لقد دفع الأطفال الفلسطينيون ثمناً باهظاً جراء الاعتقالات الاسرائيلية على مدار سني الاحتلال، ومن يقرأ شهادات من مرّ منهم بالتجربة يُصاب بالذهول والصدمة، ويكتشف أن مراكز الاحتجاز وأقبية التحقيق، ليست سوى مسلخ للطفولة الفلسطينية وافتراس لكل ما هو جميل ورائع في حياتهم، وأن ما تضمنته الاتفاقيات الدولية من نصوص جميلة ذات علاقة بحقوق الطفل ليس له مكانة على أجندة الاحتلال حين يكون الأمر متعلقاً بالأطفال الفلسطينيين.

ويُقدر عدد من اعتقلتهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967 بما يزيد عن (50.000) طفل فلسطيني، ذكوراً وإناثاً، دون مراعاة لصغر سنهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ودون توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية والإنسانية. كما لم تحترم القواعد النموذجية الدنيا في معاملة الأطفال الفلسطينيين المحتجزين في مراكز الاعتقال والتوقيف، بهدف تشويه واقعهم وتدمير مستقبلهم والتأثير على توجهاتهم المستقبلية بصورة سلبية وخلق جيل مهزوز ومهزوم.

وواصلت سلطات الاحتلال اعتقالاتها للأطفال، في كل الاوقات والأزمنة ودون توقف، حيث جعلت من اعتقال الأطفال الفلسطينيين الملاذ الأول ولأطول فترة ممكنة، بخلاف ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحديداً اتفاقية حقوق الطفل. وقد سُجل اعتقال نحو (882) طفلا خلال العام المنصرم 2022، فيما اعتقلت سلطات الاحتلال ما يزيد عن (250) طفل منذ مطلع العام الجاري، جُلهم من القدس ، ومازالت تحتجز في سجونها ومعتقلاتها قرابة (170) طفلاً في ظروف صعبة.

ويعمد الاحتلال إلى اعتقال الأطفال من منازلهم ليلًا، وأحياناً يتم اعتقالهم وهم يلعبون في الشوارع أو وهم في طريقهم إلى المدارس، ويزج بهم في السجون والمعتقلات، ويُحتجزهم في ظروف سيئة للغاية وضمن شروط حياتية قاسية، ويُعاملهم معاملة لا إنسانية وأحياناً يُعاملهم بقسوة وعنف، ويُحرمهم من أبسط الحقوق. كما ويعرضهم لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، وتُشير الاحصائيات الى ان جميع الاطفال الذين مرّوا بتجربة الاعتقال، تعرضوا لشكل او أكثر من اشكال التعذبب الجسدي او النفسي،  هذا بالإضافة إلى فرض الاحكام القاسبة والغرامات المالية الباهظة، و نكاد نُجزم هنا بأن جميع الأحكام التي صدرت بحق الأطفال تكون مقرونة بفرض غرامات مالية باهظة.

وخلال السنوات الأخيرة ناقش الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) وأقر العديد من القوانين التي تستهدف الأطفال الفلسطينيين، وتهدف الى تغليظ الأحكام الصادرة بحقهم.

إن كافة الوقائع والشهادات تؤكد على أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بكل مكوناتها تشارك في استهداف الأطفال الفلسطينيين، في إطار سياسة إسرائيلية ثابتة وممنهجة تهدف إلى تشويه واقع الطفولة الفلسطينية وتدمير مستقبلها. الأمر الذي يستوجب من الجميع،  تدارك خطورة ما تقترفه دولة الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين، والعمل على حماية الاطفال من خطر الاعتقال وتأثيراته.

يُذكر أنه في الخامس من نيسان عام 1995، وفي مؤتمر الطفل الفلسطيني الأول، أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، وأعلن الخامس من نيسان يومًا للطفل الفلسطيني؛ علما بأن المصادقة الرسمية لدولة فلسطين على اتفاقية حقوق الطفل الدولية كانت في 2 نيسان 2014م.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد