حسناً فعل مجلس الوزراء باتخاذه قرار إجراء الانتخابات المحلية في موعدها القانوني، خروجاً على مألوف فلسطيني بامتياز. فالتأخير والتأجيل والتملص من الاستحقاقات الانتخابية سيّد العادات الفلسطينية. 
حسناً فعل مجلس الوزراء، فالمجالس المحلية تعاني من إشكاليات ومعيقات. ويطفو على سطح التحديات استقالة ليس أقل من ستين هيئة محلية خلال السنوات الأربع الماضية، علاوة على انقطاع العديد من الأعضاء عن ممارسة عملهم وانتظامهم في حضور الاجتماعات، ما أضعف عمل أعضاء الهيئات المنتخبين لعضويتها وساهم في شلل معظمها. 
مبتدأ الخبر، أن مجلس الوزراء  قد اتخذ قراراً يقضي بموجبه إجراء انتخابات الهيئات المحلية في تشرين الأول القادم، أما خبر المبتدأ، أن مجلس الوزراء قد سَها أو تناسى التبليغ عن النظام الانتخابي المعتمد في الدورة القادمة، أو أنه قد وضع قراره رقم 51/ 88/17/م.ر/ ر.ح، الصادر في شباط الماضي، على رف القرارات المتسرعة في الصدور.
لقد قضى القرار أعلاه، تشكيل لجنة فنية من عدد من الوزارات، لا تقل عن خمس وزارات، مع لجنة الانتخابات المركزية، من أجل مراجعة النظام الانتخابي المعمول به في قانون الانتخابات المحلية. 
الإشكالية، في احتدام الصراع بين السلطة التنفيذية والمجتمع المدني على خلفية استهانة واستهتار الأولى بالثانية. والأهم أن المجتمع الفلسطيني بات يمقت مفاجآت السلطة التنفيذية وعركاتها وحالة الاحتقان التي تسببها ثغرات قراراتها وعدم وضوحها وعدم مراعاتها لأسس التعددية واستحقاقات المشاركة، واعتيادها على إصدار قوانين دون فتح الحوار مع الأطراف ذات المصلحة في محتوى القانون، ودون إخضاع التوجه للفحص والدراسة على أسس علمية وبحثية من قبل أصحاب الاختصاص!  
الجدل حول القوانين الانتخابية لم يتوقف في المجتمع، وبات لدينا مسودات قانونية كاملة واقتراحات بتعديلات قانونية من واقع التجربة العملية للمسار والسياق الفلسطيني، وبما يراعي تجسيد الالتزام بالمبادئ والمنطلقات المثبتة في المرجعيات الرئيسة: مبدأ تعزيز وتنمية المشاركة السياسية وخاصة القطاعات المهمشة كالمرأة والشباب، والالتزام بمبادئ الديمقراطية والمواطنة.
الأسئلة لا تتوقف عند طبيعة النظام الانتخابي والقانون المنشود، بل تبرز الأسئلة السياسية حول حقيقة مشاركة قطاع غزة ! موافقتها على المشاركة في الانتخابات.. دون أن نموّه على حقيقة أن نفوذ حكومة التوافق لقطاع غزة ونفاذ قراراتها شكلي وهش.  
غزة بحاجة قصوى إلى تجديد مجالس الحكم المحلي، بسبب عدم تنظيم أي انتخابات منذ عام 1976، فعدا عدم مشاركة القطاع برمته في انتخابات عام 2012 بذريعة الانقسام، فقد حُرِمت بعض المجالس من ممارسة الانتخابات بين عامي 2004 – 2005 بسبب عدم إجراء انتخابات المرحلة الخامسة، ومنها مجلسا مدينتي غزة وخان يونس، لتحرم جميع من بلغ عمره 40 عاماً فما فوق؛ من ممارسة حقه الطبيعي في اختيار ممثليهم في هيئات الحكم المحلي.
قانون الانتخابات المحلية تعدّل أكثر من مرة، منذ إقرار قانون انتخاب الهيئات المحلية في عام 1996، وتم تعديل النظام الانتخابي في عام 2004، لدى انتقاله من نظام الدوائر إلى نظام القائمة النسبية. 
كما تعدل البند الخاص بانتخاب رئيس الهيئة المحلية وجرى تعديلات على «الكوتا» النسائية، وتم سحب وإضافة البند الخاص بالتدرج والمرحلية أكثر من مرة، كما جرى ضم بعض المجالس فيما عُرِف بالمجالس المشتركة. 
التعديلات المتكررة يعني أن القوانين تشكو من التسرع ومن الإفراط في تسييسها على حساب وظيفة الهيئات المحلية التخصصية والمهنية.
لقد فعلت خيراً الحكومة بقرارها، وعليها أن تستكمل معروفها أولاً: بتحديد وإعلان موعد وتاريخ الانتخابات في تشرين الأول القادم، لينتقل الجميع إلى متابعة الإجراءات التالية وفقاً للقانون، وثانياً: عدم اللجوء إلى إصدار قانون بقرار رئاسي يغيّر النظام الانتخابي دون حوار جميع الأطراف الفاعلة وصاحبة العلاقة، ومنها القوى النسائية والشبابية. 
وأخيراً، من الأسلم تنظيم الانتخابات المحلية القادمة استناداً إلى القانون رقم 10 لسنة 2005، لكونه صدار وأقر نظامياً من قبل المجلس التشريعي الفلسطيني، ولأنه حظي في حينه على إجماع كافة الأطراف السياسية ومؤسسات المجتمع المدني. ليس كرهاً، من قبلي، بعدم تغيير النظام، بل حباً في صدور قانون توافقي كنتاج للحوار.. يخفف الشرور ولا يتأبطها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد