أعلنت لجنة التنسيق المنتخبة من معلمي المدارس في محافظات الضفة الغربية، أن يوم أمس، سيكون يوم إضراب شامل، مع تواجد المعلمين في مدارسهم حتى الساعة 12 ظهراً.
عصر يوم أول من أمس، سمع الناس، نداءً عبر المساجد، بأن أولادهم سيكونون على مقاعد مدارسهم، وناشد الجميع، طلبة وعائلات ومدرسين، للتآلف والتعاون لعودة الحياة التدريسية والتعليمية.
وخلال هذا اليوم، الاثنين، سيكون الإضراب بعد الحصة الثالثة، وبعدها سيتواجد المعلمون أمام مجلس الوزراء، بالتزامن مع جلسته الأسبوعية في رام الله . اللافت للنظر في بيان لجنة التنسيق، أن ما جاء فيه، ووفقاً للبيان يأتي رداً على إعلان وزارة التربية والتعليم العالي، التوصل لاتفاق مع اتحاد المعلمين، ودعوتها لانتظام الدوام بداية الأسبوع، يوم أمس. 
ووفقاً لأخبار إعلامية وصحافية، فقد كانت نسبة تجاوب المعلمين مع الإضراب كبيرة. في محافظة نابلس والخليل وجنين، بلغت مائة بالمائة، وفي بقية المحافظات، كانت نسبة كبيرة.
ما جرى، يحتاج إلى وقفة، ضمن اطارات العمل النقابي، بعيداً عن التسييس، أكان من طرف نقابة العاملين في التعليم، أو لجنة التنسيق، وهي لجنة منتخبة. 
المسألة هنا، تتعلق بجيل الشباب، ومستقبل الوطن والقضية، ولا يجوز، التعامل معه وفق صراعات سياسية، تستخدم سلاح الإضراب، خاصة في مجال التعليم، لتحقيق مرامٍ سياسية.
سبق لنا أن عايشنا إضرابات نقابية، ومن ثم التوصل لحلول، كانت مرضية للأطراف المعنية، خاصة المعلمين والطلاب.
ما نعايشه الآن، يبدو لي، أنه تجاوز الاعتبارات النقابية، ليصل حد التعبير عن أزمة، وهي أزمة تتعلق بالاحتقان، وأبعاده هي: ضيق فرصة العيش في شريحة المعلمين. هنالك راتب محدد، وهو في حقيقة الأمر، لا يكفي للعيش. ماذا تفعل 2.000 ألفا شيكل؟! في ظل ما نعايشه من حالة غلاء. غلاء متسارع. وهل لدى حكومتنا القدرة على رفع الراتب، لكي يكون كافياً لعيش كريم!
من البداهة القول، إن هنالك مشكلة معقدة، مشكلة عند المعلمين، ومشكلة عند السلطة. المشكلة سياسية، وسببها الاحتلال، وما نعايشه من انسداد الآفاق التفاوضية، ومحاولتنا العبور من هذا الانسداد، عبر إيجاد حل دولي... وخلال عملية العبور تلك، يتزايد الاحتقان، ليصل حد الانفجار.
ما يقوم به شبان، من عمليات طعن ودهس وغيرها من وسائل... يأتي عبر أزمة الاحتقان الذي نعيش.  
من غير المنطقي تحميل المعلمين، أو نقابتهم ولجنة التنسيق المنتخبة، مسؤوليات الإضراب، رغماً عن تجاوزه حدود النضال النقابي المشروع، كما لا يمكننا تحميل السلطة مسؤولية الإضراب، نتيجة عجزها مالياً، عن تحقيق ما تطالب به لجنة التنسيق.
تعطيل التعليم، هو إسهام في هدم المسيرة التعليمية، وهو هدف هدّام للمجتمع الفلسطيني بأسره.
المسألة تحتاج إلى معالجات مسؤولة، تأخذ في الاعتبار، أولاً وقبل أي شيء آخر، بأننا نعاني من أزمة سياسية، ولإسرائيل هدف أساسي في تعميق هذه الأزمة، وهدم البنى الاجتماعية والاقتصادية في مجتمعنا الفلسطيني، بل وتمزيقه شرّ ممزق، وتحويله إلى خادم في الاطار الإسرائيلي العام!
لا مناص من العودة للحوار الوطني المسؤول، ما بين المعلمين ولجنة التنسيق، والتوصل لنقاط واضحة، تخدم القضية الفلسطينية، ومستقبلها، وتشكل جزءاً من محاولة العبور لحل وطني شامل، وتحرر كامل من ربقة الاحتلال الإسرائيلي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد