وصف الرئيس، محمود عباس (أبو مازن)، في لقائه مساء 23/1/2016 مع العاملين في مجال الصحافة والإعلام الفلسطيني، في مقر المقاطعة ـ رام الله ، الإعلام وتأثير الكلمة، بالمعركة الأكثر خطورة وتأثيراً... وبأن الكلمة، تحتاج إلى وطنية ومصداقية! صحيح أنها مهنة، بل وصناعة وتجارة، لكنها في الخصوصية الفلسطينية، لها مميزاتها وأبعادها الخاصة بها. لعل أبرزها وأهمها، ضرورة توافر المصداقية، والحفاظ على البوصلة الوطنية.
ذكّرني ما قاله الرئيس، باعتباري من الرعيل الأول، الذي شارك في تأسيس وقيام الإعلام الفلسطيني، منذ بداياته، إبان ثورتنا المعاصرة، بالكثير من الأمور التي رافقت نشأة الإعلام الفلسطيني، لعل أبرز تلك الأمور، أننا كإعلاميين وصحافيين فلسطينيين، دخلنا هذا المجال، عبر معابر، غير مهنية، وغير احترافية، بالمعنى المتداول للكلمة. 
لم ندرس الإعلام والصحافة، في معاهد أو جامعات، ولم نطّلع على أصول الكتابة الصحافية ومناهجها، دخلنا مجال الإعلام والكتابة، ونحن في صفوف الفدائيين والمقاتلين، ومارسنا الصحافة والكتابة والإعلام، ونحن تحت سقف الفصائل، وعبر ما كان يسمى الإعلام المركزي، الذي يترأسه عادة مسؤول سياسي، وكان على الأغلب، عضواً في المكتب السياسي، لهذا الفصيل أو ذاك.
ولم القائد العام للثورة، ياسر عرفات ـ رحمه الله ـ يتورع في التدخل الشخصي بشؤون "وفا" و"فلسطين الثورة" مباشرة.
نشأ الإعلام الفلسطيني، في الفترة الأولى من عمر الثورة، 1965 ـ 1973، في أتون الثورة، وتعلم الصحافة في أتونها، ونمت قدراته من خلال التجربة والخطأ، ونشأ إعلام يقوم على الشعاراتية، والجمل اللاهبة. 
كان هذا الإعلام هو إعلام البدايات. لعلّ عاملين مهمين للغاية، أسهما في تطوير الإعلام الفلسطيني، ورفع سوية أدائه، وهما: انتماء قدرات إعلامية عراقية وعربية، لصفوف الثورة الفلسطينية، والمشاركة الحقيقية في تطوير الأداء الإعلامي، إخراجاً وتحريراً، وأداءً، والعامل الثاني، الوسط الإعلامي اللبناني، الذي عاشت م.ت.ف، في كنفه 1971 ـ 1982. 
احتك الإعلاميون الفلسطينيون، بإخوانهم وزملائهم في الصحافة اللبنانية، وكانوا على تماس مباشر، مع جريدة النهار، والسفير واللواء والنداء وغيرها الكثير. وتطلبت الأحداث المميزة والخطيرة، نوعاً من الصراع الداخلي، وكان أبرزها ما شهدته الساحة الفلسطينية، من تناقضات داخلية، بعد طرح النقاط العشر، وبروز جبهة القوى الفلسطينية، الرافضة للحلول الاستسلامية، واندلاع الحرب الأهلية اللبنانية. 
تربّى جيل من الإعلاميين الفلسطينيين في ظل الصراع، وصعوبات البدايات، وكان أبياً وفياً لثورته ووطنه وقضيته، فيما إذا عدنا لدراسة البدايات، وأبرز ما أفرزته المراحل الأولى من الثورة، سنجد أمامنا حقيقة واضحة، وهي أن أبرز ما أفرزته تلك المرحلة، من كتّاب وصحافيين، تبوّأ المقاعد القيادية في الإعلام، هم ليسوا إعلاميين أساساً، بل تربّوا في كنف الثورة، ونمت قدراتهم من خلال التجربة والخطأ!!
ماجد أبو شرار، كمال ناصر، فضل شرور، علي اسحق، نبيل عمرو، احمد عبد الرحمن، الطيب عبد الرحيم، غسان كنفاني، يحيى يخلف، زياد عبد الفتاح وغيرهم... كانوا في حقيقة الأمر، مقاتلين ومناضلين، في صفوف الثورة، وفي أتونها، وعبر معركة الكلمة المسؤولة، وفي الإطار الوطني، تقدموا، إلى الصفوف الأولى، في تلك المعركة الضروس.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد