يبدو أن رئيس حزب الليكود ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي أعلن عن تعليق تشريعات الخطة القضائية في الكنيست ، الى ما بعد الاعياد اليهودية، و فتح حوار بين الاطراف السياسية، لن يتراجع عن الاستمرار في خطة الاصلاح القضائي.


وتشير  الأمور  إلى عدم حدوث أي تقدم في المحادثات، و إن الحكومة متمسكة  في تقديم خطتها واحداث التغيرات التي وضعتها.


وعلى الرغم من أن  قادة الاحتجاجات أعلنوا، أنهم لا يثقون بإعلان نتنياهو تعليق التشريعات، ويقولون إن نتنياهو يخدع الجمهور وأنه ليس معنيا بالتوصل إلى تسوية حول الخطة التي ستكون في صالحه للتخلص من محاكمته في حال نجاحها.


وعلى إثر تدهور الأوضاع الأمنية واطلاق الصواريخ من لبنان، والتحذيرات الأمنية المستمرة من قادة الجيش والاجهزة الامنية، والتي تؤكد على حدوث عمليات وتصعيد اكبر خلال الايام القادمة، وفي ظل اقتحامات اليهود المتطرفين وأمناء جبل الهيكل للمسجد الاقصى.


 اضطر  نتنياهو إلى تعليق الإقالات الى وقت لاحق. قد يكون ذلك بسبب الخوف من رد فعل غاضب آخر من الجمهور الاسرائيلي المعارض، والاحتمال لعودة احتجاجات جنود الاحتياط الذين عادوا لتطوعهم في جميع وحداتهم المختلفة بعد تأجيل الخطة.


حتى الآن ما زال وزير الامن يوآف جالانت معلقاً وبأجنحة مقصوصة، وما زال سيف الفصل فوق رأسه، ويظل جالانت وزيرا مؤقتا للدفاع، ومن الواضح أن نتنياهو يفضل التخلص منه، ويعتبر  تصريحه للصحافة خطأً فادحاً، وربما يكون قد تمكن من تمرير التغييرات في القانون الأساسي.


 وزير الامن الاسرائيلي يوأف جالانت وتحت تأثير قادة الجيش اضطر إلى اتخاذ موقف وعقد  مؤتمرا صحافيا تحدث خلاله عن الأضرار الأمنية والسياسية لخطة إضعاف جهاز القضاء. يواف جالانت، يُنظر إليه على أنه مخلص للنخبة العسكرية التي عارضت الإصلاح بشدة، واتُّهم بحماية الآلاف من الطيارين وغيرهم الذين أعلنوا أنهم لن يخدموا في ظل الدكتاتورية.


أول أمس نشرت صحيفة هارتس ان نتنياهو خصص خلال الأيام التي سبقت عشية عطلة الفصح  لسلسلة زيارات لمختلف الأجهزة الأمنية. واستعداداً لاستمرار الانقلاب، يريد نتنياهو  إعادة ترويض الجنرالات في الجيش الإسرائيلي. وقد يكون التصعيد في الشمال و غزة والضفة الغربية أفسد خططه مؤقتاً. 


وتم تداول مقطع فيديو  من زيارته لمقر هيئة الأركان العامة للجيش، وشوهد جالانت فيه يهنئ نتنياهو، بينما يتجاهله الأخير ، وبعد ذلك هنأ نتنياهو الجنرالات على مساهمة الجيش الإسرائيلي في أمن البلاد.


وبحسب هآرتس تلقى رئيس الأركان والجنرالات محاضرة طويلة، بعضها بنبرة توبيخ. وكان الكثير من غضب نتنياهو موجهًا لاحتجاج الاحتياط، وسبق له أن وجه في خطاباته انتقادات شديدة وقوله أن القيادة العليا للجيش الإسرائيلي لا تفعل ما يكفي لمحاربة ما يصفه بالتردد. وانتقد نتنياهو الجنرالات بالقول أنتم جيش يكلف (الدولة) 70 مليار شيكل سنوياً، وقد تسببتم باضرار  للحكومة، هذا غير ممكن. لا يوجد شيء مثل ما يفعلونه جنود الاحتياط، كما يحلو لهم.


وقبل حوالي أسبوعين، قال نتنياهو إنه يطالب المؤسسة  الأمنية ​​بمواقف حازمة ضد الرفض، وإن الاستسلام للمتردد خطر رهيب على إسرائيل، لأن الدولة لا يمكن أن توجد بدون الجيش الإسرائيلي. لن تكون هناك دولة. ولا مجال للتردد في الخطاب العام، دولة تريد الحياة لا تستطيع أن تتحمل مثل هذه الظواهر ولن نتحملها.
ووجه نتنياهو الاتهامات للجيش، وأشار إلى الخلاف السياسي حول النظام القضائي، واسكت أحد الجنرالات الذين حاولوا معارضة الاتهامات ضد جنود الاحتياط. 
لم يتدخل غالانت، الذي حصل على تخفيض مشروط في عقوبته قبل يوم واحد فقط وتم تجميد إقالته.


وشبه نتنياهو الأزمة في إسرائيل بالمظاهرات العاصفة التي تجري في فرنسا، احتجاجاً على خطط الرئيس إيمانويل ماكرون لإجراء تغييرات في سن التقاعد. وقال لماذا لا يفكر الجيش في الإضراب؟ بالمناسبة الجيش في فرنسا هيئة مهنية، وهو لا تعتمد على الخدمة الإلزامية للشباب ولا تعتمد على دافع جنود الاحتياط الشخصي  للإبلاغ عن الخدمة كما في إسرائيل.


وفي السياق ذاته ويفهم على أنه جاء تحت ضغط المستوي السياسي نشرت القناة 12، الاسبوع الماضي أن قائد سلاح الجو تومر  بار هدد بإقالة الطيارين الاحتياط بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات ورفض خطة الاصلاح.


ونقل عن بار في محادثاته مع كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي إنه يعتزم تغيير نهجه الشامل، تجاه الطيارين الذين جمدوا تطوعهم في الاحتياطيات بسبب الانقلاب. وأوضح بار للقادة الذين تحدث معهم أنه في حالة إعلان الطيارين مرة أخرى عدم استعدادهم للخدمة، سيتم فرض عقوبات عليهم وقد يتم استبعادهم من النشاط العملياتي.


وفي مناقشة مغلقة من المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، ورئيس الشاباك، رونين بار، والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، عبروا عن رفضهم اقامة الحرس  القومي، بعد مصادقة الحكومة الإسرائيلية رسميا على إقامته في وزارة الأمن القومي، في أعقاب الصفقة بين، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.


ذكرت مصادر أمنية إن رئيس الشاباك عبر خلال محادثات مغلقة عن معارضته لإقامة "الحرس القومي" على خلفية عدم وجود عمل منظم ومشترك حول الموضوع، وعقب الشاباك بالقول إن موقفه، سينقل إلى صناع القرار في هذا الموضوع.


يبدو أن اقالة حالنا اخافت رئيس الشاباك لذا لم يعبر عن موقفه علنا، خوفاً من التوبيخ أو حتى الاقالة. لذا يظل الاعتقاد أن نتنياهو ماض في استكمال خطة الاصلاح القضائي، على الرغم من الاوضاع الامنية المتدهورة والازمة السياسية.


ايضاً فإن قادة الجيش مهما امتلكوا من قوة، والادعاء انهم يمثلوا الدولة العميقة، وان الجيش هو جيش الشعب، لكن في الاساس يتم تعيينهم من قبل المستوي السياسي، والخشية من اقالتهم واردة، وهم لا يشكلوا اعتراضا قد يكون اداة سياسية معارضة، وهم لا يستطيعوا مخالفة قرارات الحكومة ورئيسها. 


وعليه فهم لم يستطيعوا الذهاب بعيداً في رفض الاحتجاجات وحماية جنود الاحتياط خاصة من الطيارين.


نتنياهو والائتلاف الحاكم مستمرون في تنفيذ خطة الاصلاح القضائي، وله اغلبية، وهي أكثر أيديولوجية وذات غالبية صلبة ومتماسكة بـ 64 عضواً في الكنيست، وتتشكل من ائتلاف يميني قومي ديني، من أقصى اليمين العنصري الفاشي، وأكثر غطرسة، وهي تعتقد ان هذه فرصة تاريخية لفرض اجندتها الايديولوجية، وسياساتها العنصرية وفرض السيادة اليهودية، واستكمال خططها الاستعمارية الاستيطانية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد