وضع ملف الاستيطان، في الاتفاق الفلسطيني ـ الإسرائيلي، كإحدى قضايا الحل الدائم، القابلة للتفاوض، بهدف ـ يراه الفلسطينيون ـ إنهاء حالة الاستيطان.
يبدو أن الإسرائيليين، رأوا في وضع ملف الاستيطان، في الاتفاق الفلسطيني ـ الإسرائيلي، كإحدى قضايا الحل الدائم، فرصة عظيمة لتكريس الاستيطان من جهة، والعمل على توسيعه قدر الإمكان، إبّان جولات التفاوض، وفي فترات توقفها على حد سواء.
ما حدث في الأيام القليلة السابقة، كشف بما لا يدع مجالاً للشك، مدى عنصرية وفاشية فئات من المستوطنين، الذين يرون في بقاء الفلسطينيين فوق ترابهم الوطني، عدواناً على المشروع الإسرائيلي العنصري والفاشي على حد سواء.
ما كشفته الأحداث الأخيرة، وخاصة حرق عائلة الدوابشة، في دوما ـ نابلس ، هو أن حكومة نتنياهو، ومعظمها من المستوطنين، باتت تشكل مظلة حقيقية، لعصابات المستوطنين، وللمتطرفين منهم، وهي مظلة واقية وراعية وحامية لأفعال المستوطنين، من قتل وحرق وتدمير للمقدسات.
جاءت عملية حرق عائلة الدوابشة، كتعبير واضح، لا يقبل التأويل، عن حالة عنصرية ـ فاشية، استيطانية، ترعاها حكومة نتنياهو. جاءت ردود الفعل الدولية واضحة وبيّنة، ومنها الموقف الأميركي.
هناك حالة، مكشوفة للعيان، وباتت الاستنكارات الرسمية الإسرائيلية، غير قادرة على تغطيتها، وعلينا كفلسطينيين، أن نبلور ردنا، وخطى تحركنا الدولي والإقليمي بدقة وعناية، ودون انفعالات قد تخسرنا الكثير.
هناك دعوات انفعالية، بعضها فصائلي للأسف، وهناك ردود متزنة، تأخذ في الحسبان، الحالة القائمة، فلسطينياً وإسرائيلياً على حد سواء. في الحالة الفلسطينية، هناك توجهات صادقة ومخلصة، باتت تتحسّس مدى نجاعة عقد دورة موسعة للمجلس الوطني الفلسطيني، تتداول في حالتنا القائمة، وتسعى لتشكيل إطار فلسطيني قيادي موسع، فيه الائتلاف وفيه الخلاف. كما وتسعى لإحكام المرجعية العربية للتحرك الفلسطيني دولياً، والعمل على تقديم دعوى رسمية لمحكمة الجنايات الدولية، بجريمة حرق عائلة الدوابشة... العمل الفلسطيني، باتزان وهدوء، ودون ردود أفعال سريعة، من شأنه، أيضاً، أن يكشف عنصرية حكومة نتنياهو، التي تحمي الاستيطان وترعاه، وترعى العناصر والفصائل الإجرامية فيه، هذه الحكومة التي صرحت وزيرة العدل فيها، بأن الطفل الرضيع الدوابشة، ما هو إلاّ أفعى صغيرة، ومن المعروف والمتداول، بأن الأفعى الصغيرة، لا تستحق سوى القتل، لأنها ستصبح في المستقبل أفعى قادرة، على القتل.
من الصعب، بل ومن المحال، أن يتمكن نتنياهو، من تغطية هذه الجريمة، أو إنزال العقوبات على مرتكبيها، وبالتالي فإن التفاعلات داخل المجتمع السياسي الإسرائيلي، من شأنها الإطاحة بحكومة نتنياهو، وإجراء انتخابات مبكرة.
الأمور تحتاج إلى أناة ودقة في التحرك، والابتعاد عن الانفعالات التي أضرّت بنا، كفلسطينيين، في مراحل سابقة، أيّما إضرار.
الموقف الدولي، ومنه الأميركي، بشأن ما حادث في دوما، مع عائلة الدوابشة، يحتاج إلى حاضنة فلسطينية سليمة وقادرة على استثمار هذا الموقف الدولي، وتوظيف ذلك، في المعركة الفلسطينية العادلة والقانونية، فيما يتعلق بملف الاستيطان والمستوطنين، على اعتباره مخالفاً للقانون الدولي بالأساس، وبات يهدد حياة وأمن وأمان الفلسطينيين جميعاً!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية