في عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا الفلسطينية منذ القدم وحتى يومنا هذا تعتبر "الدبكة" أو "السحجة" من الفنون التراثية الفلسطينية الهامة والاصيلة التي تلازم أفراحنا واحتفالاتنا المختلفة ، لاسيما في سهرات وحفلات الزواج التي تسبق "العرس" بيوم كما هو متعارف عليه ، لذلك يأتي الاهل والاقارب والاصدقاء والجيران والاحباب والمعارف والمعازيم جميعا للمشاركة في هذه الحفلة أو السهرة ، وهناك تكون وصلة دبكة أو سحجة يسارع العديد من المدعوين الى الحفلة أو السهرة للمشاركة فيها كتعبير منهم عن المجاملة أو "الوجهنة" أو المحاباة للعريس وأهله في هذا الحدث الاجتماعي الهام وهؤلاء يطلق عليهم الدبيكه أو السحيجة .
ولكن مع التطور التكنولوجي الهائل وانتشار مواقع النفاق الاجتماعي "التواصل الاجتماعي" تحول التدبيك والتسحيج في الفضاء الالكتروني من مشاركة اجتماعية مثبتة على أرض الواقع وبالعين المجردة الى التدبيك والتسحيج الالكتروني في العالم الافتراضي . ومع أن هناك خاصية ايجابية " للدبيك والسحيج" الاجتماعي الواقعي وهي خصلة حميدة يريد من خلالها تقديم الواجب للعريس وأهله وتوطيد أواصر العلاقات الاجتماعية الى أن الدبيك والسحيج السياسي والحزبي والفصائلي لديه خصال خبيثة في الغالب الهدف منها "هز الذنب" أو "الزبزبه" أو الوصول الى مصلحة شخصية معينة .
وهناك بعض الشواهد على التدبيك الاجتماعي منها أن يقوم "الدبيك" مثلا بحمل العريس في السهرة على ظهره بغض النظر عن وزن العريس ان كان من العيار الثقيل أو الخفيف ودون اكتراث لخلجة في الظهر أو ضعضعة في العمود الفقري ويرقص به أمام الجمهور والحضور ، من أجل أن يبين أمام المعازيم والحضور" أنه واقف وقفة منيحة مع العريس وأهله " ، أما التسحيج السياسي فيقوم السحيج مثلا بنشر صورة للمسؤول الفلاني سواء كان لوحده أو مع سيلفي على أحد مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي وينعته بعبارات مثل : " قائد بحجم وطن " أو "المعلم الكبير" أو "القائد العظيم" و غيرها من الاوصاف والمسميات التي يخجل حتى صلاح الدين الايوبي وخالد بن الوليد أن يوصفوا بها .
ومن بعض الصفات التي يتحلى بها السحيجة أو الدبيكة بغض النظر عن انتمائهم الحزبي أو السياسي أن غالبيتهم منبوذين ومكروهين في عائلاتهم وقراهم ومدنهم ومخيماتهم وحتى البعض في احزابهم نتيجة تملقهم ونفاقهم ووصوليتهم الزائدة عن الحد .
وعادة ما يكون جميع الدبيكة والسحيجة بلا مبدأ ولا رأي ومتقلبون حسب الريموت كونترول الذي يتحكم بهم ، وهم أيضا بلا كرامة ولا شخصية ولا فهم ولا وعي ولا ادراك ولا ثقافة عميقة أي من "قوم تُبع" .
وهم بالمطلق يقدمون مصلحة حزبهم الضيقة بطريقة عمياء على مصلحة الوطن العليا ويقدسون الاشخاص "المسؤولين" ويعبدونهم ويكفرون بالفكرة الحرة ويحاربونها لأنهم على دين معلميهم ، وما يهمهم فقط أن يحافظوا على مصالحهم وامتيازاتهم الشخصية أو الوظيفية عبر مواصلة التسحيج أو ربما يكون في استمراره واعتناقه بهدف التغطية على أوساخ العديد منهم .
ان الاخطر من كل ما ذكر أن الدبيك أوالسحيج السياسي هو في جميع أحواله بوق فتنة وشر ينشر ويبث سمومه على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة من أجل أثمان بخسة لإرضاء أسياده ومشغليه حسب طول وقصر " الرسن " المربوط في عنقه ، وهو بالمناسبة يخدم الاحتلال الاسرائيلي في أغلب الاحيان بطريقة غير مباشرة نتيجة جهله بصرف النظر عن فلسطينيته ، وذلك من خلال بثه ونشره التفاهات والاشاعات والتهجمات وكشف العورات والاتهامات بحق أي طرف أو جهة أو حزب أو شخص بمجرد أن يختلفوا معه في الرأي أو فكريا وسياسيا ، مما يعني أنهم ليس لديهم أي مسؤولية وطنية أو أخلاقية ويثيرون في غالبية منشوراتهم وبوستاتهم وتغريداتهم النعرات المناطقية و الطائفية والاجتماعية والحزبية والوطنية والدينية داخل المجتمع الفلسطيني ويقسموننا أكثر مما نحن مقسمين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية