الحرب الإسرائيلية الهمجية الشاملة مستمرّة، بكلّ جبروتها، ووحشيّتها وأهدافها سواء في قطاع غزّة، أو الضفة الغربية و القدس ، في حضور حكومة فاشية، مصمّمة على تحقيق النصر المطلق، وعالم يغازلها، ويتخبّط في خطابات ومواقف متناقضة.
يستمرّ العالم في الوقوف عند خطابات التحذير، والتنديد وتعطيل دور مؤسسات العدالة الدولية، ومؤسسات الأمم المتحدة، فيما يواصل من يملك القدرة على وقف حرب الإبادة، تقديم كلّ أشكال الدعم العسكري والسياسي والإعلامي.
الموقف الأميركي لا يزال يقف عند حدود المطالبة بتحرير الأسرى الإسرائيليين، مقابل زيادة إدخال المعونات، ويواصل التمسّك، باستمرار الحرب لإزالة حركة حماس ، والمقاومة بطرقٍ أخرى، غير التي يعتمدها «مجلس الحرب» لتحقيق هدف إنجاز «صفقة التطبيع» مع المملكة العربية السعودية.
تحتلّ إسرائيل معبر رفح ، وتتمدّد قواتها على مسافةٍ طويلة من «محور فيلادلفيا»، وتشنّ حرباً على رفح، لا تريد الإدارة الأميركية الاعتراف بأنّها تستهدف كلّ منطقة رفح، ولكن وفق تكتيك قفزات الكنغر بهدف التضليل على قرار الاجتياح الكامل.
الدبّابات الإسرائيلية تجاوزت شارع صلاح الدين، نحو الغرب حيث المناطق السكنية، وربما وصلت إلى وسط رفح، فيما القصف لا يتوقّف على كلّ مناطقها، بما في ذلك المواصي، وما تسمى «المناطق الآمنة»، حرب التجويع لا تزال على أشدّها، فالمعابر كلّها مغلقة، أمام الجرحى، وحركة المسافرين، والمواد الإغاثية، دون أن يخفف من حرب التجويع، بضع شاحنات، نقلت بعض المواد الإغاثية الثانوية، من خلال «الرصيف البحري»، الذي أقامته الولايات المتحدة.
لم تتراجع معدّلات القتل والإصابات اليومية، ولا عدد الوحدات السكنية التي تتعرّض للتدمير، وضحايا الجوع والمرض، وفي الضفة تستمر الحرب على الوجود الفلسطيني، أرضاً، وبيوتاً وبنى تحتية، وقتلا واعتقالات بالجملة، بمشاركة جيش الاحتلال وميليشيات مستوطنيه، واقتحام المدن والمخيمات، بما في ذلك استخدام الطيران الحربي، الذي يبدو أنّ تدخله سيزداد في حرب الاغتيالات والتدمير.
نتحدّث عن العالم لأنّ العرب بالجملة، اختاروا أن يكونوا خارج المشهد الفاعل، حيث انعقدت قمّتهم في العاصمة البحرينية المنامة، في رحاب القواعد الأميركية، ليصدروا بياناً لا يستحق الورق الذي كُتب عليه، ولا يلفت نظر أحد، لا مواطن ولا سياسي.
الحرب العدوانية مستمرّة، ولا نيّة لدى بنيامين نتنياهو وفريقه للتوقف بدعوى أنّ التوقف يعني الهزيمة، والنّيل من كيانه وجيشه وبقائه.
يصرّ نتنياهو على الإفراج عن أسراه، عبر الضغط العسكري، فلا ينجح سوى في  العثور على أربع من جثثهم، ما يزيد النار اشتعالاً في الشارع الإسرائيلي، الذي أيقن كذب حكومته وراح يصعّد من مطالبه لإسقاطها وإجراء انتخابات.
الحرب العدوانية مستمرة، بالرغم من الانقسامات المعلنة في «مجلس الحرب»، وآخرها الإنذار الذي وجّهه بيني غانتس لنتنياهو، بأنّه سينسحب مع زملاء آخرين بعد أسبوعين ما لم يوافق نتنياهو على شروطه لمناقشة جملة من القضايا الخلافية الأساسية.
يرفض نتنياهو ويتّهم غانتس، بالتفريط بالوحدة القومية وتوجيه التهديد له، بدلاً من تهديد «حماس».
قد يؤثّر انسحاب غانتس وغادي أيزنكوت وربّما يوآف غالانت من الحكومة و»مجلس الحرب»، قد يؤثّر ذلك على حركة الشارع المعارض للحكومة، وأيضاً على علاقات إسرائيل الدولية، ولكن غيابهم لا يؤدّي بالضرورة إلى فرط «الائتلاف الحكومي» الأساسي، وبالتأكيد لن يُرغم نتنياهو على تقديم الإجابات التي أرادها غانتس.
وفي تحدّ سافر للإدارة الأميركية، يرفض أن يهدي جو بايدن «ورقة التطبيع» مع السعودية، أو الموافقة على جزءٍ من الثمن وهو الذي يتعلّق بـ»حل الدولتين».
نتنياهو يرفض الإجابة عن السؤال التالي، وهو علناً وباستمرار يؤكّد الرفض المطلق لإقامة دولة فلسطينية يعتبرها إرهابية، ويرفض أيّ دورٍ للسلطة الوطنية الفلسطينية في القطاع.
وبالمناسبة لا يختلف غانتس ومن معه، على موضوع رفض «حلّ الدولتين»، ولا يختلف مع نتنياهو على استمرار الحرب ضدّ «حماس» ويبدو أنّ الكلّ متّفق على ما يجري في الضفة، وعلى إضعاف السلطة الوطنية، ومواصلة تجفيف مواردها.
بعد فشل وليام بيرنز الذي عسكر في المنطقة لمدة أسبوع وبعد زيارات متكرّرة، فاشلة من قبل وزير الخارجية، ترسل الإدارة الأميركية جاك سوليفان، تسبقه رسالة ذات مغزى، عَبر مشاركة السفراء: الأميركي والبريطاني والألماني والنمساوي في إحدى التظاهرات الاحتجاجية لأهالي الأسرى.
تخالف الإدارة، وتختلف مع نتنياهو، ولكنها لا يخالف، ولا يختلف بشأن دعمها لإسرائيل وأمنها، ودعمها في حربها ضدّ المقاومة الفلسطينية.
كأنّ الحرب الإجرامية بدأت من جديد، حيث دفعت دولة الاحتلال بجيشها الغازي إلى شمال القطاع، وحي الزيتون، الذي انسحبت منه تحت ضربات المقاومة، بعد أن أعلنت أنّها أنجزت مهمّتها، وحقّقت أهدافها في الشمال.
من غير المستبعد أن تعود قوات الاحتلال إلى خان يونس بعد أن انسحبت منها، فلا تحتاج إلى الذرائع، بعد أن تأكّدت ميدانياً أنّ المقاومة أعادت تنظيم صفوفها في المناطق التي انسحبت منها.
جباليا ومحيطها يشهدان المقاومة، وهي، أيضاً، تتصدّى بكلّ قوة، وعنفوان للقوات الغازية، وتلحق بها خسائر فادحة، وكأنّها بهمّتها وإمكانياتها خلال الأيّام الأولى للحرب الدموية ورسالتها تقول للجميع إنّها لم تنكسر ولن تنكسر. 
في الأثناء، تتزايد تصريحات واعترافات مسؤولين إسرائيليين عسكريين وأمنيين سابقين، تشير إلى الفشل والهزيمة، وعبثية الاستمرار في الحرب، وتتزايد الانقسامات في كلّ ركنٍ من أركان المجتمع والكيان المحتل.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد