بعد عام كامل من اتفاق وقف اطلاق النار "فقط" بين الفصائل الفلسطينية وقوات الاحتلال، خرج الأمين العام للجهاد الاسلامي د. رمضان شلح في أول حوار له مع قناة الميادين اللبنانية ليقدم رؤيته حول العديد من القضايا أبرزها مساعي التهدئة بين حماس واسرائيل وعلاقات حركة الجهاد الاقليمية.
أخطر ما قاله د. شلح هو استعداد حركته لإشعال حرب رابعة أو جولة دامية من التصعيد من أجل اثنين من أعضائها الأسرى لدى الاحتلال المضربين عن الطعام رفضا للاعتقال الاداري، وهما خضر عدنان ومحمد علان، وهو قرار عنصري يتغافل اعدام الاحتلال للكثير من الفلسطينيين، أين موقف الكرامة وعائلة دوابشة تحترق في البيت والمستشفى، ألا تستدعي جريمة محمد خضير وتلاعب جيش الاحتلال بحياة الشبان على الحواجز موقف على نفس الوزن، والذهاب نحو مغامرة غير محسوبة النتائج قد تعصف بحياة الكثير من المواطنين في قطاع غزة ، وتزيد من تأزيم الوضع الحالي وهو أمر يؤكد أهمية النظر في قرار الحرب والسلم مرة أخرى، قرار لا يكفي معه اشعار حركة حماس بساعة الصفر فقط، بل يجب أن يتجاوز ذلك الى توافق وطني على المواجهة بعد دراسة مسارها ونتائجها حتى لا تكون قفزة جديدة في بحيرة الدم، خاصة وأن ثلاثة حروب لم تتمكن من زيادة الكهرباء ساعة واحدة، عموما من يتوعد بالحرب عليه ألا يبلع وعد اعادة الاعمار.
الجديد الذي أعلنه د. شلح هو تساوي علاقة حركته مع الدوحة وطهران بنفس الدرجة باستخدام نفس الكلمة عن طبيعة العلاقة مع الدولتين "جيدة"، والاشارة الى أن لقاءه مع وزير الخارجية الايراني كان صدفة بسبب تواجدهما في دمشق في نفس الوقت، فيما تحدث بإيجابية واضحة عن قطر، وهو مؤشر هام في تطور العلاقة مع دولة قطر "السنية" بالتوازي مع ايران "الشيعية"، حسب موجة الاصطفاف الجديدة، وتبرير العلاقة مع الدوحة لدورها في اعادة اعمار غزة، مع اغفال أدوار أخرى لقطر فلسطينيا وعربيا، فيما لم يوضح د. شلح سبب تراجع علاقة الجهاد مع تركيا التي تنتمي لحلف الناتو مع اسرائيل.
الواضح من المفردات السياسية والعبارات المكررة أن موقف أمين عام الجهاد الاسلامي يتطابق تمام مع موقف حركة حماس إزاء المصالحة أو منظمة التحرير بنسختها الحالية، موقف يقترب من تصورات د. محمود الزهار المتشددة في العلاقة مع حركة فتح والسلطة الفلسطينية، بمعنى أن الجهاد سيفقد دوره الوسطي في الساحة الفلسطينية مع تلويح غير مباشر بإنشاء كيان موازي لمنظمة التحرير، ويبدو أن موقف الجهاد يركز حاليا ومستقبليا على مصالحة بين القاهرة وحماس بوصفها حركة مقاومة فلسطينية.
يبدو أن د. شلح مطمئن جدا الى موقف حركة حماس من مساعي التهدئة الحالية، من خلال كشفه عن جلسات حوار طويلة مع قادة حماس لدراسة كل تفاصيل العروض المقدمة لحركة حماس، فهل اكتفت هذه الورشات الممتدة على بحث خيارات التهدئة؟ أم امتدت لتطوير التقاربين بين الحركتين وما نتج عنه من مواقف مشتركة في كثير من المناسبات والمواقف؟. المهم اعلان د. شلح موقف واضح من رفض تهدئة تفصل غزة عن الضفة، واشتراط موافقة مصر على أي تطوير لاتفاق التهدئة السابق، مما يتطلب زيارة مصر في هذا السياق.
وضع شلح تعريف جديد لمصطلح محور الممانعة والمقاومة، يقوم على تفكيك المصطلح / المحور بسبب خروج حركة حماس منه، فلا يمكن الحديث عن محور ممانعة ومقاومة دون حماس، موقف يعني أن حركة الجهاد تقدم الشراكة مع حماس على أي تحالفات أخرى، ومن هنا أعتقد جاءت العلاقة مع قطر، كما أنه استبدل مصطلح محور الى مشروع بمعنى أن المقاومة مشروع يحترم كل من يدعمه من حجارة البناء الى الصاروخ وهنا دخلت قطر ضمن مشروع دعم المقاومة الجديد وقد يمتد لدول اخرى ليس اخرها الكويت أو الاتحاد الأوربي الذي يدعم مشاريع حيوية في غزة وممكن أن يشمل التوصيف الجديد وكالة التنمية الأمريكية التي عادت مجدد للعمل في قطاع غزة.
بعد عام على الحرب الثالثة لم يقدم د. شلح تصور واضح لرؤية حركته للوضع الحالي في غزة في ظل استقرار الحصار وتفاقم الازمات الانسانية جراء الانقسام وزيادة معدلات الجباية وانهيار متسارع لقطاعات الصحة والتعليم، واكتفى شلح أن يبقى في برج المقاومة العاجي يهدد فقط بإطلاق الصواريخ من غزة كخيار وحيد، كما يبدو أن د. شلح يأس من حظوظ المصالحة التي تفشل بسبب مشروع السلطة وعجز المنظمة والتنسيق الأمني، وفشل مسار التسوية، لذلك وجد أن فرص التقاءه مع حركة حماس أفضل من خيار الوسط بين فتح وحماس.
كلام د. شلح يشير إلى تغييرات قادمة ومحاور جديدة في الساحة الفلسطينية تُؤسس على افرازات اعادة ترتيب المنطقة بعد عاصفة الربيع العربي، ويبدو أن الجهاد يأس أيضا من مرحلة تقليل الخسائر وفق مصطلح سابق لأمين عام الجهاد الاسلامي نفسه، واتجه الى زمن حصد المكاسب ولو في قطر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية