نتعامل مع قضية المعلمين بأنها قضية خاصة بهم وعلى الحكومة_الحالية_ أن تجد حلا لهم، ولم ننظر بأن هذا الملف كباقي الملفات والقضايا التي تواجه مجتمعنا كونها أزمات متراكمة منذ عقود_ منذ نشأة السلطة الفلسطينية_ . وتعاملنا مع هذه الأزمة وأي قضية بالحلول الجزئية أو تأجيلها وعدم معالجتها. كما ذكرت في مقالي الماضي بأن المعلم هو جزء من سياق مجتمعي بدأ يستيقظ على مطالبه، فمن قال ان الممرضين ليس لهم مطالب؟ الأطباء؟ أساتذة الجامعات؟ الصيادلة؟ المهندسين؟ الموظفين في الوظيفة العمومية؟! أبناء الأجهزة الأمنية؟! 
ان ما خرجت به بعض الأصوات هنا وهناك زاد اشتعال النار جنوناً ولم يعالج القضية؛ وكأن القضية أصبحت قضية شخصية بين عدد من المختصمين يريدون الانتفاع من هذه المشكلة لأجنداتهم الخاصة، كأن القضية تعني المعلمين وحدهم، وتلك الأصوات أدانت ذاتها بذاتها ويجب محاسبتها على ذلك من خلال ما صرحت به لوسائل الإعلام، أو من خلال استخدامهم أدوات وخططا وأدوية يجب أن لا تستخدم نهائيا في مثل هكذا أزمة. ومن زاوية أخرى نُشر خلال الأيام الماضية عدد من المبادرات لعلاج الأزمة لكن حسب وجهة نظري هي حلول تقليدية، مثل العلاج الموضعي والمسكن فقط لا غير، بالتالي سينزف الجرح في السنوات القادمة وسيكون الجرح ملتهبا، ما سيؤدي الى البتر كأفضل وسيلة للعلاج. 
لنفكر خارج الصندوق... في زيارة الى اخي الأسير المحرر نعيم ابو الكعك، تحدثنا عن الواقع الحالي كثيراً، لكنه قال لي ما لم اسمعه من أحد غيره قائلاً «لم أقم بالنقد وشتم الواقع، حاولت في المساحة الخاصة_مطعم كاستيلو _ أن أساهم في الدعم من خلال الخصم على الفاتورة للمعلمين 15% والطلبة 20% من مجمل الفاتورة». وهنا مربط الفرس، ربما الحكومة لن تستطيع دفع 100 شكيل لكل معلم لكنها تستطيع أن توفر على المعلم 500 شيكل شهرياً على الأقل. علينا النظر بشكل أوسع الى الأمور وبشكل غير تقليدي حتى نستطيع أن نعالج الأزمة و/أو الأزمات القادمة. ما هو مطلوب الآن العمل على إيجاد _وربما خلق_ نظام وهيكلية وأدوات جديدة لمعالجة الأزمة المالية لكافة شرائح المجتمع ولنبدأ بالمعلم.
وهنا يولد العديد من الأسئلة أهمها: أين المجتمع من تحمله المسؤولية في ظل عجز وضعف المؤسسة الحكومية من إيجاد بدائل؟؟ أنا هنا لا أعفي الحكومة من مسؤوليتها في إدارة الأزمة ومن واجبها وأهمها محاربة الفساد المالي والإداري ووضع سياسات تقشفية من فوق الى أسفل وليس بالعكس، وأيضاً مراقبة ومحاسبة وإعادة هيكلة بعض المؤسسات شبه الحكومية التي أصبح راتب مديرها الشهري يقارب ما مجموعه راتب أكثر من 27 معلماً أو أكثر بالشهر!!
أين المجتمع في علاج الأزمات أيضاً؟! أين المجتمع من إصلاح التعليم وجودته، هناك العديد من التجارب التي أثبتت نجاح المشاركة المجتمعية في الإصلاح المدرسي، وذلك من خلال المشاركة الفاعلة وإتاحة الفرص الحقيقية لأفراد المجتمع من أسر، ومجالس آباء، ومعلمين، وأفراد، وقيادات مجتمع، للمساهمة والمشاركة في المهام والتخطيط المدرسي. أين القطاع الخاص على جميع المستويات من تخفيف الفاتورة الشهرية على المعلم: دواء، مواصلات، اتصالات، غذاء، ملابس، أجهزة كهربائية، الغاز، الكهرباء..... الخ. 
نعم بإمكان الحكومة أن تقلل من مدفوعات وفاتورة استهلاك المعلم 500 شيكل أقل شيء لكنها لا تستطيع أن تدفع له 100 شيكل، ما قام به صديقي نعيم هو فعل بسيط لكن هذا ما يستطيع أن يقدمه، لنتخيل لو كان هذا العمل منظما بطريقة أن لكل معلم بطاقة يستطيع أن يشتري بأسعار معينة، وله خصومات معينة، وله عروض مختلفة ومميزة، وبالإمكان إعفاؤه من بعض القضايا التي يستطيع القطاع الخاص أن يتحمل جزءا من هذه النسبة.
الأفكار كثيرة، لكن هل نحن نريد أسهل الطرق للعلاج أم بإمكاننا التفكير خارج الصندوق ونعيد ترتيب الأمور بشكل مختلف غير تقليدي حتى لو كان متعبا، لنبدأ بقطاع المعلمين وننتقل لمختلف الشرائح التي هي بحاجة الى من يهتم بقضاياها المجتمعية، لنُعِد الاعتبار لواقع المنظومة ككل للخروج من الأزمة والأزمات القادمة...

للتواصل:
بريد الكتروني mehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد