لا ادري سببا يدفع بعضهم إلى  تفسير أمور انطلاقا من حذلقة سوداوية او فذلكة تشاؤمية تشدك إلى كل ما هو معسر شدا، فيما تبعدك عن كل ما هو مبشر رغما رغما، فتجعلك على الدوام للسوء رهنا!!!
فالبارحة (الاثنين ٢٥ مارس ٢٠٢٤)، صدر قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بوقف فوري لإطلاق النار في غزة ، فراح بعضهم يفتي في تفسير القرار على هواه، فهذا يقول إن القرار ملزم وذاك يقول إنه غير ملزم، دون ان يبين أي منهما الأساس الذي أصدر رأيه بموجبه سواء كان القرار ملزما او غير ملزم.

فأحدهم اكتفى بالقول أن القرار غير ملزم، لكنه لم يبن عن الأسباب أو الحيثيات التي أدت إلى عدمية إلزامه، مكتفيا بوصفه القرار بأنه "قرار اراح إسرائيل". لكنه في معرض دفاعه وتدليله على صوابية رأيه بأنه "قرار أراح إسرائيل"، أضاف قائلا إن "القرار أراح إسرائيل لأنه أزاح عنها تخوفات كانت تطاردها، وهو صدور قرار ملزم بوقف الحرب وانسحاب الجيش من قطاع غزة". وهنا يجدر بنا--كي نفهم--ان نتساءل: "متى كانت إسرائيل دون تخوفات تطاردها إن على المستوى العمومي، او على مستوى قرارات محكمة العدل الدولية او مجلس الأمن الدولي؟!" وإن صح القول أن القرار الذي أصدره مجلس الأمن يوم أمس ليس ملزما، فما الذي يحول دون صدور قرار ملزم غدا أو بعد غد او بعده، او في أي وقت قادم؟! وهكذا، فإن تخوفات إسرائيل ستظل-كما كانت على الدوام- تطاردها، فهي مسكونة بها، ولا تغادرها. وعليه، فإنه من قبيل مجافاة الحقيقة الثابتة القول إن القرار-بعيدا عن الإلزام من عدمه-قد "أراح إسرائيل لأنه أزاح عنها تخوفات تطاردها وهو صدور قرار ملزم بوقف الحرب وانسحاب الجيش من قطاع غزة".
أما القول بان "القرار سيضاف إلى مئات القرارات السابقة ولقرار محكمة العدل الدولية الصادر في ١٢ يناير حول حرب غزة"، فهو قول لا قيمة له ولا مكان في السياسة  سواء على مستوى العمل او العلم، ذلك ان مثل هذا القول لا يعدو عن "ملأ فراغ" او "فشة غل".

أما القرار مدار الحديث --وإن صح انه غير ملزم--فهو يظل قرارا غاية في القيمة والأهمية لما يلعبه من دور في الدعوة إلى تحشيد المجتمع الدولي ضمن موقف او تكتل واضح ضد ما تمارسه إسرائيل من إجرام وتطهير عرقي وإبادة جماعية، فضلا عن إسهامه ب فتح الأبواب على مصاريعها أمام كل من يطالب بمقاطعة إسرائيل بصفتها دولة احتلال عنصري يمارس الإجرام والتطهير العرقي والإبادة الجماعية. هذا فضلا عما للقرار من أبعاد على مستوى السياسة والأخلاق، دعما لما رأيناه وما نراه وسنراه من جهود ومواقف وتجمعات شعبية ومؤسساتية على طول العالم وعرضه في سياق حركة التضامن العالمي مع شعبنا.

هذا، وللقرار-بعيدا عن إلزاميته من عدمها-فوائدومحاسن ليس من الجائز إنكارها او تجاهلها او التقليل من أهميتها، وأهمها المطالبات بتوقيع عقوبات على  دولة الاحتلال وملاحقتها على المستوى القانوني والقضائي، بواسطة الأفراد أو المنظمات أو الدول التي يجب أن تكون أولها وفي الصدارة منها دولة فلسطين أو السلطة (الوطنية!) الفلسطينية التي كرس رئيسها كل همه ووقته على الهوامش والصغائر والكماليات، تاركا أهم الأسس والركائز والضروريات، إذ اهتم بإقالة حكومة، تمهيدا   لاستجلاب غيرها على مسطرة أمريكية باركتها، دون اهتمام منه بملاحقة دولة الاحتلال الصهيوني على ما ترتكبه ضد شعبنا من جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي، على الرغم من انه قادر على ذلك (لو أراد!!!)
 
أما ٱخر الكلام، فهل القرار الذي اصدره مجلس الأمن الدولي امس (الاثنين ٢٥ مارس ٢٠٢٤) ملزم ام غير ملزم؟ 

القرار-كما أراه- ملزم. يقول أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة نصا وحرفا: 
The Security Council just approved a long-awaited resolution on Gaza, demanding an immediate cease-fire, and the immediate and unconditional release of all hostages.

The resolution must be 
implemented.

Failure would be unforgivable.
((لقد اعتمد مجلس الأمن بخصوص غزة قرارا طال انتظاره، يقضي فيه بوقف فوري لإطلاق النار وإفراج فوري غير مشروط عن جميع الرهائن.

إن هذا القرار واجب التنفيذ، والفشل في تنفيذه لا يغتفر))

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد