بعد مفاوضات بين حماس وإسرائيل، برعاية أمريكية مصرية قطرية تركية، أعلن في مدينة شرم الشيخ المصرية التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في قطاع غزة ، المكونة من 20 بنداً، وتتضمن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار ونزع سلطة وسلاح حماس.
فما الجديد في الاتفاق؟ وما أهم نقاط الضعف في بنوده؟وهل يكتب له النجاح خلافاً للاتفاقيات السابقة التي فشلت في تثبيت وقف إطلاق النار؟
(1) الجديد الوحيد
لا تختلف الفكرة العامة للاتفاق الجديد عن الاتفاقيات السابقة، إلا في الإفراج عن الأسرى دفعة واحدة، وهو ما كانت ترفضه حماس في السابق. ويبدو أن هذا التطور لم يأت نتيجة المفاوضات، بقدر ما جاء بسبب الضغط الذي مارسه ترامب على نتنياهو للقبول، وضغط الوسطاء غير المسبوق على حماس. إلى جانب تغير الظروف على الأرض، واستنتاج حماس أن ورقة المحتجزين لم تعد رابحة، بل عبئاً يجب التخلص منه، والبحث عن أوراق تفاوض وتأثير أخرى.
(2) نقاط ضعف
كرر الاتفاق الجديد نفس الأخطاء في الاتفاقيات السابقة، والتي كانت في النهاية تؤدي إلى الفشل وتجدد الحرب، وذلك من خلال التركيز على وقف القتال المؤقت وعملية التبادل ودخول المساعدات، وهي الجزء الأسهل، الذي يلقى قبول من الطرفين، بينما تجنب الاتفاق حل الرزمة الشامل، بمعالجة العقد التفاوضية المتعلقة باليوم التالي ونهاية الحرب. كما يفتقر الاتفاق إلى ضمانات حقيقية تحصنه، حيث يعتمد بشكل أساسي على رغبة الطرفين، وهو ما يمثل نقطة ضعف ثانية، وقعت فيه الاتفاقيات السابقة، خصوصاً مع غياب إرادة الحل والمصداقية.
(3) مخاطر على الطريق
يمكن تلخيصها في: مراوغات نتنياهو المعتادة، وضغوط الائتلاف اليميني المتطرف لعودة القتال بعد عودة الأسرى، وطبيعة ترامب الذي قد يركز على الضجة الإعلامية أكثر من العمل على استدامة الاتفاق، وهناك أيضاً، عقد اليوم التالي، ورفض الفصائل لنزع سلاحها وتقليص نفوذها في القطاع، والتضارب في التفسيرات والرؤى عند التنفيذ، وقدرة الوسطاء على تذليل العقبات، وطمأنة من تتضرر مصالحه، وأخيراً، التدخلات الخارجية التي قد تحاول تفجير الاتفاق.
(4) آفاق النجاح
على وقع محاولات إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق، وتوجه الأنظار إلى عملية التبادل، تقف غزة عند مفترق طريقين لا ثالث لهما: عودة حرب الإبادة بأشكال مختلفة، أو الموافقة على ما ورد في خطة ترامب. ويمسك بالقرارين، مرة أخرى، حركة حماس والاحتلال. ومن يعتقد أن حماس ستتخلى بسهولة عن سلاحها وسلطتها، أو أن الاحتلال سيغادر غزة فوراً لا يفهم مواقف الطرفين.
هذا هو الواقع، بلا تفاؤل ولا تشاؤم. وحتى لا يتكرر ما حصل سابقاً، تحتاج حماس والفصائل إلى واقعية مطلقة، تبدأ من فهم طبيعة المرحلة، وإدراك التحولات التي نشأت، ومنح الأولوية القصوى لإنقاذ وإغاثة المواطنين، ولو على حساب التنظيم، فغزة وأهلها أهم من أي تنظيم، مهما كبر أو صغر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية
