أسبوع واحد يفصل بين الموظفين وراتب الشهر الجديد. بعد أسبوع يدخل الموظفون في غزة الشهر الثاني دون أن يتسلموا رواتبهم المستحقة من حكومة التوافق. الشهر الجديد هو شهر رمضان المبارك باستحقاقاته الكريمة الواجبة. في مطلع الشهر المنصرم عطل إضراب الموظفين عمل البنوك احتجاجا على عدم صرف رواتبهم. نقابة الموظفين في غزة قررت التراجع خطوة في الشهر الماضي بعد أن أوصلت رسالتها لكل من يعنيهم الأمر. ولكنها تبدو في هذا الشهر أكثر إصرارا على تنفيذ احتجاجات نقابية صارمة للحصول على الحقوق. النقابة ترفض المناورات السياسية التي تتلاعب بورقة الرواتب، وبأرزاق الأسر.

في الأسابيع الماضية عاش الموظفون على أمل حل المشكلة بعد أن تدخلت قطر مشكورة وقررت دعم قرار المصالحة وحكومة التوافق، من خلال دعم موازنة السلطة بعشرين مليون دولار لمساعدتها على تحمل فاتورة الرواتب. الأمل الذي تلقفه الموظفون بالرضا والشكر تبخر، وارتفع الى السماء ، وربما دخل منطقة انعدام الجاذبية.

الحوالة القطرية معلقة في الهواء تنتظر قرارا سياسيا. يقال: إن البنوك لا تستقبل الحوالة إلا بقرار من السلطة؟! والسلطة تمتنع عن إصدار قرار قبول التحويلة القطرية لأسباب قيل إنها ترجع الى الضغوط الإسرائيلية، وقيل إنها لأسباب ذاتية لا علاقة لها بإسرائيل ، بل لأن السلطة تريد مبلغا أكبر، هذا من ناحية، ولأنها لم تقرر الاعتراف بشرعية موظفي غزة، ومساواتهم بغيرهم من الموظفين من ناحية ثانية.

راتب الموظف الغزي صار رهينة المواقف السياسية. والمحلات التجارية قررت التخلي عن البيع الآجل لموظفي غزة، لأن الراتب في ذمة الغيب، وفي ذمة القرار السياسي.

قطر حولت في السنوات الماضية مساعداتها المالية الى السلطة بسلاسة ويسر، دون تدخل من اسرائيل، أو تلكؤ من السلطة، ولست أدري ما المشكلة ؟! ومن المسئول عن هذه الصناعة القذرة؟! ولماذا؟ وما هو الحل؟! إذا كانت حكومة التوافق لا تريد استقبال الحوالة بدوافع ذاتية، أو بدوافع خارجية، فغزة جاهزة لاستقبال الحوالة القطرية وغيرها بالآلية لحماية كرامة الموظفين، وحفظ حقوقهم.

حسنا يمكن للسلطة ( على فرض وجود تدخل إسرائيلي سلبي) ، أن تستخدم المنحة القطرية في شراء مستلزمات تحتاجها، وأن تصرف رواتب موظفي غزة من ضريبة البترول التي تجبيها السلطة من غزة والمقدّرة بـ(٣٥) مليون دولار شهريا، وهو مبلغ كاف لصرف الرواتب، وتشغيل الوزارات في غزة. إن من يبحث عن الحلول الوطنية يجدها، ولكن من يختفي خلف قناع الاحتلال وتدخلاته لا يبحث في الأصل عن حلول وطنية.

لا يبدو أن غزة وحدها هي المقصودة بهذا الحصار، إذ تشير بعض المعطيات أن قطر نفسها مستهدفة منه، وأن إسرائيل ودولا عربية تحاول اتهام قطر بتهمة دعم الإرهاب. بعض هذه الاتهامات سمعناها في الإعلام المصري، وسمعناها في الإعلام الخليجي، وسمعناها في الإعلام الصهيوني.

لا توجد مشكلة موظفين ورواتب في الحقيقة. مشكلة الراتب صنعها وفجرها محمود عباس نفسه بعد أن أخذ من حكومة هنية ورقة الشرعية. وعباس وحده هو من يملك مفاتيح الحل. إن كل الشعب، أو جله، والفصائل يتعاطفون مع الموظفين، ويؤيدون مطالبهم، ومن ثم تتجه المطالبات كلها الى عباس وحكومة التوافق ، مع تحذيرات تكشف عن خطورة بقاء المشكلة لمدة أطول.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد