تزامنت التصريحات الصحافية حول إعتراف إسرائيل بوجود أسرى إسرائيليين لدى حركة حماس مع ما قدمه ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي توصيات لوزير الأمن، موشيه يعالون، بإعادة النظر بإمكانية فتح المعابر مع قطاع غزة بشكل واسع والسماح بعبور آلاف الغزيين إلى الأردن والضفة الغربية، وذلك للتخفيف من الأزمة الاقتصادية في القطاع.
كما تزامنت تلك التصريحات مع ما يردده نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أن عدداً من الدول التي اتخذت قرار الحرب على غزة قد قررت الانفتاح عليها، وان الإحتلال أبلغ اطرافاً بعدم مصلحته على شن عدوان جديد على غزة، و أن مرحلة الإنفراجة إقتربت والفترة المقبلة ستكون ايجابية وذلك دون ثمن سياسي، ولن نذهب للحرب.
كل هذه التصريحات والإستعدادات توضح مرحلة جديدة وأكثر من مصدر إسرائيلي في الجيش الإسرائيلي استبعد اندلاع مواجهة عسكرية مع حركة حماس في الفترة القريبة، وأن حماس غير معنية بمواجهة عسكرية جديدة في الوقت الراهن، و باتت بلا إنجازات جدية ومعزولة سياسيا وعلاقاتها مع مصر لا تزال متوترة، لذا خلصت قيادات أمنية إسرائيلية إلى أنه بالإمكان التوصل إلى "هدوء طويل الأمد" على طول الحدود مع غزة من خلال التسهيلات الاقتصادية الواسعة.
الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في القطاع تزداد تعقيداً و نسبة البطالة بين الشباب على ضوء المعلومات التي نشرها مركز الإحصاء الفلسطيني والبنك الدولي وصلت الى 60 في المائة، ومعدل البطالة الأعلى في العالم وبلغت 43 في المائة، وتراجع قطاع الصناعة بنسبة 60 في المائة، واعتماد 80 في المائة من سكان القطاع على الإعانات الاجتماعية للحصول على غذائهم، وبأن 40 في المائة من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر الوطني في فلسطين لكل من يبلغ دخله الشهري 2293 شيكل, فيما يعيش 21 في المائة من سكان القطاع خط الفقر المدقع لمن يبلغ دخله شهرياً 1832 شيكل.
بعد عام من الحرب وثماني أعوام من الحصار و الإنقسام لم يحقق الفلسطينيين سوى مزيد من الإنقسام، و الحركتين تمضيان في مشروعهما نحو تعزيز الفصل اكثر وإبقاء الوضع على ما هو عليه بما يخدم مصالحهما ومصالح اسرائيل وخططها ومشاريعها بتعزيز الفصل وتقديم التسهيلات من خلال اتفاقات منفصلة سواء بتقديم التسهيلات او بوقف اطلاق النار وعقد صفقة طويلة الامد وكل ذلك من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه من انقسام وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.
إسرائيل تسعى من وراء ذلك إلى تحقيق مصالحها الأمنية والسياسية ومنها التقليل من حدة الانتقادات الدولية للحصار الإسرائيلي على القطاع، والإستمرار بتعزيز الفصل و الانقسام بين الفلسطينيين، و مستمرة في إبقاء الوضع القائم و في فرض وقائع على الارض في الضفة الغربية بمزيد من الاستيطان وتهويد القدس ، وتسهيل عملية الإنفصال الجغرافي والسياسي بين الضفة والقطاع بمساعدة وصمت منا، والتي بالمناسبة بدأت بتنفيذ مخططها هذا منذ العام 1991، ولنا مقالين سابقين بهذا الخصوص، وقبل التوقيع على اتفاقية اوسلو وهو ما عبرت عنه جميع الحكومات الاسرائيلية السابقة وتسابقت في تنفيذه ولقطع الطريق على حل الدولتين. وجاء الإنقسام وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وقبل ذلك خطة الفصل في العام 2005 لتعزيز ذلك.
ومع كل ذلك ما زالت حركتي فتح وحماس تسيران في نفس النهج بتعزيز الفصل وخدمة إسرائيل و إنتظار ما تقوم به إسرائيل من تعزيز الفصل والانقسام والحصار، وعدم التصدي له، و الحركتين تستقبلان التسهيلات والمكرمات الإسرائيلية، ومن دون أي مواجهة حقيقية أو التصدي لإفشال تلك المشاريع، و تتسابقان بالخلاف ورفع الشعارات بالتحرير مرة عسكرياً وسلمياً ومرات دبلوماسياً وقانونياً من دون تحقيق أي نتيجة ومن فشل لأخر.
و إنتظار الوعود الإسرائيلية في تعميق الشرخ بالتسهيلات و الإنفراجات وإبقاء الحال على ما هو عليه ومنح الناس أكسير الحياة بإبقائهم أحياء والوضع القائم حسب ما تريد إسرائيل، وكل ذلك غير مقنع للناس في غياب الشفافة وكيف لهم أن يصدقوا حقيقة أن كل ما يجري من دون أي ثمن سياسي مع أنه فعل وسلوك سياسي بامتياز.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية