، بعد سنوات مما أسماه بـ'عدم إدراك' نتنياهو لخطورة الوضع الذي آلت إليه العلاقات الإسرائيلية التركية في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، والذي أسمته 'الرصاص المصبوب'.
وأضاف رافيد أن نتنياهو، لم يتردد، عبر 'لسان حاله'، على حد قوله، صحيفة 'يسرائيل هيوم'، من مهاجمة دائمة لتركيا ولقياداتها. كما لم يدرك نتنياهو الخطورة الكامنة في اعتراض مسار سفينة 'مافي مرمرة' التركية والتهجم عليها. وقد أشارت لجنة تيركل التي أقيمت في إسرائيل لفحص العدوان على السفينة التركية، التي أوقعت قتلى ومصابين، أن وزراء إسرائيليين قد حذروا نتنياهو من مغبة الإقدام على اعتراض السفينة التركية والتهجم على طواقمها، ومن نتائجها الوخيمة، وكان من بين هذه الأصوات دان مريدور وبيني بيغين.
ويشير رافيد إلى أن نتنياهو واصل بعد العدوان على السفينة التركية، سلسلة كبيرة من الأخطاء المتتالية مع تركيا، ذكر منها تعيين وزير الأمن الإسرائيلي السابق، موشيه يعلون، رئيسًا لطاقم المفاوضات مع تركيا، وهو اليميني الذي لم يكن ينوي مسبقًا، تقديم أي تنازل كان للطرف التركي. وأتاح نتنياهو لوزير خارجيته السابق، أفيغدور ليبرمان، بالتهجم في كل فرصة، على تركيا وقيادتها، وهو الذي انسحب في اللحظة الأخيرة، من التوقيع على اتفاقية مصالحة كانت قد صيغت بين الجانبين.
ويقول رافيد إن التهمة الرئيسية التي يمكنه توجيهها إلى نتنياهو في سياق توقيع اتفاقية المصالحة الإسرائيلية التركية، هي التوقيت. فلم لم يتم توقيعها قبل عام، اثنين أو أربعة أعوام؟ وساهم عامل الوقت والمماطلة والإرجاء في تصعيب الشروط واتخاذ مواقف أكثر حزمًا وتصلبًا.
ويواصل رافيد تحليله قائلًا إن نتنياهو لا ينكر سلبية تأجيل التوقيع الاتفاقية ولا ينكر دوره بذلك، إلا أنه يبرر الأمر بادعائه أن الظروف المواتية للتوقيع على الاتفاقية، آن أوانها الآن فقط، مضيفًا لتبريره أن إسرائيل حصلت على أفضل مطالبها، بينما الأتراك قدموا تنازلات، وفق روايته.
ويقول رافيد إن نتنياهو بالفعل قد حصل مكاسب من هذه الاتفاقية، برغم كل نقده له، أكبرها، يكمن بإرغامه الأتراك على التنازل عن مطلبهم الأساسي، الذي لأجله انطلقت سفينة 'مافي مرمرة'، رفع الحصار عن غزة، كما وتشكل الاتفاقية بشكلها الحالي، على حد تعبير رافيد 'اعترافًا تركيا بخطئها في إطلاق إتاحة المجال للسفينة بالانطلاق (نحو غزة).