تمر علينا بعد أيام وبالتحديد في الخامس عشر من مايو 1948م ذكري النكبة الحزين وضياع واغتصاب فلسطين على يد العصابات الصهيونية؛ وهي ذكري أليمة ومريرة علي شعب فلسطين ولازال ليومنا هذا يدفع شعبنا الثمن؛ ثمن النكبة وثمن وعد بلفور المشؤوم الذي أقرتهُ بريطانيا في الثاني من نوفمبر 1917م، ويجب علي بريطانيا أن تعتذر لشعبنا عن تلك الجريمة البشعة بحق الفلسطينيين؛ والتي أعطت وعد من لا يملك لمن لا يستحق؛ وإعطائها وعد لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين؛ والذي نتج عنه مذابح مستمرة لأهل فلسطين واستمرار الاحتلال الصهيوني الإجرامي جاثمًا فوق صدور وأرض شعب فلسطين؛ ولازالت عجلة الزمان تدور رحاها مُسرعةً، فالأيامُ تطويها الأيام والشهور تطوي مع مرور السنين ولا تزال فلسطين وشعبها المكلوم النازف دمًا بعد مرور ما يقارب القرن من الزمان يحلمون بالعودة إلى فلسطين التاريخية رغم كل الجراح والآهات للأف من الأسري الأبطال وقوافل الشهداء الكرام  البواسل, وأنات الثكالى والأيتام والمحرومين والمعذبين والجرحى؛ وها هي الهبة والانتفاضة الشعبية للدفاع عن القدس الشريف وأبطال السكاكين الذين هبوا للدفاع عن القدس وفلسطين الأرض الطيبة المقدسة المباركة الطاهرة.

ونحن في عام 2016م تأتي علينا الذكري الأليمة الثامنة والستين لضياع فلسطين  والتي بقيت لهذا اليوم أسيرة ومُغتصبة،  ومنهوبة،  ومنكوبة،  ومحتلة،  ومسلوبة،  ومقهورة ومظلومة بفعل المجرمين الُغزاة الصهاينة قتلة الحجر والبشر؛ و يا حبذا  لو بقي الأمر عند هذا الاحتلال المُجرم البغيض الاحتلالي الاستيطاني الإحلالي؛ بل جاءت لنا نكبات جديدة  بحجم نكبة عام 1948م!!  بل أعتقد أنها تفوقها قوةً وشراسةً، وهي نكبات الانقسام لأنها أدت إلى شرخ  وتشقق كبير في النسيج الاجتماعي  والمجتمعي الفلسطيني، فأصبح الأخُ يكرهُ أخاهُ بل ويقتل أخاه، لأنهُ ليس من فصيله أو من حزبهِ وحركتهِ!! وأصبحت ملامح الانقسام بارزة ظاهرة للعدو قبل الصديق، مما زاد الأمور خرابًا على خرابها  وضياعًا فوق ضياعها  وهجرةً فوق هجرة و يا أسفاه على ما وصلنا إليه اليوم من انقسام  أكل الأخضر واليابس  وخلف الحنظل والمُرّ.   

 ونحن على موعدٍ مع  الذكري الثامنة والستين لاغتصاب فلسطين ونكبتها لم ُيعد مصطلح كلمة النكبة كافيًا وملائمًا لضياع فلسطين التاريخية من قبل عصابات الكيان الصهيوني وإعلان دويلتهم المزعومة (إسرائيل) على أنقاض فلسطين وشعب فلسطين- إن  كلمة النكبة مصطلح فلسطيني صغير جدًا مع حجم المأساة الإنسانية والوطنية المتعلقة بمجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية أمثال الشترين والهجانا وغيرها والإبادة الجماعية التي مُورست بحق أبناء شعبنا وكذلك قيامها بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره تحت وقع المجازر الدموية لتلك العصابات الصهيونية في  مايو من العام  1948م  وهو تاريخ بداية احياء فعاليات فلسطينية بذكري النكبة  وضياع فلسطين التاريخية، والتي اعتدنا على إحيائها بكثير من الحزن والأسى في الخامس عشر من أيار في كل عام؛ إلا أن حقيقة المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك بسنوات عندما هاجمت العصابات الصهيونية الإجرامية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها عن بِكرة أبيها، و دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها وجعلهم لاجئين ومشردين في كافة أصقاع الأرض. وبعد مرور 68 عامًا على ضياع فلسطين التاريخية بمدنها الخالدة في الذاكرة الفلسطينية – قرية بربرة،  وقرية دير دبوان المحتلة، وقرية حمامة وسدود ويبنا وصفد وحيفا ويافا وتل الربيع وأم الرشراش وعكا واللد والرملة وبربرة ودير سنيد وغيرها من القرى والمدن  التي تم اغتصابها واحتلالها وطرد الشعب الفلسطيني منها لصالح إقامة دويلة الكيان الإسرائيلي؛  كانت في أحداث النكبة حكايات من الضياع والتشريد و احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يزيد على 900 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما شملت تلك الذكرى الأليمة قيام العصابات الصهيونية بارتكاب عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة و محاولة تدمير الهوية الفلسطينية وطمسها وتهويدها ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي غربي وأجنبي في فلسطين عام 1948م.   

والنكبات تتوالي على شعب فلسطين من الانقسام والدواعش والربيع الدموي وتنكر الصديق والعدو لنا، وبعد مرور 68 عامًا على ضياع واحتلال ونكبة فلسطين وتشريد شعبها منها؛ عبر المجازر الصهيونية التي ارُتكبت بذلك الوقت، وما زالت تلك المذابح مستمرة بحق شعبنا ليومنا هذا من قتل الإنسان الفلسطيني وتهويد الشجر والحجر والبشر لابد لنا من أن نوحد صفنا وجبهتنا الفلسطينية الداخلية وأن  نعمل بشكلٍ فوري على إنهاء الانقسام وتبنى استراتيجية وطنية موحدة لمقاومة الاحتلال والاستيطان بكافة السبل المشروعة؛ ومهما كانت تلك الذكري مريرة وصعبة علينا؛ بنكبة وضياع فلسطين التاريخية و أليمة على قلوب وأحرار العالم كله،  إلا أن فلسطين لازالت من بحرها لنهرها بكل قراها ومدنها المحتلة منذ عام 1948م تعيش فينا ونعيش فيها بأرواحنا؛ وخاب  وخسر وخاب ظن بن غوريون ـأول رئيس عصابة لدولة الاحتلال عام 48م  حينما قال : " إن الكبار يموتون والصغار ينسون"، صحيح إن الكبار يموتون ولكنهم وإن ماتوا فإنهم قبل موتهم غرسوا ودمغوا حب وعشق فلسطين السرمدي ليكون خالدًا  في قلوب وعقول صغارهم؛ وحال  الصغار كبروا ولكنهم لم ولن ولا ينسون  فلسطين من بحرها لنهرها هي لنا.. هي لنا.. هي لنا.. ولن نفرط بشبرٍ واحدٍ منها، كيف لا! وهي الأرض المباركة المقدسة وحتمًا يومًا ما وقريب وليس ببعيد سنعود وسيتحقق الحلم مهما كان الليل حالك السواد فلابد من بزوغ فجر الحرية القادم، يرونه بعيدًا ونراهُ قريبًا، وبالرغم من النكبات الكثيرة التي تحيط بقضيتنا الفلسطينية وقساوة المشهد والحصار والانتحار في قطاع غزة ، وبطش الاحتلال للمنتفضين الأبطال في القدس والضفة والاعدامات الميدانية للمنتفضين وسحق الأسري الأبطال كل ذلك مبشرات بقرب النصر والتخلص من الظالمين والمجرمين والمحتلين اليهود، ومع اشتداد الليل حلكةً وظلامًا فلقد عرفنا من التاريخ أن أكثر ساعات الليل حلكة وظلامًا تلك الساعة التي تسبق بزوغ الفجر- فيا أهل فلسطين بالرغم من تكرار النكبات وزيادة الأزمات وانقطاع الكهرباء والفقر المدقع والانقسامات فورب السماوات إن النصر لآتٍ أتّ؛ فأنتم أصحاب حق وأعدل قضية عرفها التاريخ البشري المعاصر والاحتلال الصهيوني مصيره إلي الزوال والفناء والدمار والوبار.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد