213-TRIAL-


أخطار حالة الفراغ .... د يوسف رزقة 

حكومة التوافق متوقفة عن العمل. التوقف عن العمل يستغرق مرافق الحياة كافة في قطاع غزة . لا تواصل حقيقي بين وكلاء الوزرات في غزة والوزراء في الضفة الغربية. لم يفوض أحد من وزراء الضفة أحدا من الوكلاء في غزة لا بكل الصلاحيات ولا ببعض الصلاحيات. بينما قام الوزراء الأربعة المتواجدون في غزة بتفويض كامل الصلاحيات للوكلاء في الضفة الغربية.

أخبرني بعض المدراء أن وزراء غزة لم يوقعوا على معاملات وزاراتهم في غزة، ويحيلون التوقيع للوكيل، والوكيل المساعد. وزارة المالية لم تتلق أية تعليمات من وزير المالية، أو من رئيس الوزراء. اعمال الوزارة في غزة التي تتعلق باستحقاقاتها الضريبية على المواطنين، شبه متوقفة، بحيث انخفضت الإيرادات الداخلية الى ما دون النصف. لا نشاط حيوي في الوزارات. النشاط القائم ينطبق عليه مفهوم تسيير الأعمال لحين صدور تعليمات جديدة. لا أحد يعلم متى ستصدر هذه التعليمات، ولا من سيصدرها.

يمكننا في ظل هذه المعطيات والمظاهر، وغيرها، فالمعبر مغلق ، والكهرباء لم تتحسن، وامدادات الغاز المنزلي مشكلة كل بيت ، ومن هنا نقول إن الواقع الحكومي في غزة يعاني الآن من حالة (فراغ).

حالة ( الفراغ) خطرة. ومن أخطارها تعطل مصالح المواطنين ، وبالذات ذات العلاقة بالإجراءات الحكومية. وغياب المسئولية الفاعلة في القطاع الحكومي، وتأخر معاملات المواطنين، وتوقفها أحيانا بسبب غياب الجهة المسئولة. المواطن لا يستطيع إنجاز معاملاته التي تتوقف عليها مصالحه. المواطن قلق ويعاني، والموظف الحروم من راتبه قلق ويعاني بشكل متزايد يوما بعد يوم.

حالة الفراغ التي صنعها اتفاق إنهاء الانقسام، ربما تكون أخطر على المجتمع من الانقسام نفسه. أخطار حالة الفراغ تنبع من أمرين: الأول هو وجود قرار متعمد خلف وجودها وصناعتها. والثاني هو في تداعياتها السلبية، ولعل أبرز تداعياتها السلبية في تجارب الآخرين هو الفوضي. لذا كان يجب على الموقعين على اتفاق الشاطئ الحذر من خلق حالة فراغ.

، لقد بدأ الطرفان ( فتح و حماس ) من قمة الهرم، أعني الحكومة، وكان الواجب عليهما البدء من قاعدة الهرم، بتوحيد الوزارات، ومعالجة مشاكل الدمج، ومغالبة التفاصيل المتباينة، سواء ما يتعلق بالموظفين أو بغيرهم ، حتى إذا ما تم ّ كل شيء، واستوت االأمور واستقامت، قاما بتتويجه بحكومة واحدة، فتكون أول خطوات حكومة التوافق من المستقبل، لا من الماضي.

كلنا يعلم أن الماضي نشأ على انقسام وخلاف، وأن الوطن عاش في ظل حكومتين، وأن اتفاق القاهرة كان يهدف الى توحيد الحكومة، والنظام، ودمج مخرجات الماضي لبناء مستقبل الوطن والشعب معا، ومن ثمة فإن كل تجديد للانقسام والتمييز بأشكال جديدة ومتنوعة، يعنى التنصل من الاتفاق، وإنشاء متعمد لحالة فراغ مسكونة بالقلق. فما العمل بعد الحذر ؟ ومن أم الولد ؟

188

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد