مطالبات بصوغ رؤية وطنية لقطاع التعليم الجامعي في فلسطين.

غزة / سوا / أوصى عدد من الأكاديميين وأساتذة الجامعات والكليات في قطاع غزة بضرورة تشكيل هيئة وطنية عليا لمتابعة ومراجعة وتقييم دور الجامعات، وصياغة رؤية وطنية لقطاع التعليم الجامعي في فلسطين بشكل ديمقراطي وبمشاركة قطاع واسع من الاتحادات والأطر الطلابية لمعالجة الأزمة داخل الجامعات بما يحول هذه الرؤية إلى قانون ملزم للقطاع التعليمي الجامعي.

 


جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمها التجمع الديمقراطي للعاملين في الجامعات والكليات الفلسطينية في مدينة غزة اليوم تحت عنوان " أثر الانقسام الفلسطيني على المناخ الأكاديمي والإداري في جامعات الوطن"، بمشاركة واسعة من الأساتذة والأكاديميين من مختلف الجامعات والكليات في قطاع غزة، وأعضاء التجمع. وقد أدار ورشة العمل الرفيق محمد الغول مسئول التجمع.

 


وتوافق المجتمعون على ضرورة الدعوة لمؤتمر علمي يبحث عمق الأزمة في التعليم، ويشتق الحلول بما يخرج الجامعات عن الصراع والانقسام، ويعيد الاعتبار للدور الوطني للجامعات، ويضمن دمقرطة المناهج التعليمية ومساهمة الطلبة بمناقشتها وتقديم مقترحات لتعديلها.

 


كما أكد المجتمعون على ضرورة إنشاء مكتب لتنسيق قبول الطلبة في الجامعات، وإعادة تفعيل صندوق الطالب، والتوافق على هيئات طلابية تحل محل المجالس الطلابية القائمة تعمل على اطلاق الحريات وتهيئة المناخات المناسبة.

 


كما دعا المجتمعون لضرورة إجراء الانتخابات لمجالس الطلبة وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وبرعاية ورقابة وطنية، وتفعيل نقابات العاملين بالشكل الديمقراطي، وتمثيلها في إدارات الجامعات، والوقف الفوري لحظر الأنشطة الطلابية في كافة المواقع التعليمية.

 


وطالب أساتذة الجامعات والأكاديميين بضرورة تطوير التخصصات بما يكفل تلبية احتياجات المجتمع والسوق ووقف الاعتراف في التخصصات التي لا تخدم حاجة السوق، وتفعيل الاتحاد العام لطلبة فلسطين.

 

 


وقُدمت في الورشة أوراق عمل قدمها كل من الدكتور إبراهيم ابراش تحت عنوان "الانقسام السياسي وأثره على العمل الأكاديمي"، والدكتور بسام أبو حشيش تحت عنوان " أثر الانقسام على المناخ الأكاديمي في الجامعات جامعة الأقصى نموذجاً"، والدكتور سمير أبو مدللة ورقة عمل تحت عنوان "اثر الانقسام على الحيادة الأكاديمية والإدارية في الجامعات العامة"، ومحمود الراس عضو قيادة فرع الجبهة في غزة ومسئول العمل الشبابي ورقة عمل تحت عنوان "الإشكاليات والمعيقات في طريق العمل في الوسط الجامعي".

 

 

وقد رصد الدكتور إبراهيم ابراش في ورقته أهم تداعيات الانقسام على الجامعات والحياة الأكاديمية وهي تراجع استقلالية الجامعات وانتشار ظاهرة تسييس الجامعات والأكاديميين، حيث باتت فيها فضاء للصراع السياسي بدلاً من أن تكون فضاء للتنافس العلمي والأكاديمي، فضلاً عن تراجع النشاط الأكاديمي لحساب الأنشطة الحزبية التحريضية، وتراجع جودة الأطر والكفاءات العلمية وضعف مخرجات التعليم، وغياب الرقابة الأكاديمية العليا، وضعف الإدارة وخوفها من مواجهة الطلبة والإداريين الناشطين سياسياً، وانتشار ثقافة الخوف والعنف داخل الجامعات.

 


من جهته، استعرض الدكتور أبو حشيش تداعيات حالة الانقسام على جامعة الأقصى، والذي أثر سلباً على جميع أنماط الحياة الأكاديمية في الجامعة من خلال عدم تمتع الجامعة بالاستقلالية، وتعرض الجامعة باستمرار إلى تدخلات خارجية تعيق عملها كمؤسسة تتمتع باستقلالية وفقاً للقوانين الدولية والوطنية.

 


وأشار د. أبو حشيش أن الجامعة وجدت نفسها محكومة بمرجعتين وكل مرجعية تحاول إصدار قرارات وعلى الجامعة التقيد بها، في ظل اقصاء مستمر لعدد من العاملين في المراكز الإدارية ونقل عدد آخر لمواقع أخرى، فضلاً عن القرارات المجحفة بحق الطلاب، واستمرار تعرض الجامعة لاعتداءات ومداهمات من قبل الأجهزة الأمنية مما أدى إلى حدوث إصابات في صفوف الطلبة، ومنع العمل النقابي بشقيه الطلابي والعاملين، ومنع الطلبة ونقابة العاملين من إجراء الانتخابات، وضعف منظومة المساءلة والرقابة المهنية، وظهور بعض مظاهر الفساد الإداري والمالي منها في التوظيف والتعيينات والترقيات والبعثات، واغلاق الجامعة لفترات معينة، وغياب لثقافة الاحترام والتقدير وإحلال ثقافة الخوف والقلق والكره والتخوين داخل الجامعة.

 


من جانبه، أكد الدكتور أبو مدللة خلال مناقشته لورقة العمل أن الانقسام الفلسطيني أثر على الحياة الأكاديمية في الجامعات والمعاهد وخصوصاً أن معظم الجامعات بها مجالس طلبة تديرها فصائل سياسية، وأن الانقسام ولّد حالة من الشرذمة على الجامعات والكليات والمعاهد الفلسطينية، فلم تعد هناك مرجعية وطنية عليا تشرف على الجامعات والمعاهد، ولم تعد الرقابة والتدقيق على الجامعات والمعاهد والتخصصات الجديدة.

 


وأضاف د. أبو مدللة بأن الحياة الأكاديمية أصبحت مرهونة بسياسات تحقق أهداف أحزاب سياسية، كما أن المناهج التعليمية أصبحت دون رقابة وأصبحت بعض الكليات تخالف الخطة الدراسية وبعض المدرسين يدرسون مساقات دون تنقيح ومراجعة أكاديمية لمحتواها، وأثر الانقسام أيضاً على الحريات الديمقراطية في الجامعات، كما وأصبحت بعض الكليات والأقسام داخل الجامعات حكراً على الفصيل الذي يشكّل أغلبية في الجامعة.

 


وتناول الرفيق الراس في ورقة عمل الجبهة الشعبية بعض الإشكاليات والمعيقات في طريق العمل بالوسط الجامعي ومنها أن صيغة الجامعات وبنيتها المأزومة بسبب توزعها على انتماءات حزبية ذات لون واحد، وحظر الأنشطة الطلابية وارتداداته على حيوية الحركة الطلابية وادائها، وضعف الاستثمار المالي والبشري في جامعات قطاع غزة، تركها فريس للأزمات المالية، وغياب القوانين والرؤية المنهجية والعلمية ومقاييس العصرنة والحداثة لجامعاتنا، ساهم في خنق الحوافز والإمكانات الإبداعية والعقلية والأكاديمية، وعدم فاعلية مراكز البحث العلمي والمجتمعي وعدم مقدرتها على انتاج المعرفة والبحوث والدراسات، وغياب التنسيق الكافي بين الجامعات فيما يخص الدراسات العليا.

 


وأضاف الراس بأنه من أهم الإشكاليات هو استمرار ارتفاع الرسوم الجامعية، وهو ما يؤدي إلى تعميق البعد الطبقي للتعليم، خاصة وأن مجتمع غزة فقير بحاجة ماسة لنضال حثيث ومستمر من أجل مجانية التعليم.

 


وانتقد الراس فتح الباب في كل الجامعات أمام المشاريع الممولة أجنبياً، دون قيود ومحاذير كافية تضمن الحصانة الوطنية للطلبة، بالإضافة إلى التنافس السلبي بين الجامعات وارتداده على المجتمع، وتخريج عشرات الآلاف من المنتسبين لينضموا إلى جيش البطالة، فضلاً عن البعثات الخارجية وعدم وجود آلية واضحة للعمل فيها، وتعطّل الاتحاد العام لطلبة فلسطين بفعل تكلس هيئاته وعجزها وتقدم عمر معظم شاغريها، وغياب سياسة ورؤية وطنية حقيقية، تقوم على منهجية علمية لقطاع التعليم، وقصور المستوى السياسي عن لعب دوره في توجيه العملية التعليمية، وارتهان عملية اختيار إدارات الجامعات والعاملين فيها لمعايير التجاذب السياسي والاستزلام.

 


تجدر الإشارة، إلى أنه جرى نقاش معمق في ورشة العمل، وقد تم التوافق على الاستفادة من التوصيات واستخلاصات ورشة العمل من أجل تنفيذها على أرض الواقع بمشاركة الكل الوطني خاصة الجامعات والأساتذة والأكاديميين، ووزارة التربية والتعليم.

 


كما ناقش المجتمعون رؤية الجبهة الشعبية الخاصة بتفعيل الاتحاد العام لطلبة فلسطين، وذلك من أجل التوافق عليها لتقديمها وطنياً، بما يعيد الاعتبار من جديد للاتحاد ليكون ممثلاً وطنياً للطلبة الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، وعلى اختلاف انتماءاتهم السياسية، بما يشكّل بداية لتوحيد مؤسسات التمثيل الوطني في القطاع الجامعي بعيداً عن تداعيات الانقسام.

 


وتعتبر ورشة العمل هذه باكورة فعاليات وأنشطة سينظمها التجمع الديمقراطي للعاملين في الجامعات والكليات من أجل إعادة الاعتبار للعمل الأكاديمي داخل الجامعات، وتهيئة مناخات الوحدة داخلها.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد