مفهوم اليوم التالي فلسطينيا هو وقف إطلاق النار أي وقف الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع مناطق قطاع غزة ، وعودة النازحين الى ديارهم في مدينة غزة وشمالها، وضمان إعادة إعمار ما دمرته الة الحرب والخراب الاسرائيلية، والاهم سلطة فلسطينية قادرة على الحكم وإدارة شؤون الناس واحترام حقوقهم.

أخشى ما اخشاه ان تستمر الحرب وأن لا يكون هناك يوم تالي والنوايا الاسرائيلية بعدم تقديم اي تنازل، وهذا ما يعبر عنه الواقع الفلسطيني الرث.

في بيان صادر عن لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية الأسبوع الماضي في قطاع غزة بعنوان آن الأوان ل فتح حوار استراتيجي جاد وحقيقي بين قوى الشعب الفلسطيني الحية. 
البيان تحدث عن استهداف دولة الاحتلال للضفة الغربية ومحاولات تهويدها، في الوقت نفسه هناك غموض او غياب للرؤية حول اليوم التالي فلسطينياً، وهل هناك يوم تالي وانتهاء او توقف لحرب الابادة والسياسة الاسرائيلية اصبحت واضحة بان الموقف الاسرائيلي لا لوقف الحرب. 

في نقاش مع الصديق البروفيسور أسعد غانم حول انتهاء الحرب او كما اطلق على حرب الابادة الحالية بانها قد تكون حرب ممتدة أو غير منتهية، وعبر البروفيسور أسعد عن خشبته من  هذا السيناريو السيئ  لنا كفلسطينيين، وشخصياً أشاركه هذا التخوف من أن تكون هذه الحرب ممتدة وخطيرة على القضية الفلسطينية وعلى الفلسطينيين عموما وقطاع غزة خصوصاً، واستنزاف مقدرات وقوة الفلسطينيين وما ينتج عنها من آثار  خطيرة من استمرار القتل والاحتلال العسكري غبّر الدائم وغير المرئي لمناطق في القطاع وتدمير مقدرات القطاع ويؤخر عودة النازحين واستمرار الحصار وتعثر  عملية إعادة الإعمار لا سيما في حال استمرار التوغل العسكري والتدمير والقتل، وتقويض إقامة أي كيان فلسطيني.

وفي ظل ذلك وفي غياب موقف فلسطيني وطني جماعي بفتح نقاش وطني عام وحوار استراتيجي جاد وحقيقي لمواجهة سياسة الاحتلال ليس في قطاع غزة، إنما في الضفة الغربية وهذا يتطلب أيضا  مباشرة القوى الوطنية والإسلامية لتحقيق الوحدة الوطنية والتوافق على استراتيجية وطنية شاملة لإدارة الصراع مع الاحتلال في كل ساحات فلسطين المحتلة، وكذلك التوافق على برنامج عمل وطني لإدارة الشأن الفلسطيني العام.

تسعة أشهر على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال ضد قطاع غزة، ورغم زحمة التفاصيل والأحداث وأخبار المجازر في قطاع غزة والتصعيد في الضفة الغربية وأن جوهر الصراع في الضفة الغربية المحتلة التي تمثل خطراً استراتيجياً على الاحتلال. واستمرار اسرائيل في تنفيذ خططها خاصة والعمل الحثيث من حكومة اليمين بحسم الصراع من خلال خطة الحسم التي يعمل على تنفيذها وزير المالية والوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش.

وهذا السلوك والإجراءات والسياسات وإرهاب وعنف المستوطنين والاقتحامات والإغتيالات والإعتقالات اليومية يدلّ على النوايا الحقيقية للاحتلال تجاه الضفة.

منذ بداية الحرب على قطاع غزة لم تقدم أي جهة فلسطينية مبادرة او فتح حوار وطني يعبر عن حقيقة وخطورة الأوضاع في قطاع غزة، وما صدر من مبادرات فلسطينية كانت قاصرة وهي حلول آنية في جوهرها مساعدة إسرائيل وليس الخروج من حال التيه وخطر تصفية القضية.
وبدل من العمل على إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وترتيب أوضاعها، توجهت القيادة الفلسطينية للاستجابة للضغط الأمريكي والإسرائيلي وتشكيل حكومة تكنوقراط للسلطة الفلسطينية واختزال الأزمة الفلسطينية بالسلطة فقط. 
ما زالت السلطة الفلسطينية بعد 9 أشهر من حرب الإبادة ومزيد من القتل والخراب، والاستسلام للموقف الأمريكي على موقفها والخوف من اتخاذ مواقف وخطوات أكثر جذرية تجاه تحديد العلاقة مع الاحتلال الذي يعمق أزمتها على طريق انهيارها، وهي متمسكة بموقفها ورؤيتها لاستمرار العلاقة مع الاحتلال على حساب العلاقة مع حماس والفصائل الفلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير، ومواجهة التحديات والمخططات الإسرائيلية والأمريكية.
وهي تعمل بطريقة مباشرة وغير مباشرة على تغول الاحتلال وإطالة أمده.  وما زالت القيادة الفلسطينية تتبع سياسة الانتظار وشراء الوقت والاعتقاد بحدوث شيء يغير الحال، مع العلم ان هناك اجماع يهودي من كافة التوجهات السياسية في اسرائيل على تغيير طبيعة العلاقة وجوهر السلطة الفلسطينية والقطع مع قديمها الذي ما زال الفلسطينيين غير راضين عنه، وان نتنياهو يعمل بإصرار على عدم الاعتراف بأي كيانية فلسطينية.
ما زال قسم كبير من الشعب الفلسطيني يعتقد أنه بالإمكان إتمام عملية المصالحة والوحدة الفلسطينية، وأن ذلك كفيل بفرملة الخطط والسياسات الإسرائيلية والأمريكية.
 
وعلى الرغم من استجابة السلطة الفلسطينية للضغط الامريكي لتحديث او تجديد السلطة التي قوضت الحياة السياسية والديمقراطية في الضفة وعدم احترامها سيادة القانون وانتهاكات حقوق الإنسان وانتشار الفساد، مع ذلك لا أتمنى انهيار السلطة الفلسطينية، لا يمكن إصلاح شخص مريض بشيء مريض وهذه الحكومة لم تأت للإصلاح، بل استجابة لطلب أمريكي لكن ما اتمناه هو علاج المريض وعزل من ساهم في وصول الحال الفلسطيني الى ما وصلت إليه من مرض سرطاني خطير وما زلنا نقدم المراهم للشفاء منه.

والمثير للدهشة هو أن حركة فتح ما زالت تتبنى خطاب القيادة الفلسطينية وعدم حتى الجلوس مع حركة حماس؟

لن يكون يوم تالي في قطاع غزة بدون وحدة وطنية وحوار وطني حقيقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، والعمل على تولي مهام إنقاذ القطاع وعودة النازحين من الجنوب الى ديارهم في شمال غزة، وبعد أن تكون عملية إعادة البناء والإعمار قد انطلقت وإذا ما توفرت الإرادة والأموال وحكومة وطنية فإن ذلك لن يستغرق وقتًا طويلاً. وهنا يكون التوافق شرط حول إنجاز المهام وبإعادة بناء البيت الوطني الفلسطيني وهيئاته التمثيلية. وهذا ليس مستحيلًا إذا ما صدقت الإرادة والنوايا والمبادرات الوطنية الخلاقة، وفق جدول زمني لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وإعادة بناء منظمة التحرير وهيئاتها مثل المجلس الوطني الفلسطيني، أُسس ديمقراطية بالانتخابات ما أمكن ذلك، وبالتوافق أينما يتعذّر عقد الانتخابات، وانتخاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وغيرها من هيئات جامعة.

ما هو مطروح اسرائيلياً وامريكيا لن يلبي طموح الفلسطينيين الغزّيين وأهوال الحرب المستمرة والوحشية والدمار والخراب، والتاريخ لن يغفر لجميع المسؤولين عن التأخير في اعادة الاعتبار للمشروع الوطني ومداواة جروح الغزيين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد